ومع استمرار التصعيد بين الطرفين، كشفت تقارير إسرائيلية عدة عن عمق الاختراق الاستخباراتي في هيكل حزب الله لدرجة الحديث عن قدرة إسرائيل على اغتيال حسن نصر الله، فهل تقدم إسرائيل على خطوة من هذا النوع أم أنها ستكتفي بالتهديد ضمن حسابات ردعية؟
في خضم هذه التساؤلات، يسعى الطرفان، إسرائيل وحزب الله، إلى تسجيل النقاط التصعيدية ربما لتعزيز توازن الردع.
وأثار عرض العضلات الجوي الذي نفذه حزب الله عبر الاستطلاع في شمالي إسرائيل، انزعاجا كبيرا، لأن الخرق الجوي ومحتوى التصوير هو الأكثر إثارة للقلق منذ بداية الحرب.
وفي هذا الإطار، أشار الكاتب والباحث السياسي أسعد بشارة، خلال حواره مع غرفة الأخبار على “سكاي نيوز عربية” إلى استمرار التصعيد بين الطرفين، مصحوبا بحروب نفسية متبادلة، مضيفا:
- ما صرحت به إسرائيل حول قدرتها على اغتيال نصر الله يمكن اعتباره تهديدا جادا استنادا إلى سوابق نجاحها في اغتيال قادة ميدانيين بارزين مثل أبو طالب ووسام الطويل وغيرهم من القيادات، بما في ذلك قيادات الحرس الثوري الإيراني في سوريا.
- تتوفر القدرات العملياتية لتحقيق هذا الهدف، إلا أن القرار السياسي بالمضي قدمًا في التنفيذ لم يُتخذ بعد على مستوى حكومة الحرب الإسرائيلية.
- لم تكن هناك أي مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران أو حزب الله عبر الخط الأزرق، إلا عند اندلاع حرب غزة.
- ليس هناك توازن بين قدرة حزب الله على ردع إسرائيل بضربات نوعية وقدرة إسرائيل على أن تحول لبنان إلى غزة ثانية.
- بإمكان رشقات حزب الله بأعداد هائلة من الصواريخ أن تعجز القبة الحديدية عن صدها وقد تصيب مراكز قيادية وحيوية في إسرائيل ما من شأنه أن يؤلمها.
- لا يمكن توقع نوعية الرد الإسرائيلي في حال وجود رشقات من حزب الله.
- تصريحات نصر الله تأتي في سياق محاولة منع إسرائيل من توجيه ضربة كبرى أو الانتقال إلى حرب.
- الغاية من هذا الضغط النفسي والحرب النفسية هي توجيه رسالة واضحة إلى إسرائيل بضرورة التفكير مليا قبل الإقدام على أي عمل عسكري.
- يُتخذ القرار في إسرائيل بهدوء وتعقل، نظراً لوجود خطر وجودي يهدد الدولة.
- تأكيد نصر الله بوضوح عدم رغبته في الدخول في حرب، موضحاً أن حركة حماس هي الجهة الوحيدة المشاركة في القتال.
- حزب الله وإيران، ملتزمتان بخطوط حمراء محددة وواضحة جيداً ولا يسعيان لأي مواجهة عسكرية.
- تواصل الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل، في حين تعمل إيران على تقييد تحركات حزب الله وإدارته بشكل دقيق ويتجلى هنا تقاطع مصالح مشترك بين الأطراف المختلفة لضمان عدم تمدد النزاع إلى ما وراء حدود قطاع غزة.
- إسرائيل تشعر بالقلق من تكرار أحداث السابع من أكتوبر في الشمال، وتسعى لضمان أمنها ضد أي محاولة مشابهة.
- عزم إسرائيل على تحييد حزب الله ودفعه باتجاه شمال نهر الليطاني.
- انشغال الإدارة الأميركية بالمعركة الرئاسية الجارية يعني أن الأمور متروكة لكل الاحتمالات.
- حاولت الولايات المتحدة، من خلال هوكستين، تخفيف وتيرة التوتر دون الوصول إلى حرب كبرى، ومع ذلك، قام بنقل شروط إسرائيلية قوبلت برفض واضح من قبل نصر الله.
- لم تؤدِ الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر، أو صواريخ حزب الله، إلى أي تغييرات جوهرية في معادلة غزة، التي تتعامل مع تحدياتها بشكل مستقل.
من جهته، يقول الكاتب والباحث السياسي عبدالله زغيب، خلال لقائه مع غرفة الأخبار على “سكاي نيوز عربية”:
- أسفرت زيارة المبعوث الأميركي الأخيرة والمشاحنات الداخلية الإسرائيلية عن تهديدات متنوعة صدرت من المعارضة وكذلك من جانب الليكود الحاكم أو الائتلاف الحكومي تجاه لبنان.
- سعى نصر الله في خطابه إلى تحقيق نوع من توازن الرعب على عدة مستويات: الخطابية، والتوجهات الموجهة للرأي العام.
- يجب فصل النقاش عما يُعرف بـ”الرأس الحامي” في السياسة والخطابة والإعلام.
- هناك قدر معين من التهديد الذي يشكله حزب الله لإسرائيل، أما فيما يتعلق بمسألة التوازن، فهي تتطلب وجود دولة على مستوى يمكنها الحفاظ عليه، بحيث تحتاج إلى جيش متكامل يضم القوات البحرية والبرية.
- نجحت هذه الفصائل حتى الآن في خلق نوع من الردع المؤقت لدى إسرائيل بغض النظر عن كونها تنظيماً شبه عسكري وليس جيشاً تقليدياً بمفهومه الكامل.
- القضاء على منظمات مثل حزب الله أو حماس يتطلب استهداف هذه التنظيمات وقتل جميع أفرادها، الأمر الذي يعكس عملية اغتيال شاملة.
- بالنسبة لحزب الله، الوضع يختلف بشكل ملحوظ عن الساحة في غزة، فلبنان يتسم بالامتداد الإسنادي من الداخل السوري، والذي بات مرتبطًا بدوره بإيران. وهذا يمنح حزب الله قاعدة دعم قوية.
- إذا وُجدت نية حقيقية مدعومة برأي عام إسرائيلي قوي ومتحد لإنجاز هذه المهام عبر عملية طويلة الأمد تمتد من سنتين إلى ثلاث سنوات، فقد يكون بإمكان إسرائيل محاولة تطبيق تلك النظريات، ومع ذلك، نظراً للانقسامات الحالية داخل القيادة الإسرائيلية وبين اليمين واليسار، أرى أن تحقيق هذا الهدف سيكون تحديا كبيرا للغاية.
إسرائيل ترصد أمين عام حزب الله
إسرائيل أكدت مرارا أنها تتتبع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وتمتلك المعلومات التي تمكنها من تصفيته، لكن خطوة من هذا النوع تنطوي على حسابات بالغة التعقيد قد تفرز نتائج عكسية، فما الذي يكبح إسرائيل؟
- الانتقام والتصعيد
يمكن أن يؤدي اغتيال نصر الله إلى انتقام شديد من حزب الله، أو يؤجج النزاع في المنطقة. فلدى حزب الله ترسانة كبيرة من الصواريخ والقذائف القادرة على بلوغ الأراضي الإسرائيلية، والسيناريوهات ترجح هجوماً كبيراً رداً على اغتيال نصر الله إن حدث.
- الاستقرار السياسي في لبنان
قد يؤدي اغتيال نصر الله إلى زعزعة في البنيان السياسي بلبنان في ظل فراغ رئاسي وقد تنجم عن ذلك صراعات داخلية وفوضى شاملة.
هذا الاضطراب إن حدث فله ارتداداته أوسع على المنطقة، وعلى أمن إسرائيل ومصالح الأطراف الأخرى، مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
- هيكلية حزب الله وخلافته
إسرائيل تحسب لما بعد نصر الله، فحزب الله ليس معتمداً فقط على زعامته. بل هو تنظيم بهيكل هرمي وقادة مؤهلين لتولي القيادة. وقد يكون الخليفة أكثر عدوانية أو أصعب في التعامل، مما يعني وضعا أكثر تعقيدا بالنسبة لإسرائيل.
- الاستخبارات والمراقبة
طالما أن نصر الله حي ويمكن التنبؤ بأفعاله نسبياً، يمكن للاستخبارات الإسرائيلية مراقبة نشاطاته واتصالاته.
اغتياله قد يعطل هذه القدرة على جمع المعلومات الاستخبارية، مما يجعل من الصعب التنبؤ بأفعال حزب الله.
- رد الفعل الدولي
من المرجح أن يؤدي اغتيال زعيم سياسي وعسكري بارز مثل نصر الله إلى تعميق الأزمة الراهنة بشكل يخالف محاولات واشنطن احتواء التوتر في الشرق الأوسط.
الاغتيال يعني تعميق المأزق الأميركي الاسرائيلي أكثر.
ينظر الإعلان عن معرفة موقع نصر الله والقدرة على الوصول إليه يعمل كأداة نفسية لردع حزب الله عن اتخاذ إجراءات متطرفة.
إنها وسيلة لإسرائيل لممارسة الضغط وإبقاء حزب الله تحت السيطرة دون اللجوء إلى الاغتيال المباشر.