أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، التي أشار فيها إلى أن بلاده ستسعى لتولي المسؤولية الأمنية في غزة “لفترة غير محددة” بعد الحرب، المخاوف بشأن نوايا إسرائيل المستقبلية في القطاع وسط دعوات أطلقها مسؤولون أميركيون تتعلق بأهمية عدم المضي قدما بهذا المقترح.
الأربعاء، أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن أن إسرائيل “لا يمكنها احتلال” قطاع غزة، بعد نهاية الحرب التي تخوضها حاليا ضد حركة حماس.
وقال بلينكن في تصريحات للصحفيين من طوكيو: “لا يمكن أن تستمر حماس في إدارة غزة. فهذا ببساطة يمهد لتكرار ما حدث في السابع من أكتوبر.. ومن الواضح أيضا أن إسرائيل لا يمكنها احتلال غزة”.
وتحدث الوزير الأميركي كذلك عن “الحاجة لفترة انتقالية ما في نهاية الصراع.
وقبل ذلك أكد البيت الأبيض، الثلاثاء، أن الرئيس الأميركي جو بايدن لا يدعم احتلال إسرائيل لقطاع غزة بمجرد انتهاء الحرب.
وردا على سؤال حول تصريحات نتانياهو، قال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، إنه سيترك لنتانياهو توضيح ما كان يعنيه بالسيطرة على غزة “لفترة غير محددة.”
وكان نتانياهو قال في مقابلة مع شبكة “إيه بي سي نيوز” في وقت سابق من هذا الأسبوع إن إسرائيل ستسعى لتحمل مسؤولية الأمن في غزة “إلى أجل غير مسمى”.
يقول أستاذ الشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن وليام لورانس إن تصريحات نتانياهو تسببت في حالة من الإحباط وعدم الرضى في الولايات المتحدة.”
ويضيف لورانس لموقع “الحرة” أنه “عندما بدأ الصراع في غزة كان هناك أشبه ما يكون باتفاق بين الولايات المتحدة وإسرائيل بأن الأخيرة يجب أن لا تعيد احتلال غزة”.
ويتابع لورانس: “مع بدء الصراع كانت إسرائيل قد صرحت مرارا في العلن بأنها لن تعيد احتلال غزة، لكن تصريحات نتانياهو تشير إلى أنها ربما تراجعت عن موقفها المعلن والمتفق عليه مع الولايات المتحدة”.
بالتالي يعتقد لورانس أن “هذا الأمر ربما هو من تسبب في خروج بلينكن للعلن للتأكيد على أن إسرائيل يجب أن لا تعيد احتلال غزة وربما الإشارة إلى أن واشنطن ليست على وفاق مع إسرائيل في هذا الإطار”.
خلال الأسابيع التي تلت اندلاع الصراع في غزة تعرض نتانياهو لانتقادات واسعة لعدم تقديمه خطة واضحة لما سيحدث في غزة إذا نجحت إسرائيل في هدفها المتمثل في الإطاحة بحركة حماس.
تنقل صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين أميركيين طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم القول إن تصريحات نتانياهو الأخيرة أثارت هواجس لدى إدارة بايدن، التي ترى أن إسرائيل بحاجة إلى تجنب أي اقتراح يقضي باحتلال مفتوح لغزة.
وتبين الصحيفة أن المسؤولين الأميركيين ربما يكونون أكثر توترا من السابق بشأن خطط إسرائيل المتعلقة بما بعد الصراع في غزة.
وفي تحليل نشرته الصحيفة، الأربعاء، يقول الكاتب آدم تايلور إن نتانياهو “فشل” لغاية اليوم في صياغة أي نوع من الخطط طويلة الأمد لغزة وسكانها البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وهو “أمر لا يمكن تبريره” بأي شكل من الأشكال.
ويبدو أن المسؤولين الإسرائيليين تراجعوا قليلا عن تصريحات نتانياهو، حيث قال وزير الدفاع يوآف غالانت “لن تكون حماس، ولن تكون إسرائيل”، عندما سُئل عمن سيسيطر في نهاية المطاف على غزة بعد الحرب. وأضاف: “كل شيء آخر ممكن”.
وفي وقت لاحق، الأربعاء، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول إسرائيلي كبير القول إنه لا نية لدى إسرائيل لإعادة احتلال قطاع غزة أو السيطرة عليه لفترة طويلة.
وأضاف المسؤول الإسرائيلي للصحفيين في واشنطن في وقت متأخر أمس الثلاثاء، بتوقيت العاصمة الأميركية، مشترطا عدم كشف هويته “نقدر أن عملياتنا الحالية فعالة وناجحة وسنواصل الدفع. إنها ليست مطلقة أو إلى الأبد”، دون أن يذكر إطارا زمنيا.
وإسرائيل غامضة حتى الآن فيما يتعلق بخططها على المدى البعيد لقطاع غزة الذي تديره حركة حماس إذا تكللت بالنجاح عمليتها الجوية والبرية والبحرية الذي جاء في أعقاب هجوم الحركة الدامي في السابع من أكتوبر بجنوب إسرائيل.
يقول لورانس إن “الولايات المتحدة ترغب في أن تقوم اسرائيل بالانسحاب من غزة بأسرع وقت بعد انتهاء الحرب والقضاء على حماس وأن يقوم الفلسطينون بحكم غزة”.
وأشار إلى أن “الولايات المتحدة بالتأكيد ستكون مع أي حل يقبل به الفلسطينون من أهالي غزة وكذلك يحظى بموافقة حركة فتح عليه”.
لورانس أعرب عن اعتقاد أن “من يحكم غزة بعد انتهاء الصراع يجب أن لا يخرج عن السلطة الفلسطينية الموجودة حاليا أو يتم تسليمه لسلطة فلسطينية جديدة يتم إنشاؤها في غزة”.
ويشترط لورانس في السلطة الجديدة أن “تحظى بقبول سكان القطاع وكذلك إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي وأن يتم إنشاؤها من مجموعة من التكنوقراط من أهالي غزة للحلول محل حماس”.
وتشدد واشنطن على مسار حل الدولتين لإنهاء الأزمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين على المدى الطويل.
واحتلت إسرائيل قطاع غزة خلال حرب العام 1967 وبقيت فيه حتى عام 2005 حينما قامت بشكل أحادي بسحب قواتها وتفكيك المستوطنات.
وفي أعقاب ذلك، فرضت الدولة العبرية حصارا على القطاع الذي بات منذ 2007 تحت السيطرة الكاملة لحركة حماس.