يتراوح النقاش بين احتمال انسحاب جزئي إلى إعادة هيكلة هذا التواجد بما يخدم مصالح روسيا ويأخذ في الاعتبار الظروف الجديدة على الأرض.
وهنا أكد الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد أحمد رحال، في حديثه لقناة “سكاي نيوز عربية” أن “روسيا تدرك تماماً أن وجودها في سوريا مرتبط بشكل وثيق بالتحولات السياسية والميدانية”.
وأشار إلى أن معظم الجيش السوري يعتمد بشكل كبير على التسليح والتدريب الروسي بنسبة تصل إلى 95 بالمئة، ما يربط العلاقة العسكرية بين الطرفين ارتباطاً وثيقاً.
وأضاف رحال: “القرار في نهاية المطاف بيد الشعب السوري والقيادة الجديدة، التي قد تعيد النظر في الاتفاقيات مع روسيا، خاصة تلك التي أبرمت مع نظام الأسد وكانت مجحفة وتمس السيادة السورية”.
وأكد أن “التحول إلى المنظومة الغربية، إذا ما حدث، سيتطلب إعادة هيكلة شاملة وقدرات اقتصادية هائلة”.
وأشار رحال إلى أن “الوجود الروسي الحالي، المتمثل في قواعد مثل حميميم وطرطوس، قد يخضع لإعادة صياغة وفقاً لتفاهمات مستقبلية”، مضيفاً: “السياسة دائماً هي التي تتحكم في العسكر، ومع تغير القيادة السياسية قد نشهد تغييرات كبيرة في العلاقات الروسية السورية”.
من جانبه، صرح الكاتب والباحث السياسي الروسي، يفغيني سيدروف، أن الحديث عن انسحاب روسي كامل من سوريا “ما زال مبكراً للغاية”، مشيراً إلى أن هناك “تحركات ومفاوضات جارية بين روسيا والفصائل السورية، وربما مع الحكومة المؤقتة أيضاً”.
وأوضح سيدروف أن “مستقبل الوجود الروسي قد يكون محدوداً، وربما يقتصر على قواعد معينة مثل حميميم وطرطوس، استناداً إلى اتفاقات جديدة تراعي التوازنات السياسية والاقتصادية”.
وأضاف: “الوجود الروسي العسكري ليس هدفاً بحد ذاته، بل يأتي في سياق أوسع يشمل الأبعاد الاقتصادية والسياسية”.
وأشار سيدروف إلى أن “هناك مشاعر مختلطة بين السوريين تجاه روسيا، فبينما توجد روابط تاريخية وعاطفية، خاصة مع الضباط السوريين الذين تلقوا تعليمهم في روسيا، فإن التدخل الروسي العسكري لدعم نظام الأسد أثار استياء واسعاً”.
بينما يظل مصير الوجود العسكري الروسي في سوريا محط جدل، يتفق الخبراء على أن بقاءه أو تقليصه سيعتمد على توازنات سياسية جديدة. وكما ذكر العميد رحال، فإن “المرحلة القادمة قد تحتمل توافقاً بين الشرق والغرب بما يضمن حالة وسطية”. أما سيدروف، فقد أشار إلى أن “روسيا تسعى لتحقيق مكاسب استراتيجية وسياسية طويلة الأمد، مما يجعل من الصعب تصور انسحاب كامل في المستقبل القريب”.
يبقى المشهد مفتوحاً على كل الاحتمالات، مع ترقب القرارات السياسية القادمة التي ستحدد طبيعة العلاقات بين موسكو ودمشق في مرحلة ما بعد الأسد.