مشروعات السعودية العملاقة.. حديث رسمي عن الأولويات و”المزيد من الوقت”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 10 دقيقة للقراءة

إذا سألت أشخاصا من دول عربية، ما هي أفضل جامعات العالم؟ ستتنوع الإجابات بين معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وكامبريدج وأكسفورد وهارفارد وستانفورد وغيرها. هذه إجابات صحيحة، لكن، ماذا عن الأفضل عربيا؟

نجحت جامعات سعودية في حجز مكان لها بين أفضل 300 جامعة في العالم، وأفضل خمس جامعات عربية على مدى سنوات، والملفت أن المملكة حافظت على المركز الأول عربيا، فما السر؟

بنظرة فاحصة في نتائج تصنيف “كيو أس” (QS) العالمي للجامعات عام 2024، فإن جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، احتلت المرتبة الأولى عربيا، تلتها جامعة الملك سعود في المرتبة الثانية.

بتوسيع المعيار قليلا لأفضل خمس جامعات عربية وفق (QS)، فإن جامعة الملك عبد العزيز احتلت المركز الخامس. 

وبحسبة بسيطة، جامعات سعودية حجزت ثلاثة مراكز من أصل المراكز الخمسة الأولى في التصنيف العالمي لأفضل جامعات عربية. إذ تمكنت جامعة قطر من حجز المركز الثالث، تلتها الجامعة الأميركية في بيروت، التي جاءت رابعة.

تصنيف (QS)  ليس الوحيد، هناك تصنيفات تتبع مؤسسات عالمية ذات سمعة مرموقة أيضا مثل (Times Higher Education)، التي يشار إليها بالاختصار (THE)، ووفق مؤشرها لأفضل الجامعات العربية، فإن جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (KAUST) احتلت المركز الأول في آخر نتائج صدرت عام 2023.

الملفت أن المملكة تهيمن على الحصة الأكبر من المراكز العشرة الأولى في تصنف (THE) عربيا، حيث حجزت أربع جامعات سعودية مقاعدها في هذه المجموعة، بينما تحتل الإمارات أربعة مراكز، لتحصل قطر ومصر على مركز واحد لكل منهما.

هناك تصنيف شنغهاي أيضا، وهو ذو مصداقية عالية، فقط كشفت نتائجه عام 2023، أن جامعة الملك سعود هي الأولى عربيا (101-150 عالميا)، فهي تحظى باحترام كبير في جميع أنحاء العالم.

ويشير تصنيف شنغهاي إلى أن جامعة الملك سعود هي الأقدم في المملكة، وتخرج منها رواد في الأعمال الوطنية والنخبة السياسية والأكاديمية، بما في ذلك أبناء من العائلة المالكة. 

وحققت جامعة الملك سعود بالفعل نتائج ملفتة في تصنيفات مثل “Webometrics” و”ARWU” و”QS” العالمية.

ما السر؟

لا شك أن الحكومة السعودية تستثمر بقوة في قطاع التعليم العالي، إذ تتميز الجامعات السعودية بقدرتها على منح مزايا تنافسية لأعضاء هيئات التدريس، وهو ما يساهم في تشجيع استقطاب الكفاءات العالمية، وهذا يكون له انعكاس واضح على مخرجات التعليم، والمنتج العلمي لكل جامعة.

وانعكس الاستثمار السعودي في قطاع التعليم العالي على نتائج التصنيفات العالمية، إذ أشار تصنيف “QS” في أعوام سابقة إلى قوة نظام التعليم العالي السعودي.

وفي ورقة بحثية حول التصاعد السريع للجامعات السعودية في أنظمة التصنيف الأكاديمي، يشير الباحثان، صخر الهذلي، من جامعة الملك عبد العزيز، وأنور السيد، من جامعة طيبة السعودية، إلى أن حكومة المملكة ترغب في رؤية ثلاث جامعات سعودية، على الأقل، ضمن أفضل 200 جامعة في العالم، قبل عام 2030، مع إعطاء الأولوية لجامعة الملك سعود لتكون ضمن أفضل 50 جامعة. 

ويشير الباحثان إلى أنه بالنظر إلى موقع التصنيف الحالي والنهج المتبع، يمكن تحقيق هذا الهدف، كما فعلت بعض الجامعات. على سبيل المثال، جامعة الملك عبد العزيز وجامعة الملك سعود، تم تصنيفهما بالفعل ضمن أفضل 200 جامعة. 

لكن الهذلي والسيد يعتقدان أنه لا ينبغي أن يكون التركيز على تصنيف الجامعات هدفا، بل انعكاسا للوضع الحقيقي لهذه الجامعات.

ولا ينبغي أن يكون نظام تصنيف الجامعات وعدد براءات الاختراع هو المقياس الوحيد لتقييم الجامعات السعودية. وينبغي أيضا أخذ معايير معينة بعين الاعتبار لضمان قيام الجامعات بواجباتها الاقتصادية والاجتماعية، وفق البحث.

والخطوة الأكثر أهمية، وفق ما يعتقد الهذلي والسيد، هي إصلاح العقلية الأكاديمية السعودية المشتركة وإجراء البحوث التي تعود بالنفع على الاقتصاد السعودي وكذلك المجتمعات المحلية والدولية.

ويرى الباحثان أن المقياس الحقيقي للمنتج العلمي للجامعات السعودية يجب أن يساهم في التغلب على التحديات البيئية والطبية والتكنولوجية للمساهمة في ظهور مزيد من الصناعات غير النفطية، وبناء سمعة أفضل في مجال الابتكار، وربما زيادة عدد براءات الاختراع والشركات الناشئة المفيدة.

طلاب في إحد ى المحاضرات بجامعة الملك سعود

“تلاعب”

أثار التقدم المتسارع للمؤسسات التعليمية السعودية، كثيرا من الشكوك. وكشف تقرير بعنوان “لعبة الانتساب لمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي في السعودية” نشرته (SIRIS Academic)، وهي شركة استشارية أوروبية مقرها في برشلونة، إسبانيا، تلاعب المؤسسات البحثية في السعودية بتصنيفات الجامعات العالمية من خلال تشجيع كبار الباحثين على تغيير انتسابهم في العمل البحثي، أحيانا مقابل المال.

الانتساب في البحوث العلمية (ِAffiliation)، يعني الانتماء إلى منظمة بحثية أو جامعة معينة أثناء إنجاز بحث ما. ففي الحقول العلمية، مصطلح الانتساب يتعلق المنظمة العلمية التي يجري المؤلف البحث تحت مظلتها.

وتتضمن متطلبات كل ورقة علمية تقريبا، تنشر في مجلة علمية رصينة، الكشف عن المنظمة العلمية التي ينتسب إليها الباحث (الانتساب). ومن المهم بشكل خاص توضيحه بشكل صحيح ودقيق للأعمال البحثية المنشورة في المجلات المفهرسة في Scopus/Web of Science.

وكشف التقرير المنشور أن عددا من الباحثين أصحاب الإسهامات البحثية الأكثر استشهادا عالميا خلال العقد الماضي، حولوا انتماءاتهم (انتسابهم) الأساسية إلى جامعات في السعودية.

وأدى هذا “التلاعب” بدوره إلى تعزيز مكانة المؤسسات التعليمية السعودية في  تصنيفات الجامعات عالميا، والتي تأخذ في الاعتبار تأثير الاستشهادات للباحثين في المؤسسة العلمية، وفق التقرير.

كيف تُصنف الجامعات؟

في مقال منشور على موقع البنك الدولي، بعنوان “هل التصنيفات العالمية تحكي الحقيقة الكاملة عن الجامعات في العالم العربي؟” يقول الكاتب، سيمون ثاكر، المختص في وحدة التعليم بالبنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن ثلاثة مصادر رئيسية “تهيمن” على تصنيفات الجامعات في العالم، وهي تصنيف شنغهاي، وتايمز للتعليم العالي (THE)، وتصنيف (QS). ولكن هناك كثير غيرها، بما في ذلك مركز جديد، وهو مركز تصنيف الجامعات العالمية (CWUR)، انطلق من جدة وانتقل لدولة الإمارات.

وبدأ مركز (CWUR) كمشروع في مدينة جدة السعودية بهدف تصنيف أفضل 100 جامعة على مستوى العالم، لكنه توسع في عام 2019 ليدرج أفضل 2000 جامعة. ومنذ عام 2016، يقع المقر الرئيسي للمركز في دولة الإمارات العربية المتحدة.

هناك خمس جهات متخصصة في التصنيفات الجامعية، تتمتع بالمصداقية والدقة، رغم أن معايير التصنيف لديها تختلف، فهي نادرا ما تتفق على تصنيف متشابه.

حرم إحدى الجامعات السعودية

حرم إحدى الجامعات السعودية

تايمز للتعليم العالي (Times Higher Education)

أكبر تصنيف للجامعات العالمية وأكثرها تنوعا. يتضمن نسخة التصنيف لعام 2023 أكثر من 1799 جامعة في 104 دول.

ويعتمد جدول تصنيفات تايمز للتعليم العالي لعام 2023 على 13 مؤشر أداء يقيس أداء المؤسسة في أربعة مجالات: التدريس والبحث ونقل المعرفة والتوقعات الدولية.

تصنيفات “QS” العالمية 

تضنمت تصنيفات الجامعات العالمية لهذا المؤشر عام 2024 ما يصل إلى 1500 جامعة من جميع أنحاء العالم. وتعتمد تصنيفات QS العالمية للجامعات على 6 مقاييس لتقييم الجامعات: السمعة الأكاديمية (40%)، وسمعة أرباب العمل (10%)، ونسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلاب (20%)، والمساهمات البحثية لأعضاء هيئة تدريس (20%)، ونسبة أعضاء هيئة التدريس الدوليين (5%)، ونسبة الطلاب الدوليين (5%)

تصنيف شنغهاي (ARWU)

ما يميز هذا المؤشر أنه بالإضافة إلى التركيز على المساهمات البحثية لأعضاء هيئات التدريس في الجامعات الخاضعة للتصنيف، فإنه يأخذ بالاعتبار إن كان هناك خريجون أو أعضاء هيئة تدريس حائزون على جائزة نوبل، أو حصلوا على وسام فيلدز، وهي جائزة تمنح لعلماء رياضيات شريطة أن تكون أعمارهم دون 40  سنة، في المؤتمر الدولي لعلماء الرياضيات للاتحاد الدولي للرياضيات الذي يعقد كل أربع سنوات.

تصنيف “CWTS” ليدن

يوفر تصنيف (CWTS Leiden) نظرة ثاقبة حول الأداء العلمي لأكثر من 1200 جامعة حول العالم.

ويتم تصنيف الجامعات على أساس الإحصائيات الببليومترية وفقا لتصنيف CWTS Leiden والمتعلق بتأثير المساهمات البحثية والتعاون العلمي. 

تصنيف الويبومتريكس 

على عكس المعايير التقليدية، يستخدم نظام تصنيف (Webometrics) حضور الجامعة على شبكة الإنترنت، ووضوح الرؤية، والشفافية، ويركز على أفضل الباحثين المستشهد بأبحاثهم، وتميز الأوراق البحثية المستشهد بها (الاقتباسات العلمية) كمؤشرات لتصنيف الجامعة. ويشمل هذا التصنيف 30 ألف مؤسسة للتعليم العالي في أكثر من 200 دولة.

هذه المنظمات تصمم تصنيفات بطرق ومنهجيات مختلفة. منها ما يعتمد مؤشرات قابلة للقياس، مثل عدد الباحثين الحائزين على جائزة نوبل. وهناك تصنيفات تعتمد على سمعة الجامعة كما يراها الخبراء أو أصحاب الأعمال.

جامعة الفيصل السعودية

جامعة الفيصل السعودية

ويسأل الكاتب ثاكر: ما مدى فائدة التصنيف للمؤسسات نفسها؟ ما الذي يهم حقا أن تحتل الجامعة المرتبة 80 أو 90 في العالم؟ إنه “غير واضح”. 

ويعتقد ثاكر أنه إذا كان التصنيف يخلق منافسة صحية، وإذا كان يدفع الجامعات إلى التحسن مقارنة بالجامعات المماثلة، فقد يكون مفيدا بالفعل، “وهذا بشرط أن تعرف هذه المؤسسات كيفية التحسين، وهو أمر ليس واضحا بالضرورة من التصنيفات، وألا تكون التغييرات التي أجريت مجرد محاولة للارتقاء من أجل اللعب على الطاولة”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *