قال مرصد حقوقي اليوم الأحد إن إسرائيل عادت بشكل أعنف لقصف قطاع غزة خلال الساعات الـ48 التي تلت انتهاء الهدنة المؤقتة في غزة، مصحوبة بالإعلان عن خطط تهجير قسري من مناطق جديدة في جنوبي القطاع.
وذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن جيش الاحتلال سحق كل أشكال الحياة المدنية في غزة وأعاد السكان إلى مرحلة ما قبل النهضة الصناعية، وأحال المنازل والمصانع والشركات والبنى التحتية إلى أكوام من الركام.
وفي تقريره، وثق المرصد ارتكاب جيش الاحتلال أمس السبت “مجازر قتل جماعي باستهداف مربعات سكنية كاملة تجاوز ضحاياها ألف شخص بين قتيل وجريح ومفقود ما يثير مخاوف من نهج أكثر وحشية لفرض رغبات سياسية وميدانية على حساب دماء المدنيين وممتلكاتهم”.
وشمل ذلك قصفا جويا بأحزمة نارية مكثفة شنتها إسرائيل على مناطق الشجاعية وجباليا وبيت لاهيا، باستهداف مبان ومربعات سكنية مأهولة من دون سابق إنذار وتدميرها فوق رؤوس قاطنيها ودفن العشرات تحت الأنقاض.
وحسب المرصد الحقوقي، يكافح نحو 2.2 مليون نازح في قطاع غزة من أجل البقاء كل يوم، ويواجهون في سبيل ذلك واقعا مؤلما. وعلى سبيل المثال، يصطف الآلاف يوميا لتعبئة مياه بالكاد تكون صالحة للشرب.
وقال باسم العطار (48 عاما) من مركز إيواء في مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع، إنهم يلجؤون لجمع الخشب لإشعال النار واستخدامها في إعداد وجبات الطعام صباحا ومحاولة التدفئة ليلا.
يأتي ذلك مع دخول فصل الشتاء، بينما يتكدس الناس في مراكز اللجوء والمدارس بمئات الآلاف، وسط شح الغذاء ودون توفر وسائل النظافة العامة والشخصية، ومع انعدام خدمات الرعاية الصحية.
وفي مركز للإيواء في خان يونس جنوبي القطاع، قالت هيام العطار (52 عاما) إنها تقطع الخبز اليومي القديم لتصنع منه حساء مع العدس لأولادها التسعة ليسدوا جوعهم.
ومنذ استئناف إسرائيل هجماتها في الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري، لم تقع سوى عمليات إنسانية محدودة داخل غزة، وفي المقام الأول توفير الخدمات في الملاجئ وتوزيع الدقيق في المناطق الواقعة وسط وجنوب القطاع.
تحت أصوات إطلاق النار والقصف.. طواقم الدفاع المدني تشارك في إخلاء السكان من شارع نقابة المهندسين بمدينة غزة#حرب_غزة #فيديو pic.twitter.com/rxp8Htjgd0
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) December 3, 2023
منطقة عازلة
وبموازاة ذلك، تتوارد تقارير مقلقة عن فرض إسرائيل منطقة عازلة في القطاع، وبالتالي قضم أجزاء جديدة من أراضيه، في حين يترجم ذلك بإجبار المدنيين على النزوح المتدرج قرب الحدود مع مصر.
ونشر جيش الاحتلال على الإنترنت خريطة يقسم فيها القطاع إلى مئات المناطق الصغيرة، لإجبار السكان على الإخلاء القسري بما يشمل حوالي 25% من القطاع.
وتشمل إحدى المناطق المخصصة للإخلاء عدة بلدات في شرق خان يونس (القرارة وخزاعة وعبسان وبني سهيلة) التي صدرت الأوامر لسكانها بالتحرك جنوبا إلى رفح، وتمثل هذه المناطق 19% من مساحة قطاع غزة (69 كيلومترا مربعا) وكانت موطنا لحوالي 350 ألف نسمة قبل الحرب.
كما أنذر الجيش الإسرائيلي سكان الأجزاء الشرقية من مدينة غزة (الشجاعية والزيتون والمدينة القديمة) وجباليا في شمال القطاع بالإخلاء، وتغطي المناطق المحددة حوالي 6% من قطاع غزة، وهي موطن لحوالي 415 ألف شخص.
نزوح متكرر
وسرد سعيد مرجان (61 عاما) 5 عمليات نزوح متكررة إلى مناطق متفرقة مع عائلته المكونة من 18 فردا منذ تدمير منزلهم في حي اليرموك وسط مدينة غزة متأثرا بقصف إسرائيلي طال مربعا سكنيا كاملا يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفقد الرجل حتى الآن 5 من عائلته، هم 3 من بناته وزوجة ابنه وطفلها الرضيع جراء هجمات على مناطق نزحوا إليها، منها مدرسة الفلاح في حي الزيتون جنوب المدينة، والآن لا يزال من تبقى منهم على قيد الحياة دون ملجأ أو وجهة آمنة للنزوح.
وقبل عمليات الإخلاء الجديدة، سجل قطاع غزة أكثر من 1.8 مليون نازح يعانون من اكتظاظ هائل وسوء الظروف الصحية في مراكز الإيواء، بما في ذلك زيادات كبيرة في بعض الأمراض مثل التهاب الكبد، والحالات المعدية مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي الحادة والحالات المرتبطة بالنظافة.
إلى جانب ذلك، تثار مخاوف بشأن حياة الفئات الضعيفة من الأشخاص الذين يعانون من ظروف المأوى الصعبة، مثل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والنساء الحوامل أو اللاتي أنجبن حديثا أو المرضعات، والأشخاص الذين يتعافون من الإصابات أو العمليات الجراحية، والذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة.
وخلص المرصد الحقوقي إلى أن أيام الهدنة السبعة أظهرت بوضوح حدة الدمار الذي مارسته إسرائيل وخلفت أكثر من 60 ألف ضحية فلسطينية بين شهيد وجريح وفقيد حتى الآن، في حين دمرت خلال 50 يوما نحو 60% من البنية التحتية في القطاع.