عائلة أبو جبة، العائدة نهاية الشهر الماضي من رحلة نزوح قاسية من جنوب قطاع غزة لشرقه، وتحديدًا حي الشجاعية، اضطرت لنصب خيمة نزوحها وتسعة من أفراد عائلتها ممن بقوا على قيد الحياة، فوق رفات الموتى والضحايا بمقبرة “التوانسة” التاريخية.
لحظات من الرعب
ولا تخفي السيدة الفلسطينية التي فقدت العشرات من أفراد عائلتها في الحرب بغزة خوفها الشديد من فكرة لجوئها للعيش على أنقاض مقبرة، قائلًة: “عثرنا بجوار الخيم على رفات أحد الأموات صدفة، وهو ما أثار الرعب في نفوسنا ونفوس أطفال العائلة بشكل خاص”.
وبينت لموقع “سكاي نيوز عربية” أن “العثور على الرفات كان خلال تنظيف العائلة بجوار الخيمة لإعداد موقد للنار”، متابعًة “لم أنم تلك الليلة وشعرت بأن الموتى يتحركون من تحت الأرض، إنه شعور فظيع لا يمكن وصفه، والحياة فوق رفات الموتى مؤلمة للغاية”.
وأشارت إلى أنها “مضطرة للبقاء في نفس المكان نظرًا لعدم وجود بديل آخر لها ولعائلتها، خاصة في ظل الدمار الكبير الذي تعرض له حي الشجاعية ومختلف المناطق في مدينة غزة والقطاع”، مطالبًة بضرورة العمل من أجل توفير بديل للعائلات المتواجدة بالمقبرة التاريخية”.
انقسام العائلة
ويقول علاء أبو معيلق، أحد سكان المخيم المقام على أنقاض المقبرة، إنه مع 27 من أفراد عائلته من الأبناء والأحفاد يعيشون في مركز الإيواء على أنقاض المقبرة”، لافتًا إلى أنه مع نصب الخيام وجود مئات العظام وبقايا الأموات المختلطة بأكوام الرمال.
وأوضح أبو معيلق، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن تدمير منازلهم في الشجاعية والمقبرة أيضًا لم يبق لهم بديل سوى العيش على أنقاضها لحين توفير مكان ملائم يمكن إقامة مركز إيواء إنساني فيه”، مبينًا أن البديل العيش على ركام المنازل المدمرة.
وأضاف “بعد أبناء العائلة خاصة الأطفال رفضوا التواجد في المخيم خوفًا من فكرة وجود أموات تحت الأرض، الأمر الذي تسبب بانقسام العائلة، ونقل بعض إلى مراكز إيواء أخرى أو لدى الجيران”، مؤكدًا أنه يعيش حالة صعبة للغاية بسبب التواجد على أنقاض مقبرة.
ولفت إلى أن الأطفال لا يشعرون بالسعادة لوجدهم في هذا المكان، وأنه يضطرون لمغادرته لساعات طويلة واللعب في أماكن بعيدة للغاية وقد تكون خطيرة، مشددًا على ضرورة أن يبدأ المجتمع الدولي بإجراءات إعادة إعمار قطاع غزة.
مئات العائلات
وتعيش أكثر من 100 عائلة في المخيم المقام على أنقاض المقبرة التاريخية والذي أطلق عليه اسم “جنين”، وفق ما يؤكد مديره مصطفى جندية، الذي أشار إلى أن المقبرة دمرت مرتين من قبل الجيش الإسرائيلي خلال الحرب بغزة.
وقال جندية، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “المخيم أنشأ لإيواء العائدين من جنوب القطاع لحي الشجاعية شرق مدينة غزة؛ إلا أن القائمين عليه لم يجدوا بديلًا عن إنشائه فوق أنقاض مقبرة التوانسة، وذلك بسبب الدمار الكبير للحي”.
وأضاف “أي مكان آخر بحاجة لإزالة ركام وتجريف وتسوية الأرض، وهو الأمر الغير متاح في الوقت الحالي”، لافتًا إلى أن الأرض والركام من حولها مختلطة برفات الضحايا وأن ذلك حول حياة المتواجدين لجحيم.
وتابع: “المقبرة دمرت في المرحلة الأولى، ثم عاد السكان لدفن ضحايا الحرب بداخلها ليعود الجيش الإسرائيلي ويدمرها مرة أخرى”، في إشارة إلى إمكانية وجود جثامين كاملة لم تتحلل بعد تحت خيام العائدين لحي الشجاعية.
وزاد: “نحن في إدارة المخيم مضطرون لاختيار المقبرة كمكان لإنشاء مخيم إيواء بداخلها”، لكنه لم يخفي حقيقة العثور على رفات موتى وجثامين من ضحايا الحرب مع بداية تجهيز المكان، وأن بعضًا منها لا يزال بين خيام النازحين.
وأكد أن المنخفض الجوي الأخير الذي يضرب قطاع غزة زاد من ظهور بقايا الموت ورفاتهم وجثامين الضحايا والقتلى، ما زاد من مخاوف الناس الذين ينامون إلى جوار الموت وعلى قبورهم التاريخية والجديدة، وهو أمر صعب للغاية، حسب قوله.
ولفت إلى أن “الكثير من العائلات اتخذت قرارًا بمغادرة المخيم بسبب صعوبة الأوضاع فيه”، قائلًا “نحن بحاجة ملحة وعاجلة من أجل تحسين وضع المخيم وتجريف مكان بعض المنازل السكنية لإقامة مراكز للإيواء”.