وبحسب تقرير نشره موقع صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، فإن محللين عسكريين ومسؤولين سابقين في وزارة الدفاع التايوانية يخشون من تسبب هذا التأخير في زيادة فرص تعرض تايوان للغزو أو حتى الحصار من جانب الصين، مع ضعف قدرة الجزيرة على صناعة الأسلحة اللازمة.
التقرير أوضح أن نجاح الرئيس وليام لاي تشينغ في الانتخابات التايوانية، يقلص فرص سيطرة الصين على تايوان ورغبتها في استسلامها دون عمل عسكري، في ظل تعهد بكين المتكرر بإخضاع تايوان لسيطرتها، من خلال القوة إذا لزم الأمر.
ونقلت الصحيفة عن الرئيس المنتخب لاي تشينغ تي قوله إنه سيواصل تعزيز الجيش التايواني، مضيفا بعد فوزه في الانتخابات يوم السبت: “أنا مصمم على حماية تايوان من التهديدات والترهيب المستمر من الصين”.
الجيش التايواني يعتمد في تسليحه بشدة على الولايات المتحدة
بحسب وول ستريت جورنال تعتمد تايوان بشكل كبير على الولايات المتحدة لتجهيز جيشها، حيث تحصل على كل شيء بدءًا من المقاتلات النفاثة وحتى السفن البحرية الحديثة.
وتتلقى القوات التايوانية أيضًا تدريبًا من فرقة صغيرة من العسكريين الأمريكيين المتمركزين في الجزيرة.
ومع ذلك، فإن معظم عقود المعدات الدفاعية الموقعة في ظل إدارتي ترامب وبايدن قد توقفت بسبب التأخيرات البيروقراطية وقيود القدرة لدى الشركات المصنعة للدفاع، مما أدى إلى تراكم الطلبات غير المكتملة بقيمة 19 مليار دولار.
أندرو يانج، وزير الدفاع التايواني السابق قال موجها حديثه للولايات المتحدة: “من فضلكم، على الأقل وفروا كميات محدودة من الأنظمة المتقدمة حتى نتمكن من البدء في التدريب” مضيفا أنه لم يتلق ردا حتى الآن.
وردا على سؤال يوم الثلاثاء عن تأخير الإمدادات، قال رئيس الهيئة الأمريكية التي تتولى العلاقات مع تايوان، إن واشنطن ستفي بالتزامها بمساعدة تايوان في الدفاع عن نفسها.
الصحيفة نقلت عن لورا روزنبرجر، رئيسة المعهد الأمريكي في تايوان، قولها إن: “الولايات المتحدة تستغل المجموعة الكاملة من الأدوات التي سمح بها الكونجرس” للوفاء بهذا الالتزام.
وكانت الولايات المتحدة قد وقعت عقدا بقيمة 2.37 مليار دولار لبيع 400 صاروخ هاربون المضاد للسفن وعدات أخرى ذات صلة في عام 2020 دون تحديد موعد للتسليم في ذلك الوقت، فيما أصدر البنتاغون أمرًا لإنتاج نفس العدد من الصواريخ العام الماضي، ومن المقرر الانتهاء من المشروع في مارس 2029، ولم يذكر اسم المشتري، لكن مسؤولًا حكوميًا تايوانيًا قال إن تايبيه تدرك أنه نفس الطلب.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع التايوانية إن هناك تنسيقًا وثيقًا مع الولايات المتحدة بشأن مبيعات الأسلحة والتي تسير وفقًا لجدول زمني متفق عليه بين الطرفين، ولم يستجب البنتاغون لطلبات التعليق على طلبية صواريخ هاربون.
التقرير كشف أن عمليات التسليم الأخرى المعلقة تشمل 29 قاذفة من أنظمة الصواريخ المدفعية عالية الحركة، هيمارس Himars ، التي تم طلبها على دفعتين في عامي 2020 و2022، بالإضافة إلى طائرات بدون طيار من طراز MQ-9B SeaGuardian ودبابات وطوربيدات وصواريخ أخرى.
وأفاد بأن أسباب التأخير تعود بشكل أساسي إلى عدم قدرة مقاولي الدفاع الأميركيين على زيادة الإنتاج بسرعة، وهو الأمر نفسه الذي أعاق أيضًا الشحنات إلى أوكرانيا.
ميرا ريسنيك، المسؤولة بوزارة الخارجية الأمريكية قالت في سبتمبر/أيلول، خلال جلسة استماع بالكونجرس حول التعاون الدفاعي مع تايوان: “إننا نبذل كل ما في وسعنا للمساعدة في زيادة القدرة الصناعية، وتسريع الإنتاج وتقليل المهل الزمنية الطويلة”.
ما هي قدرة تايوان على مواجهة غزو صيني؟
وقبل الانتخابات التايوانية، رفعت الصين من حدة التوتر من خلال طلعات عسكرية حول الجزيرة، ووصفت الرئيس المنتخب لاي بأنه انفصالي يجب إيقافه.
وول ستريت جورنال اعتبرت أن المسؤولين التايوانيين والأمريكيين يشعرون بنوع من القلق إثر تكثيف بكين مناوراتها العسكرية قبل تنصيب لاي في مايو، على الرغم من أن وزارة الدفاع التايوانية قالت إنها لم تر أي شيء غير عادي حتى الآن.
الاستراتيجيون العسكريون بشكل عام يفترضون أن تايوان يمكن أن تصمد لأسابيع أو أشهر على الأكثر في مواجهة غزو صيني واسع النطاق.
وتوقع تقرير صادر عن مؤسسة راند، وهي مؤسسة بحثية أمريكية تركز على الجيش، العام الماضي أن تايوان معرضة للهزيمة على يد الصين في صراع خلال 90 يومًا دون تدخل عسكري أمريكي كبير.
وقال تيموثي هيث، المؤلف الرئيسي لتقرير راند، إن تسليم الجزء الأكبر من طلبات الأسلحة المعلقة لتايوان من الولايات المتحدة سيمكن الجزيرة من منع مثل هذا النصر الصيني السريع.
تايوان تركز على الصناعات الدفاعية المحلية
وسط بعض الإحباطات بسبب تأخر الأسلحة الأمريكية، يركز المسؤولون التايوانيون بشكل أكبر على المعدات العسكرية المحلية، بما في ذلك أول غواصة منتجة محليًا، والتي تم الانتهاء منها العام الماضي.
ويقول الاستراتيجيون العسكريون إن الغواصات التايوانية يمكن أن تلعب دورًا رئيسيًا في استهداف السفن الحربية الصينية، بما في ذلك حاملات الطائرات.
وفي عهد رئيستها الحالية، تساي إنج وين، ضاعفت تايوان إنفاقها العسكري السنوي إلى نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي عام 2021، قدمت ميزانية تكميلية تبلغ حوالي 8.7 مليار دولار، خاصة للصواريخ المضادة للسفن المنتجة محليًا والسفن الحربية من طراز كورفيت.
ويقول محللون سياسيون إن لاي، الرئيس المقبل، من المرجح أن يحافظ على نفس النهج في الإنفاق، لكن خسارة حزبه السيطرة على المجلس التشريعي في الانتخابات التي أجريت بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية يمكن أن تؤدي إلى تعقيد المشتريات الدفاعية.
التقرير أوضح أن عزلة تايوان الدولية واعتمادها على الولايات المتحدة أدت إلى إبقاء صناعتها الدفاعية متخلفة نسبيا، ويعد أن أكبر منتج للأسلحة في تايوان هو معهد تشونغ شان الوطني للعلوم والتكنولوجيا، المتخصص في إنتاج الصواريخ والذي تحرك لزيادة الإنتاج.
مخزونات الصواريخ تحسم مدى قدرة تايوان على الصمود
تفاصيل مخزون الصواريخ والقدرة الإنتاجية التايوانية ليست متاحة علنًا، لكن محللي الدفاع يقدرون أن تايوان يمكنها إنتاج حوالي 120 صاروخًا مضادًا للسفن سنويًا، وعددًا أقل قليلاً من صواريخ الدفاع الجوي.
الصحيفة نقلت أيضا عن سو تزو يون، المحلل في معهد تايوان لأبحاث الدفاع الوطني والأمن، تأكيده أن تايوان تحتاج إلى حوالي 2000 صاروخ مضاد للسفن و4000 صاروخ للدفاع الجوي في مخزونها.
وكشفت تجربة أوكرانيا، التي استنزفت كميات هائلة من الذخيرة خلال ما يقرب من عامين من الحرب مع روسيا، أهمية المخزونات الكبيرة من قذائف المدفعية والصواريخ وغيرها من الذخائر.
واعتبر تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في عام 2022، وهو مركز أبحاث في واشنطن، أنه دون دعم الولايات المتحدة، لن تختلف وحدات المدفعية التايوانية عن المشاة بعد ثلاثة أشهر من الصراع الشامل مع الصين لأنها ستستنفد ذخيرتها.