محللون: حديث إسرائيل عن انتهاء عملية رفح خلال أسبوعين اعتراف صريح بالفشل

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

يمثل حديث الجيش الإسرائيلي عن انتهاء العملية العسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة بعد أسبوعين من الآن، اعترافا ضمنيا بالفشل في تحقيق النصر الذي طالما تحدث عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

فقد نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر أمنية إسرائيلية أن العملية العسكرية في رفح لن تستمر أكثر من أسبوعين آخرين، وأن الجيش يدرس ما يمكن عمله بعد هذه الفترة إذا لم تتوصل القيادة السياسية إلى اتفاق بشأن تبادل الأسرى.

وقالت المصادر إن بقاء عدد من الأسرى في غزة وعدم إيجاد بديل سياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يبددان النجاحات التي حققتها المرحلة الثانية من الحرب ويحوِّلانها إلى فشل، وإن التقديرات تشير إلى أن تخفيف المواجهات مع حزب الله اللبناني يتطلب صفقة في غزة.

كما نقلت القناة الـ12 عن رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك أن الحرب فشلت في غزة وأن على إسرائيل تغيير الحكومة والبحث عن صفقة تعيد الأسرى.

ويمثل هذا الإعلان الذي جاء على لسان العسكريين -وليس السياسيين- مخالفة للتقاليد لأن العسكريين يقدمون توصيات للقيادة السياسية ولا يعلنونها، كما يقول المحلل السياسي محمد هلسة، مشيرا إلى أن هذه التصريحات تبدو إعلانا من الجيش للشارع الإسرائيلي بأنه لن يكون قادرا على مواصلة الحرب بعد أسبوعين من الآن لأنها لن تحقق شيئا.

نأي بالجيش عن الفشل

وخلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”، قال هلسة إن العسكريين -من خلال هذه التصريحات- يردون على حديث نتنياهو المتواصل عن مواصلة الحرب حتى تحقيق النصر.

ويرى المحلل السياسي أن رئيس الأركان هيرتسي هاليفي يحاول حماية المؤسسة العسكرية من محاولات رئيس الوزراء واليمين المتطرف تحميلها مسؤولية الفشل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول وما بعده.

ويريد العسكريون القول إنهم حققوا إنجازات تكتيكية تتمثل في إلحاق الضرر بالمقاومة وبنيتها التحتية العسكرية وإن على القيادة السياسية استثمار هذه النجاحات في التوصل لصفقة بدلا من تدميرها في محاولة مواصلة حرب لا نهاية لها كما يريد نتنياهو.

وفي جزء آخر، فإن المؤسسة العسكرية تقدم لنتنياهو ولحلفائه الغربيين سُلّما كي ينزلوا من فوق شجرة العناد، ويتوجهوا نحو صفقة تحت مظلة النجاحات العسكرية التي يتحدثون عن تحقيقها حتى الآن، برأي هلسة.

فشل عسكري واضح

الرأي نفسه ذهب إليه الخبير العسكري العميد إلياس حنا بقوله إن إسرائيل فشلت تماما في تحقيق النصر الذي تحدث عنه نتنياهو، وذلك رغم دخولها بـ6 ألوية، مشيرا إلى أن المقاومة لم تواجه القوات الإسرائيلية في أول العملية ثم بدأت بشن هجمات عنيفة عليها بعد أن تمركزت في المنطقة.

وقال حنا إن الحديث عن تحقيق نصر كامل في رفح خلال أسبوعين أمر غير ممكن وبالتالي فإن وقف العملية سيكون إعلانا للفشل العسكري رغم ما لحق بالمدينة من دمار وخراب.

ولفت حنا إلى أن المقاومة نجحت في إلحاق الضرر بقوات وجنود الاحتلال بمختلف العمليات والأسلحة، مشيرا إلى أن إسرائيل تريد الاحتفاظ بمعبر رفح ومحور فيلادلفيا وهو أمر يستحيل أن تقبل به حماس، حسب تعبيره.

وأضاف “الحديث عن أسبوعين هو رسالة سياسية تعكس الخلاف الكبير بين السياسي والعسكري في إسرائيل بسبب الأهداف غير القابلة للتحقق التي يريدها نتنياهو بينما الجيش يعتقد أنه حقق نتائج يجب الحفاظ عليها من خلال عملية سياسية”.

وأعرب حنا عن اعتقاده بأن إسرائيل ربما تنهي عملية رفح وتتجه نحو لبنان “لأن هذه هي سياستها منذ بداية هذه الحرب، لكنها في الوقت نفسه لن تتمكن من شن حرب برية في الوقت الراهن بعدما نجح حزب الله في فرض قواعد جديدة”، وفق تعبيره.

وخلص حنا إلى أن إسرائيل “الغارقة في غزة لا يمكنها الذهاب إلى حرب أكثر تعقيدا في لبنان إلا إذا أنهت حربها في غزة سياسيا أو عسكريا وهو أمر غير وارد في الوقت الراهن”، مؤكدا أن جيش الاحتلال ربما يشن هجوما جويا واسعا على لبنان وليس حربا برية.

وفي السياق، قال الباحث السياسي سعيد زياد إن إسرائيل بحديثها عن إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين “تعترف ضمنيا بالفشل لأنها لم تسترد أسراها ولم تأسر قادة المقاومة كما تعهد نتنياهو”، مؤكدا أن تل أبيب “أصبحت تواجه خيارات كلها قاسية”.

ويرى زياد أن إسرائيل حاليا ليس أمامها سوى القبول بصفقة مع حماس ستكون اعترافا بالهزيمة، أو أن تواصل حرب استنزاف لا نهاية لها، أو أن تغامر بحرب أخرى غير مضمونة النتائج في لبنان”.

ولفت زياد إلى أن جيش الاحتلال يريد الاحتفاظ بمحور نتساريم لفصل القطاع ومعبر رفح ومحوري فيلادلفيا لشن عمليات نوعية من جهة وخنق القطاع ومنع حماس من العودة للسلطة لحين استبدالها من جهة أخرى.

لذلك، يتوقع زياد أن تتزايد عملية وحدة الساحات خلال الفترة المقبلة وأن تتزايد عمليات المقاومة النوعية ضد قوات الاحتلال في رفح فضلا عن تفاقم الوضع الإقليمي الرافض لاستمرار الحرب.

وخلص الباحث السياسي إلى أن على إسرائيل أن تقبل بالوضع الصعب الذي فرضته عليها المقاومة لأنها لم ولن تحقق النصر المطلق الذي تتحدث عنه منذ 8 أشهر، حسب قوله.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *