مع إعلان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، تصاعدت مخاوف داخل مجتمع الميم عين، من احتمال تراجع حقوقهم المكتسبة خلال السنوات الماضية، خاصة مع سيطرة الجمهوريين على الكونغرس، وما تضمنته حملته الانتخابية من تصريحات وسياسات اعتبرت أنها تستهدف تقييد حرياتهم.
وكشفت مجلة “تايم” الأميركية، نقلا عن بيانات مؤسسة “Ad Impact” المتخصصة في رصد الإنفاق الإعلاني، أن الجمهوريين أنفقوا نحو 215 مليون دولار على إعلانات انتخابية تناولت قضايا العابرين جنسيا خلال الحملة الرئاسية 2024.
فيما تضمنت “أجندة 47″ التي طرحها ترامب في برنامجه الانتخابي، خططا لتقليص حقوق مجتمع الميم عين، من بينها منع النساء العابرات جنسيا من المشاركة في الرياضة النسائية، وقطع التمويل الفيدرالي عن المدارس التي تتبنى ما وصفه بـ”الأيديولوجية الجندرية الراديكالية”.
وتستند مخاوف مجتمع الميم عين أيضا إلى التجربة السابقة مع إدارة ترامب خلال ولايته الأولى، حين عمل على إلغاء العديد من إجراءات الحماية القانونية لهذا المجتمع.
3 مجالات
وحدد تقرير للمجلة ثلاثة مجالات رئيسية قد تتأثر بعودة ترامب مجددا البيت الأبيض، أولها إمكانية إعادة حظر العابرين جنسياً من الخدمة في الجيش، وهو القرار الذي كان قد أصدره في فترته الأولى قبل أن يلغيه الرئيس بايدن في 2021.
أما المجال الثاني فيتعلق بالرعاية الصحية، حيث أعلن ترامب عن نيته اتباع نهج الولايات المحافظة في منع خدمات الرعاية الطبية المتعلقة بالعبور الجنسي للقاصرين. وتتضمن خطته التهديد بحرمان المستشفيات التي تقدم مثل هذه الخدمات من التمويل الفيدرالي.
ويشير المجال الثالث إلى التعديلات المقترحة في تفسير الباب التاسع من قانون الحقوق المدنية، حيث تضمن برنامج ترامب الانتخابي خططا لطلب تفسير جديد من الكونغرس يحظر مشاركة النساء العابرات جنسيا في المسابقات الرياضية النسائية.
ويأتي هذا التوجه امتدادا لسياساته السابقة خلال فترته الرئاسية الأولى، حيث عمل على تقليص نطاق تطبيق الباب التاسع فيما يتعلق بحماية طلاب مجتمع الميم عين.
وردت حملة ترامب على استفسارات المجلة بشأن مخاوف مجتمع الميم عين، وتأثير سياساته المقترحة عليهم، وقالت المتحدثة باسم فريق انتقال ترامب-فانس، كارولين ليفيت، إن : “الرئيس ترامب سيخدم جميع الأميركيين حتى أولئك الذين لم يصوتوا له في الانتخابات. سيوحد البلاد من خلال النجاح”.
هاريس أم ترامب.. من سيدعم “مجتمع الميم” في سباق الرئاسة الأميركية؟
ساعدت كانديس كين في إدخال الشخصيات العابرة جنسياً إلى الشاشة الصغيرة في الولايات المتحدة من خلال دورها في مسلسل تلفزيوني قبل أكثر من 15عامًا. هي الآن تنشط في سياق الانتخابات الرئاسية الأميركية، من منطلق الدفاع عن حقوق “مجتمع الميم”.
“مخاوف بشأن المستقبل”
الناشط الحقوقي المقيم في الولايات المتحدة، طارق بن عزيز، يؤكد أن فوز دونالد ترامب لفترة رئاسية ثانية يثير مخاوف متزايدة لدى مجتمع الميم عين، في الولايات المتحدة بشأن مستقبل حقوقهم وسلامتهم الشخصية والمجتمعية.
وأوضح بن عزيز في تصريح لموقع “الحرة”، أن هذه المخاوف تتجاوز احتمالية إصدار قرارات رسمية مقيدة، لتشمل القلق من عودة المناخ الاجتماعي والسياسي السلبي الذي ساد خلال فترته الرئاسية الأولى.
وأفاد الناشط الحقوقي، بأن المخاوف الرئيسية تتركز في الأمن الشخصي والمجتمعي، حيث يخشى أفراد المجتمع من عودة أجواء التعصب والنبذ التي قد تعرضهم للتمييز والعنف في حياتهم اليومية.
وأشار إلى أن الصحة النفسية تأتي في مقدمة هذه المخاوف، مع تزايد مؤشرات القلق والضغط النفسي بسبب المخاوف من بيئة حكومية غير داعمة، مما يؤثر سلباً على شعور الأفراد بالانتماء والأمان.
في هذا الجانب، كشف تقرير لشبكة “إيه بي سي” عن ارتفاع حاد في مكالمات الأزمات على الخطوط الساخنة المخصصة لدعم مجتمع الميم عين بعد إعلان نتائج الانتخابات.
واستقبل مشروع “Rainbow Youth” نحو 5460 مكالمة خلال 10 أيام فقط، مقارنة بمعدله الشهري المعتاد البالغ 800 مكالمة، بينما سجل مشروع “Trevor” زيادة بنسبة 700 بالمئة في مكالمات الأزمات.
وأشارت الشبكة إلى ارتفاع نسبة المتصلين الذين يظهرون علامات التفكير في الانتحار من 19 بالمئة في المعدل العادي إلى 31.6 بالمئة، خلال نوفمبر الجاري، لافتة إلى أن المكالمات لم تقتصر على أفراد مجتمع الميم عين فقط، بل شملت عائلات ومعلمين يبحثون عن طرق لدعم أفراد مجتمعهم.
كيف يتم التعامل مع حقوق المثلية الجنسية في الوطن العربي قانونياً ومجتمعياً؟
في هذه الحلقة من برنامج حديث الخليج، نناقش قضية حقوق المثلية الجنسية في الوطن العربي.
كيف يتم التعامل معها قانونياً ومجتمعياً؟
واعتبر الناشط الحقوقي أن قضية الحقوق الصحية، خاصة للأطفال والمراهقين، تمثل مصدر قلق كبير، حيث تتزايد المخاوف من تقييد خيارات الرعاية الصحية اللازمة للتأكيد الجندري، مما قد يحرمهم من الدعم الطبي الضروري.
كما أشار إلى المخاوف المتعلقة بالتعليم والتوعية، حيث يُخشى من تقليص البرامج التعليمية المتعلقة بالهوية الجندرية وحقوق مجتمع الميم عين، مما قد يؤثر سلباً على بناء مجتمع أكثر شمولية.
وأضاف بن عزيز أنه رغم أن فوز ترامب لا يعني بالضرورة تغييراً فورياً في القوانين الفيدرالية، إلا أن هناك مخاوف من تشجيع الولايات المحافظة على إصدار قوانين مقيدة.
وأوضح أن هذا قد يؤثر أيضا على مناصري حقوق مجتمع الميم عين من خارج المجتمع ذاته، مما قد يضعف جهود المناصرة والتوعية.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن القلق الأساسي يكمن في أن حقوق وحريات مجتمع الميم عين قد تصبح عرضة للمساومات السياسية والحزبية، مما يهدد تطلعاتهم نحو مستقبل أكثر عدالة ومساواة.
ويؤكد أنه حتى في غياب قرارات رسمية جديدة، فإن مجرد عودة خطاب التشكيك في حقوقهم يكفي لإثارة المخاوف حول تراجع الدعم المجتمعي والسياسي لقضاياهم.
ترامب “لا يمثل تهديدا”
وفي المقابل، يحاول بعض داعمي ترامب من مجتمع الميم عين تبديد المخاوف المتصاعدة من تأثير عودته إلى البيت الأبيض على حقوق المجتمع.
وفي تصريحات إبان الحملة الانتخابية، قال ديفيد كين، وهو داعم للحزب الجمهوري، أن ترامب “لا يمثل تهديداً للزواج المثلي”.
وأوضح لموقع “فويس أوف أميركا”، أن ترامب “لا يرى الزواج المثلي كقضية دينية فقط، بل كوثيقة قانونية توفر حماية للزوجين. لذا أعتقد أنه لا يعترض على ذلك. ترامب من نيويورك وكان ليبرالياً إلى حد ما. ربما يكون أكثر الجمهوريين ليبرالية”.
وخلال حملته الانتخابية، قامت أكبر منظمة للجمهوريين من مجتمع الميم عين بتنظيم حملة لدعم ترامب في أكتوبر الماضي، استهدفت الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان وجورجيا وويسكونسن وكارولاينا الشمالية وبنسلفانيا وأريزونا ونيفادا.
وبحسب شبكة “إيه بي سي”، فإن المجتمع الأميركي شهد تقدماً كبيراً في قبول مجتمع الميم عين، حيث ارتفعت نسبة قبول المثلية الجنسية من 49 بالمئة في 2007 إلى 72 بالمئة في 2020، كما أن 64 بالمئة من الأميركيين يؤيدون حماية العابراين والعابرات جنسيا من التمييز.
إلا أن هذا المجتمع ما يزال يواجه تحديات تشريعية كبيرة، ومع تتبع 532 مشروع قانون مناهض للميم عين في عام 2024، تم رفض 351 مشروعاً من بينها، فيما تحول 46 مشروعا إلى قوانين، وفقا للمصدر ذاته.