في الآونة الأخيرة تداولت وسائل إعلام إسرائيلية تصريحات لمصعب حسن يوسف ابن أحد مؤسسي حركة حماس، عبر فيها عن انحيازه سواء لموقف إسرائيل على حساب الحركة الفلسطينية في الصراع الدائر في غزة، وكذلك رفضه لمنح الفلسطينيين حق إنشاء دولة مستقلة.
وفي مؤتمر سنوي تعقده صحيفة “جيروزاليم بوست” قال مصعب، الثلاثاء، الماضي إن “فلسطين تعتمد على تدمير إسرائيل”، مضيفا أنه “إذا كان هناك أي تعريف لفلسطين، فهذا يعني عدم وجود لإسرائيل”.
ووجه مصعب، الذي يطلق عليه “الأمير الأخضر”، نقدا لاذعا لحماس والسلطة الفلسطينية، قائلا إن “السلطة الفلسطينية تأتي من نفس الإرهاب الذي تنتمي إليه حماس أو أي جماعة أخرى نشأت من جماعة الإخوان المسلمين”.
وقبل ذلك، قال مصعب، لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إن على الحكومة الإسرائيلية “إنهاء المهمة” في غزة لإزالة حماس من السلطة.
من هو مصعب
يبلغ مصعب، المولود في رام الله بالضفة الغربية، من العمر 45 عاما وهو نجل حسن يوسف، أحد مؤسسي حركة حماس في الضفة الغربية والذي قضى نحو ثلث حياته في السجون الإسرائيلية.
عمل مصعب مع حركة حماس في بدايات حياته وكان اليد اليمنى لوالده، الذي تبرأ منه فيما بعد نتيجة انشقاقه.
حصل مصعب على لقب “الأمير الأخضر” وهو اسمه الحركي داخل جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي “الشين بيت”، في إشارة إلى لون علم حماس ومكانته التي تمتع فيها يوما داخل الحركة.
انشق مصعب عن الحركة عام 1997، وعمل بعد ذلك كعميل سري لجهاز الشاباك حتى انتقل إلى الولايات المتحدة عام 2007.
وفقا لتقرير نشرته صحيفة “هآرتس” في عام 2010، فإن المعلومات التي أدلى بها مصعب ساعدت جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي على القيام بعدة اعتقالات كبرى ومنع عشرات العمليات ضد إسرائيل خلال الانتفاضة الثانية.
في عام 2007، غادر مصعب الضفة الغربية وانتقل إلى الولايات المتحدة حيث تقدم بطلب للحصول على اللجوء السياسي، وقد وافقت السلطات الأميركية على طلبه في عام 2010.
ومنذ ذلك الحين ابتعد مصعب عن والده واعتنق الديانة المسيحية قبلها. وفي عام 2010 نشر كتاب عن سيرته الذاتية بعنوان “ابن حماس”، الذي تحول فيما بعد إلى فيلم بعنوان الأمير الأخضر، أنتج سنة 2014.
ردة فعل ولده
كانت المعلومات التي أوردتها صحيفة “هآرتس” في ذلك الحين صادمة، حيث اضطر والده حسن يوسف لإصدار بيان نفى فيه ادعاءات الصحيفة.
وقال: “ما ينشر من فعاليات قام بها (ابنه مصعب) ضد الحركة ومجاهديها هو كذب صريح لا لبس فيه ولا يمكنه أن يقدم عليه دليل واحد”، وفق ما نقلت عنه فرانس برس.
وأضاف “سواء صح ما نسبته صحيفة هآرتس العبرية لمصعب أم لا، فإن مصعب لم يكن في يوم من الأيام عضوا فاعلا في صفوف حركة حماس أو أي من أجنحة الحركة العسكرية”.
وأوضح “منذ عام 1996 وحين كان مصعب يبلغ من العمر 17 عاما تعرض لعملية ابتزاز وضغوط من قبل المخابرات الإسرائيلية وعندما انكشف أمره من ذلك التاريخ تم تحذير أبناء الحركة منه”، مشيرا إلى أن العلاقة التي تربطه بابنه “علاقة عائلية فقط”.
والجدير بالذكر أن شقيق مصعب ويدعى صهيب انشق هو الآخر عن حركة حماس، وتوجه إلى بلد لم يذكر اسمه في آسيا، وفقا لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
عودة للأضواء
خلال السنوات التي تلت حصوله على حق اللجوء السياسي في الولايات المتحدة خفف مصعب من ظهوره الإعلامي.
وقال لوسائل إعلام اسرائيلية مؤخرا إن انتقاداته الحادة لحماس اعتبرت مثيرة للجدل للغاية من قبل البعض، مما أدى في النهاية إلى اختفائه عن النشاط العام، لكن هجوم 7 أكتوبر أعادته مرة أخرى.
وأضاف مصعب لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”: “إن ما حدث في يوم 7 أكتوبر، كان بمثابة زلزال بالنسبة لي.. أردت أن أظل ساكتا وكنت أعيش حياة بسيطة للغاية، لكن في ذلك الصباح، استيقظ الأسد الذي بداخلي”.
وتابع أن الأمر “كان كالبركان على وشك الانفجار.. لقد اتخذت قرارا بحرق هذا الشر وتحويله إلى رماد”.
وفي مؤتمر صحفي عقده في بيت أغرون بالقدس الغربية عام 2012 وأوردته فرانس برس، قال مصعب إنه عمل “نحو عشر سنوات مع المخابرات الإسرائيلية بشكل طوعي. ولو عاد بي التاريخ سأعود وأعمل معهم مرة أخرى”.
وأوضح بفخر كيف أن تجسسه لصالح المخابرات الإسرائيلية “منع التسبب بعمليات قتل لليهود وسفك الدماء”، معبرا عن “إعجابي بالديموقراطية الإسرائيلية فهذه دولتي وعدت إليها وأنا غير خائف من أي شيء”.
وفي تصريح لموقع “الحرة”، يعلق الباحث السياسي الفلسطيني، جهاد حرب، على قضية تداول تصريحات مصعب في هذا الوقت بالذات من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية.
ويقول إن “المخابرات الإسرائيلية تستخدم هذا الرجل عندما تكون هناك حجة لوجود أصوات نشاز من الفلسطينيين يجري استخدامها من قبل الجهاز السياسي والأمني الإسرائيلي للقول إن هناك أطرافا فلسطينية معارضة لحركة حماس كانت تعمل مع الحركة في السابق”.
ويضيف حرب أن إسرائيل تحاول من خلال مثل هكذا أشخاص “تشويه صورة حماس بشكل خاص والنضال الفلسطيني بشكل عام، للتبرير أمام الجمهور الداخلي الإسرائيلي والمجتمع الدولي”.
ويتابع حرب أن “الفلسطينيين لا ينظرون لهذا الرجل بعين الأهمية، وهم يعتبرونه أحد عملاء إسرائيل، وبالتالي أية تصريحات من هذا الشخص بالنسبة لهم هي مبنية على معلومات استخبارية من المخابرات الإسرائيلية”.
ويبين حرب أن “هناك شكوكا دائمة حول هذا الشخص، حتى لو كانت المعلومات التي يدلي بها صحيحة، إلا أن الفلسطينيين لا ينظرون له بحسن نية أو بعين الرضى”.
ويقلل حرب من شأن انشقاق مصعب وشقيقه صهيب عن حركة حماس بالقول: “لم يكن لمصعب وشقيقه أية قيمة داخل حركة حماس، لأنهم لم يكونوا من القيادات”، مضيفا أن انشقاقهم “أثر فقط على سمعة والدهم ووضعه النفسي”.
ويؤكد حرب أن “المعلومات التي حصلوا عليها جاءت بناء على قربهم من والدهم، وليس لأنهم كانوا بارزين في الحركة”، لافتا إلى أنه “على الرغم من اعتقال بعض قيادات حماس نتيجة معلومات قدمها مصعب، لكن الحركة لم تتأثر بانشقاقه سواء على المستوى الجماهيري أو التنظيمي”.
وكانت حركة حماس المصنفة جماعة إرهابية في الولايات المتحدة قد شنت هجوما مباغتا على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، ما أسفر عن مقتل واختطاف المئات، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، لترد إسرائيل بحرب واسعة أوقعت آلاف القتلى في غزة، معظمهم مدنيون وبينهم أطفال ونساء.