لماذا يتأخر انضمام دول البلقان إلى الاتحاد الأوروبي؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

وتمارس أوكرانيا ضغوطا مستمرة على الدول الأوروبية منذ اندلاع الحرب مع روسيا، للعمل على تسريع وتيرة انضمامها إلى الاتحاد، حيث حصلت على وضع “مرشح”، في وقت ينتظر به الاتحاد تطبيق كييف لشروطه واتخاذ المزيد من الإجراءات الإصلاحية بالبلاد.

وقالت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، إن بعض زعماء في دول غرب البلقان يشعرون بالإحباط من أن أوكرانيا تتجاوز بلدانهم في عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ويعتبر الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش أن مستوى دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا ومنحها وضع “مرشح” في غضون عام من طلبها، وربما بدء محادثات العضوية في العام المقبل، “يُظهر لنا أن مثل هذا الدعم السياسي لم يكن موجودا بالنسبة لنا أبدا”.

وتقدمت كييف بطلب للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي بعد أقل من أسبوع من اندلاع الحرب في 24 فبراير 2022، وكان كبح جماح الفساد الحكومي واعتماد إصلاحات أخرى على رأس أولويات الاتحاد، في حين كان على بلغراد الانتظار أكثر من 4 سنوات بعد التقدم بطلب لبدء محادثات العضوية في عام 2014.

 ماذا يعرقل عضوية دول غرب البلقان؟

  •  تعثرت مفاوضات صربيا حاليا بشأن عضوية الاتحاد الأوروبي، نتيجة عدة قضايا أبرزها فشل بلغراد في تطبيع العلاقات مع إقليمها السابق كوسوفو الذي أعلن استقلاله في عام 2008، كما أنها الدولة الوحيدة في غرب البلقان التي لم تعتمد عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا، مما أدى إلى إبطاء مسار عضويتها.
  •  تعهد الاتحاد بتسريع مسار عضوية دول غرب البلقان، وهي صربيا وكوسوفو والجبل الأسود وألبانيا ومقدونيا الشمالية والبوسنة والهرسك، إذ قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل إن على الاتحاد أن يستعد لضم أعضاء جدد “بحلول 2030”.
  •  اعترف ميشال بأن “بطء المسار نحو الاتحاد الأوروبي خيّب آمال كثيرين، سواء في المنطقة أو داخل الاتحاد الأوروبي”.
  • لكن رئيس الوزراء الألباني إيدي راما، سخر من سرعة إجراءات انضمام أوكرانيا، إذ قال: “على ما يبدو أن الحرب يمكن أن تسرع العضوية”، قبل أن يمازح القادة معه فعالية أقيمت أخيرا في سلوفينيا بالقول: “من يجب أن يهاجم من في هذا الفريق للحصول على العضوية بشكل أسرع؟ بلغاريا يمكن أن تهاجم مقدونيا الشمالية بسهولة حتى نتمكن جميعا من الاستعداد للانضمام إلى القطار مع أوكرانيا”.
  •  أدى تفكك يوغوسلافيا عام 1990 إلى حروب بين صربيا وكرواتيا والبوسنة وكوسوفو، مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف، كما اندلعت بعض الأعمال العدائية بما في ذلك تلك المتعلقة بتشكيل البوسنة ووضع كوسوفو، بشكل متكرر منذ ذلك الحين، الأمر الذي جعل اندماجهما في الاتحاد الأوروبي أكثر صعوبة.

أوضاع جيوسياسية متغيرة

وقال محللون إن الاتحاد الأوروبي يؤخر انضمام دول غرب البلقان، بالنظر إلى استمرار اشتراطه سيادة القانون ومخاوفه المتعلقة بالفساد، مما يهدد بتعطيل انضمامهم.

ويرى المحلل السياسي المتخصص في شؤون غرب البلقان مؤلف كتاب “أزمة الديمقراطية في البلقان” جاسمين موغانوفيتش، أن “موعد انضمام تلك الدول للاتحاد في 2030 غير منطقي، إذ أن الأوضاع الجيوسياسية تتجه لأوكرانيا، لكنها صعبة للغاية لباقي الدول”.

وأضاف موغانوفيتش: “رأينا الاتحاد الأوروبي يكسر كل وعد ويفشل في كل تهديد، لكن هناك أملا ضئيلا للغاية في أي تحسن موثوق به”.

وسبق أن قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي لويس ميغيل بوينو، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه بعد منح أوكرانيا وضع المرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي عام 2022، يرصد مجلس الاتحاد الأوروبي بانتظام الوفاء بالشروط المحددة في رأي المفوضية الأوروبية بشأن طلب العضوية.

وتشمل هذه الشروط وفق بوينو الإصلاحات المتصلة بالسلطة القضائية، وسيادة القانون، ومكافحة غسيل الأموال، وغيرها من الإصلاحات، معتبرا أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ الاتحاد الأوروبي التي يواجه فيها بلدا مرشحا عدوانا مسلحا مستمرا عليه.

 “حالة نسيان”

أما الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الدولية والاستراتيجية إيرينا تسوكرمان، فقالت في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” إن دول البلقان وُعدت باتخاذ إجراءات نحو مسار عضويتها بالاتحاد الأوروبي منذ ما يقرب من 20 عاما، لكنها لا تزال تعاني من “حالة النسيان”.

وحددت “توسكرمان” أسباب غضب دول البلقان وتأخر انضمامها للاتحاد الأوروبي في عدد من النقاط، قائلة:

  • إحباطهم أمر مفهوم، خاصة أن عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ليست تلقائية.
  •  حتى المسار السريع يتطلب تلبية معايير مختلفة تتعلق بمؤهلات العضوية، مثل النجاح في مكافحة الفساد، وحماية الحريات وحقوق الأقليات، والتحرير الاقتصادي، وغير ذلك من القضايا.
  •  صحيح أن أوكرانيا لا تختلف في كثير من النواحي عما كانت عليه تلك الدول قبل 20 عاما، لكن الحرب أظهرت الصعوبات التي تواجه معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية الراسخة.
  •  هناك أيضا بعض الاختلافات الرئيسية، إذ يشكل الوضع في أوكرانيا مصدر قلق أمني لكل أوروبا، بما في ذلك منطقة البلقان، ومن خلال ضم كييف إلى الاتحاد الأوروبي بسرعة يصبح بوسع بروكسل أن تزود كييف بالموارد والحوافز اللازمة لدفع الأجندة المناصرة للديمقراطية والليبرالية رغم الجهود التي تبذلها روسيا.
  •  الأمر الآخر أن أوكرانيا، رغم المشاكل العديدة التي تواجهها، حققت بالفعل تحسينات كبيرة على العديد من الجبهات منذ ما يقرب من 20 عاما، في حين تدهورت دول البلقان بالفعل، إذ تم انتقادها ليس فقط لعدم مكافحة الفساد، لكن لاحتضانه والسماح بالمزيد منه، وغير ذلك من المؤشرات الداخلية بسبب عدم القدرة على التغلب على التوترات الطائفية.
  •  بصراحة، تشعر العديد من دول الاتحاد الأوروبي بالقلق إزاء ضم العديد من الأعضاء الجدد الذين سيعتمدون بشكل كبير على المعونات الأوروبية، وهناك بالفعل توترات بين بعض دول التكتل الأصغر حجما والأفقر وبين الدول الأكثر ثراء.
  •  لا ينبغي لبروكسل أن تتخلى عن هذه البلدان، بل عليها أن تنخرط في حوار نشط وعملية للتغلب على هذه القضايا، لأنه بغض النظر عما إذا كانت ستنضم كأعضاء أم لا، فإنها لن تنضم إلى تكتل منافس.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *