اتهمت لجنة تابعة للأمم المتحدة، الأربعاء، استنادا إلى نتائج تحقيق، إسرائيل و7 “مجموعات فلسطينية مسلحة”، من بينها حركة حماس، بارتكاب “جرائم حرب” منذ السابع من أكتوبر، وهو الأمر الذي يضيف المزيد من التطورات على الحرب التي تقترب من شهرها التاسع، وسط جهود يبذلها الوسطاء من أجل التوصل إلى اتفاق يفضي إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن المحتجزين.
والنتائج المستخلصة جاءت من تقريرين متزامنين أحدهما ركز على هجمات شنتها حماس في السابع من أكتوبر، والثاني ركز على الرد العسكري الإسرائيلي عليها، حيث نشرتهما لجنة تحقيق الأمم المتحدة، التي لديها تفويض واسع النطاق لجمع الأدلة وتحديد الجناة للجرائم الدولية التي ارتُكبت في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتثير نتائج هذه التحقيقات، التي ردت عليها إسرائيل بالقول إنها “أثبتت مرة جديدة أن تحركاتها (اللجنة) تأتي كلها خدمة لأجندة سياسية تركز على مناهضة إسرائيل”، المزيد من التساؤلات حول تأثيرها على ما يحدث على الأرض، ومدى إمكانية أن تضيف ضغوطا جديدة للقبول بوقف إطلاق النار.
“مقتل المدنيين يصب في مصلحة حماس”.. تقرير يكشف فحوى رسائل السنوار للوسطاء
كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، عن فحوى رسائل بعثها رئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، إلى الوسطاء وأعضاء المكتب السياسي في الخارج على مدار الأشهر الماضي، والتي تفيد بأن “المزيد من القتال والمزيد من الوفيات بين المدنيين الفلسطينيين، يصب في مصلحته”.
“لا تراعي مختلف القضايا”
ويشكك المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، في دقة نتائج مثل هذه التقارير، “التي لا تراعي مختلف القضايا”، إذ يقول إن “هذه التحقيقات تجري من بعيد ولا تراعي الكثير من الأمور والتطورات على أرض الواقع”.
ويضيف لموقع “الحرة” أن “المنظمات الدولية تتساهل في توجيه الاتهامات إلى إسرائيل، دون النظر بشكل أساسي إلى مختلف القضايا المطروحة على أرض الواقع، وما حدث من قبل الجماعات الإرهابية في غزة”.
ويشير شتيرن إلى أن “الأمور على الأرض في هذه الحرب معقدة جدا والقانون الدولي الحالي قديم للغاية وغير جاهز لمتابعة ومعالجة مثل هذه المواجهات التي تجري في أماكن مكتظة بالسكان”.
واندلعت الحرب في قطاع غزة، إثر هجوم حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ”القضاء على حماس”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل نحو 37 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية بالقطاع.
وخلال هذا الأسبوع، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، عن فحوى رسائل بعثها رئيس حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، إلى الوسطاء وأعضاء المكتب السياسي في الخارج، والتي تفيد بأن “المزيد من القتال والمزيد من الوفيات بين المدنيين الفلسطينيين، يصب في مصلحته”.
وفي عشرات الرسائل، التي تمت مشاركتها مع “وول ستريت جورنال” من قبل أشخاص لديهم وجهات نظر مختلفة حول زعيم الحركة في غزة، أظهرت أن السنوار “يستخف بالحياة البشرية، ويعتقد أن إسرائيل لديها الكثير لتخسره من الحرب”.
في المقابل، يعتبر المحلل السياسي الفلسطيني أشرف عكة، أن هذه التحقيقات “بغض النظر عن طبيعة نتائجها، تشير بوضوح إلى أن طرفي النزاع قد ارتكبا جرائم حرب، وهذا يتطلب عمليا إجراءات لمحاسبتهما أو إصدار مذكرات اعتقال دولية بحقهما”.
ويضيف لموقع “الحرة”: “نعم، هذه التقارير تعطي بعض الإشارات الدالة على وجود جرائم، ولكن الأهم هو أنها تأخذها بعين الاعتبار من قبل أطراف النزاع”.
ومع ذلك، يعتقد عكة، أن تطبيق القرارات أو القوانين المرتبطة بمثل هذه التحقيقات، يحتاج إلى آلية تنفيذ واضحة، حيث يعتبر أنها “قد تمهد إلى إجراءات بمحكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة”.
وتنظر محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، في دعوى قضائية رفعتها جنوب أفريقيا في ديسمبر الماضي، ضد إسرائيل، تتهمها فيها بارتكاب أعمال إبادة جماعية في حرب غزة، وبأنها “انتهكت التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية”.
وتنفي إسرائيل ارتكابها إبادة جماعية في قطاع غزة، وتؤكد أن حملتها العسكرية تهدف إلى “القضاء على حماس”، التي تحكم القطاع الفلسطيني منذ عام 2007.
تفاصيل جديدة.. كيف قضى الرهائن المحررون أشهر الاحتجاز في قبضة حماس؟
كشف تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”، تفاصيل عاشها الرهائن الإسرائيليين الذين تم إنقاذهم من قبضة حماس خلال عملية نفذها الجيش الإسرائيلي في مخيم النصيرات بقطاع غزة، وتسببت في مقتل عشرات الفلسطينيين وإدانات دولية واسعة.
هل تغير شيء؟
استبعد المحللون خلال حديثهم مع موقع “الحرة” أن يكون لنتائج تحقيق اللجنة الأممية أي تأثيرات على ما يحدث على الأرض من قتال مستمر منذ 8 أشهر، حيث تؤكد إسرائيل على إصرارها في “القضاء على قدرات حماس العسكرية والسلطوية في قطاع غزة”.
ويعتبر شتيرن أن “هذه التحقيقات لن تغير شيئا مما يجري على أرض الواقع، وأن الأمور لن تتأثر بمثل هذه القرارات، التي ليست لها أهمية في الوقت الراهن”.
ويقول: “القانون الدولي يعتمد على صراعات بين دول وليس صراعا بين دولة ومنظمة إرهابية من جانب آخر، لهذا أعتقد أن نتائجها (لجنة الأمم المتحدة) منحازة ولا تأخذ بالحسبان مثل هذه السيناريوهات الجديدة نسبيا، فضلا عن أنها لن تغير أي شيء على الأرض”.
بدوره، يتفق عكة مع طرح أن “نتائج التحقيقات لن تؤثر على ما يحدث”، لكنه يقول: “ما فائدة هذه التقارير إذا لم يكن لها تأثير؟ المشكلة الآن تتعلق بطبيعة آلية اتخاذ القرارات وتطبيق قواعد القانون الدولي، وهناك اتفاقيات دولية. لكن تطبيقها يظل تحديا في ظل الظروف الراهنة”.
والسبت الماضي، أنقذت قوات إسرائيلية، 4 من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، عبر عملية عسكرية في موقعين مختلفين وسط مخيم النصيرات بغزة، والتي أسفرت حسب ما أعلن مسؤولو الصحة الفلسطينيون، عن مقتل ما لا يقل عن 274 فلسطينيا، بينهم عشرات النساء والأطفال.
وعبر الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، جيريمي لورانس، عن مخاوفه بشأن “انتهاكات محتملة من جانب القوات الإسرائيلية”، في هذه العملية، إلى جانب الجماعات الفلسطينية التي تحتجز رهائن في مناطق مكتظة بالسكان، و”تعرض حياة المدنيين القريبين والرهائن إلى مخاطر إضافية”.
التأثير على المفاوضات؟
تأتي نتائج تحقيقات اللجنة الأممية، في الوقت الذي يحاول مفاوضون من الولايات المتحدة ومصر وقطر التوسط لإبرام اتفاق يفضي إلى وقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم الحركة الفلسطينية، منذ السابع من أكتوبر.
وتضغط الولايات المتحدة منذ أسابيع في سبيل الوصول إلى اتفاق، حيث قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي يقوم بجولة شرق أوسطية هي الثامنة منذ اندلاع الحرب، الثلاثاء، إن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو “أعاد تأكيد التزامه” بخطة وقف إطلاق النار، رغم أن حكومته التي تضم أعضاء من اليمين المتطرف، لم تؤيدها رسميا.
وهذا الأسبوع، أيد مجلس الأمن الدولي، مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة يدعم اقتراحا طرحه الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة.
وطرح بايدن في 31 مايو الماضي، خطة من ثلاث مراحل لوقف إطلاق النار، واصفها إياها بأنها مبادرة إسرائيلية، كما دعا جميع الأطراف إلى عدم تفويت فرصة التوصل لصفقة تنهي النزاع.
بين مواقف حماس وإسرائيل.. إلى أين وصل مقترح وقف إطلاق النار في غزة؟
أبدت إسرائيل وحماس انفتاحا على قبول مقترح وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأميركي، جو بايدن، ودعمه قرار من مجلس الأمن الدولي، لكن لا يصل كلا الطرفان إلى حد القبول بالمقترح، حيث قدمت الحركة الفلسطينية تعديلات رأت إسرائيل أنها تغيّر من أركانه الأساسية.
والأربعاء، قالت حركة حماس، إنها سلمت الوسطاء رد “إيجابي” على الخطة الأميركية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة، مما يفتح “طريقا واسعا” للتوصل إلى اتفاق، وفقا لوكالة رويتزر، والتي نقلت في المقابل عن مسؤول إسرائيلي، قوله إن الحركة رفضت مقترح إطلاق سراح الرهائن، وأنها “غيرت كل المعايير الرئيسية والأكثر أهمية (في الاقتراح)”.
ولن تؤثر النتائج المرتبطة باللجنة الأممية على المفاوضات الجارية، حسب شتيرن، والذي يقول إن “هناك ضغوطات كبيرة، ميدانية ودبلوماسية، من أجل الوصول إلى صفقة. ولا أعتقد أن ما تم الإعلان عنه سيؤثر على تصرفات الطرفين في المفاوضات”.
ويتفق مع هذا، عكة والذي يقول إن “هذه التقارير، وإن كانت مهمة من الناحية الرمزية، لا تضغط على الأطراف بالمقارنة مع آليات سياسية مختلفة مثل قرارات مجلس الأمن الدولي”.
ويضيف: “قرار مجلس الأمن الذي صدر بدعم أميركي قبل أيام والذي يضاف إلى عشرات الآليات الأخرى، هو القرار الأهم فيما يتعلق بإيقاف هذه الحرب”.