كيف تعيد “المنطقة العازلة” التي تقترحها إسرائيل تشكيل قطاع غزة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

يعاني سكان قطاع غزة من نقص حاد في الغذاء، وبينما شبح المجاعة يلوح في الأفق، وفي مواجهة ذلك هناك سباق مع الزمن في محاولة لإيصال مزيد من المساعدات الإنسانية المباشرة من خلال إلقائها من الجو أو من خلال ممر بحري انطلاقا من قبرص.

والطريقة الأسرع والأكثر فعالية لإيصال المساعدات إلى القطاع هي عن طريق البر، ولكن دخول الشاحنات عبر معبرين في جنوب غزة لم يتناسب مع حجم الحاجة إلى الغذاء، وفق تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.

حاولت بلدان إرسال مساعدات لسكان غزة عبر البر والسماء والبحر

وتصل المساعدات أساسا من مصر عبر معبر رفح في جنوب غزة، بعد إخضاعها لتفتيش إسرائيلي دقيق، لكنها تظل غير كافية على الإطلاق بالنظر إلى الاحتياجات الهائلة للسكان البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، وفق وكالة “فرانس برس”.

والعمليات العسكرية وانهيار النظام الاجتماعي أعاقا توزيع المساعدات بشدة، في حين تأثر إنتاج الغذاء في غزة بشدة، حيث دمرت المزارع والمخابز والمصانع أو أصبح من الصعب الوصول إليها.

وإلى جانب الضربات والمعارك تخشى الأمم المتحدة “حصول مجاعة تعم القطاع برمته” ولا سيما في الشمال الذي لحق به دمار كبير جراء الحرب ويصعب الوصول إليه.

مع دخول الحرب في غزة شهرها السادس، حذرت الأمم المتحدة من أن ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة، أي ربع عدد السكان، مهددون بخطر المجاعة.

وفي مواجهة عدم كفاية المساعدات التي تصل بالشاحنات، بدأت العديد من الدول بتنظيم عمليات إنزال جوي للمساعدات، إضافة إلى فتح الممر البحري من قبرص، لكنها تؤكد جميعها أن ذلك لا يمكن أن يشكل بديلا من الممرات البرية في مواجهة المجاعة المحدقة بسكان القطاع الفلسطيني الذي دمرته الحرب المستمرة منذ أكثر من خمسة أشهر بين حماس وإسرائيل.

مساعدات عبر الجو

وقامت الولايات المتحدة والأردن ومصر وفرنسا وهولندا وبلجيكا بإسقاط المساعدات إلى غزة في الأيام الأخيرة مع تزايد المخاوف بشأن المجاعة بين السكان.

ومنذ الثاني من مارس نفذت الولايات المتحدة سبع مهمات إنزال جوي قدمت من خلالها أكثر من 200 ألف وجبة، وحوالي 50 ألف زجاجة مياه السكان الذين يحتاجون إلى ملايين الوجبات الإضافية كل يوم.

وحزم المساعدات التي ألقتها القوات الأميركية خلال الأيام الماضية فوق شمال غزة، كانت تحمل الأرز والطحين والحليب والمعكرونة وأغذية معلبة في حزم يبلغ وزنها أقل من 200 كلغ.

طائرة الـ”سي 30″ التي حملت المساعدات التي تم إنزالها الأحد الماضي انطلقت من الأردن في رحلة مدتها ساعتين، وتكلف رحلتها التشغيلية حوالي 30 ألف دولار، حيث يتطلب وجود طاقم مكون من تسعة أفراد من ذوي الخبرة، لتحمل 3.2 طن من المواد الغذائية، والتي بالكاد تكفي لإطعام 4000 شخص وفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

وتقول المنظمات الإغاثية إن جميع سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية.

وحتى الآن نادرا ما تصل الكميات التي يتم إدخالها عبر الجو إلى 17 طنا من المساعدات، وهو ما يمكن أن تحمله شاحنة واحدة فقط والتي يمكن أن تكون تكلفة إدخالها بأقل من عُشر التكلفة.

المجاعة تهدد غزة.. لماذا يتم إسقاط مساعدات جوا ويلتهم بعضها البحر؟

أعلنت أربع دول عربية وهي “الأردن، والإمارات، ومصر، وقطر”، بالإضافة لفرنسا، تنفيذ “عملية إنزال جوي” لمساعدات إلى سكان قطاع غزة، فما أسباب اتخاذ تلك الدول هذه الخطوة؟، وما تأثير هذه المساعدات على….

ولذلك فإرسال المساعدات عبر الطائرات بـ”الأمر المكلف والخطير ولا يكفي” لدرء المجاعة”، وفق “وول ستريت جورنال”.

مساعدات عبر البحر

الجمعة، بدأت أول سفينة تحمل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عبر ممر بحري من قبرص، تفريغ حمولتها البالغة 200 طن على ساحل القطاع الفلسطيني، الجمعة، بحسب ما أفادت متحدثة باسم المنظمة المسؤولة عن العملية.

وقالت ليندا روث إن منظمتها “وورلد سنتر كيتشن” (المطبخ المركزي العالمي) “تفرغ القاطرة التي توقفت الآن بمحاذاة الرصيف” المؤقت، بعدما جرّتها سفينة منظمة “أوبن آرمز” التي أبحرت من قبرص.

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته “انتشرت لتأمين المنطقة”.

وأضاف الجيش أن “السفينة خضعت لفحص أمني كامل”، مؤكدا أن دخول المساعدات الإنسانية “لا ينتهك” الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ عام 2007.

والثلاثاء، أبحرت “أوبن آرمز” من ميناء لارنكا القبرصي، متوجهة إلى غزة عبر ممر بحري إنساني.

 وتمثل شحنة 200 طن من المواد الغذائية (الأرز والدقيق والسلع المعلبة) حوالي 300 ألف وجبة، وهي مقدمة من منظمة “وورلد سنتر كيتشن” غير الحكومية التي يديرها الطباخ الإسباني الأميركي، خوسيه أندريس.

وقالت إسرائيل إن 130 طردا من المعدات والمواد الإنسانية و115 طنا من المواد الغذائية والمياه جرى تفريغها على شاحنات تابعة لمنظمة “وورلد سنتر كيتشن” لتوزيعها بعد خضوعها لتفتيش أمني.

وتقوم حاليا “وورلد سنتر كيتشن” التي تعمل بالشراكة مع الإمارات، بتحميل حوالي 300 طن من المواد الغذائية على متن سفينة أخرى في لارنكا لم يتم حتى الآن إعلان موعد إبحارها.

تهدف مؤسسة “وورلد سنتر كيتشن” الخيرية إلى إيصال المساعدات عبر رصيف مؤقت للسفن رغم عدم اتضاح تفاصيل دقيقة بشأن كيفية وصول الإمدادات إلى الشاطئ، وفق وكالة “رويترز”.

وإذا نجح الطريق البحري الجديد، فقد يساعد في تخفيف أزمة الجوع التي تضرب قطاع غزة حيث يعاني مئات الآلاف من سوء التغذية.

ورغم ذلك، قالت وكالات الإغاثة مرارا إن خطط تقديم المساعدات عن طريق البحر ومن خلال الإنزال الجوي لن تكون كافية لتلبية احتياجات القطاع الهائلة.

مساعدات عبر البر

وفقا للأرقام الصادرة عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، تدخل في المتوسط 112 شاحنة إلى قطاع غزة يوميا منذ نهاية أكتوبر الماضي.

وحسب أحدث البيانات المتاحة من السلطات الإسرائيلية، فقد بلغ متوسط حمولة كل شاحنة دخلت غزة الأحد 22 طنا، وفق ما نقلته “فرانس برس”.

ولا تلبي هذه الكميات الشحيحة الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية في القطاع حيث تحذّر الأمم المتحدة من أن 2.2 مليون شخص من سكّانه البالغ عددهم 2,4 مليون، مهدّدون بالمجاعة. 

وقد نزح 1.7 مليون من السكان بسبب الحرب ويتجمع القسم الأكبر منهم في رفح على الحدود مع مصر والمهددة باجتياح بري تعد له إسرائيل.

تؤكد الأمم المتحدة أن إرسال المساعدات عن طريق البحر وعمليات الإنزال الجوي التي تشارك فيها عدة دول وتنفذ بشكل شبه يومي منذ أسابيع، لا يمكن أن تحل محل المعابر البرية.

وقبل الحرب، كانت تدخل إلى قطاع غزة نحو 500 شاحنة يوميا، وفقا لمصدر في المجال الإنساني.

وتضغط الدول الغربية على إسرائيل لتوسيع توصيل المساعدات عن طريق البر، وتسهيل المزيد من الطرق وفتح معابر إضافية، وفق “بي بي سي”.

وترفض إسرائيل، التي أغلقت جميع الطرق البرية المؤدية إلى غزة باستثناء معبرين على الطرف الجنوبي للقطاع، تحمل مسؤولية أزمة الجوع وتقول إن وكالات الإغاثة يجب عليها أن تبذل جهودا أكبر في توزيع المساعدات الغذائية، حسب “رويترز”.

وتقول وكالات المساعدات إنها بحاجة إلى تسهيل وصولها إلى المناطق المستهدفة وضمان سلامة العاملين، وكلاهما مسؤولية القوات الإسرائيلية التي حاصرت القطاع واقتحمت مدنه.

ومن جانبها،تنفي إسرائيل عرقلة دخول المساعدات إلى غزة وتتهم منظمات الإغاثة بالفشل في توزيعها.

ورفضت إسرائيل اتهامات حكومات أجنبية ووكالات إغاثة بأنها أعاقت تدفق الغذاء والإمدادات الأخرى إلى سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وتسببت في تزايد خطر المجاعة. 

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يعتزم “إغراق غزة بالمساعدات عبر قنوات مختلفة”.

وحملت إسرائيل جماعات الإغاثة الدولية مسؤولية عدم توصيل المساعدات، وتقول إنها بدأت في ترتيب عمليات التسليم مع مقاولين محليين من القطاع الخاص.

مجاعة أم تجويع.. من يتحمل مسؤولية الكارثة في قطاع غزة؟

يعاني سكان قطاع غزة من “الجوع الشديد” نتيجة الحرب بين إسرائيل وحركة حماس “المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى”، وسط اتهامات للحكومة الإسرائيلية باستخدام “سلاح التجويع” ونفي إسرائيلي، بينما يكشف مختصون لموقع “الحرة” معنى ذلك المصطلح ومن المستفاد من معاناة المدنيين في القطاع.

واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق في السابع من أكتوبر، الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل “القضاء على الحركة”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، ما تسبب بمقتل 31490 فلسطينيا، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 73439، وفق ما أعلنته وزارة الصحة التابعة لحماس، الجمعة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *