في السادس والعشرين من أكتوبر، شنت طائرات حربية إسرائيلية هجوما على أهداف عسكرية في عمق الأراضي الإيرانية، لكن حدة الهجوم الذي وعدت به كانت أقل من المتوقع، وهو ما يرى خبراء أنه يمنح البلدين فرصة لوقف التصعيد.
وكان الحديث خلال الأسابيع التي تلت هجوم إيران على إسرائيل في الأول من أكتوبر يدور حول ما إذا كانت إسرائيل سترد باستهداف المنشآت النووية أو النفطية داخل إيران.
ومنذ الساعات الأولى من صباح 26 أكتوبر، عندما أطلقت إسرائيل هجومها، أقر التلفزيون الحكومي الإيراني بسماع انفجارات قوية في محيط طهران، لكن وسائل الإعلام الرسمية سارعت إلى التقليل من حجمه.
وذهبت بعض القنوات المؤيدة للحرس الثوري الإيراني على “تيليغرام” إلى حد القول إن وسائل الإعلام الإسرائيلية انتقدت رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، لشنه هجوما “مخيبا للآمال” على إيران.
وتعرضت إسرائيل لضغوط منذ أسابيع من حليفتها، الولايات المتحدة، ودول الخليج، بهدف عدم عدم توجيه ضربة تعرض المنطقة لحرب شاملة، وتحرك البنتاغون بسرعة بعد الهجوم الأخير ليقول إن الولايات المتحدة كانت على علم بخطط إسرائيل مسبقًا، ولكن لم تشارك في الهجوم.
وقال علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، لإذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي إن نطاق وحجم الهجوم الإسرائيلي كانا محدودين، “وهذا يعني توفير مخرج للجانبين للابتعاد عن حافة الهاوية”.
وقال مايكل هورويتز، رئيس الاستخبارات في شركة الاستشارات الدولية “لو بيك” ومقرها البحرين، للإذاعة الأميركية إن “الضغوط الأميركية كانت لها تأثيراتها وربما فضلت إسرائيل تجنب توريط واشنطن في تصعيد لا تريده، خاصة قبل الانتخابات الرئاسية”.
رغم النفي الإسرائيلي.. إيران تتحدث عن “إشارات” قبل الهجوم
صرح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الأحد، بأن بلاده تلقت “إشارات” قبل الهجوم الذي شنته إسرئيل على مواقع عسكرية إيرانية، وهو ما نفاه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو.
وقالت صحيفة واشنطن بوست نقلا عن مصادر إن مسؤولين إسرائيليين قالوا في أحاديث خاصة إن الهجوم كان “يهدف إلى الردع وتوفير مخرج لإيران من صراع أوسع نطاقا”.
وقال شخص مطلع على خطط إسرائيل: “أردنا أن نمنح الإيرانيين فرصة لعدم التصعيد أكثر من ذلك”.
وبالفعل استهدف الهجوم منشآت إنتاج صواريخ وأنظمة للدفاع الجوي، لكنه لم يشمل منشآت أخرى ذات طبيعة حساسة، مثل المنشآت النووية أو النفطية، وهو “ما خفف من المخاوف بشأن صراع أوسع”، وفق الصحيفة.
ويأمل محللون عسكريون، ودبلوماسيون، في تراجع حدة التوترات في المنطقة بعد هذه العملية المحدودة، وفق الإذاعة الأميركية.
وتقول الإذاعة إن دول الخليج كانت تشعر بالقلق من أن أي هجوم على البنية الأساسية للطاقة في إيران قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على منشآت النفط والغاز لديها، في حين يشعر المجتمع الدولي بالقلق من أن ضرب المنشآت النووية الإيرانية قد يشجع إيران على تطوير قنبلة نووية.
لكن رغم هذه الآمال، قال هورويتز إن الهجوم الإسرائيلي، رغم أنه كان مدروسا، لايزال يمثل أكبر ضربة جوية على إيران منذ الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات، ويحمل “رسالة واضحة”.
وقال: “تستطيع إسرائيل أن تعمل في عمق إيران، بحرية نسبية. وربما اتسع نطاق هذه الحرية بعد الهجوم الأخير، ومن المرجح أن تكون إسرائيل قد دمرت بعض الدفاعات الجوية الإيرانية”.
وقال الجيش الإيراني إن جنديين قتلا أثناء “صد” الهجوم الإسرائيلي، ما يشير إلى أنهما كانا ضمن سلاح دفاع الجو، لكن يقول خبراء للإذاعة الأميركية إن وفاتهما لن تؤثر على أي قرار إيراني فيما يتعلق بمسألة الرد.
وقال حميد رضا عزيزي، زميل المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية: “لا أعتقد أن هذا الحادث المحدد سيدفع إيران إلى الرد بشكل كبير، لأنه لم يكن هناك أي مؤشر على أن إسرائيل كانت تريد وقوع إصابات”.
وتشير بعض التقارير إلى أن إسرائيل نبهت إيران قبل تنفيذ الهجوم، وهو ما قال عزيزي إنه يشير إلى أن إسرائيل تريد أن يظل الصراع “على الأقل ضمن حدود معينة”.
لكن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو نفي تلك التقارير التي تشير إلى أن إسرائيل حذرت إيران من خلال أطراف ثالثة، وأنها أعطت إشارة عامة لما ستستهدفه وما لن تستهدفه.
ويقول الخبراء إنه ما لم يكن الضرر كبيرا، فإن إيران إما ستتخلى عن الرد أو تختار الانتقام بطريقة تحقق أقل ضرر ممكن، وهو ما قد يشمل إطلاق هجمات على إسرائيل من قبل وكلائها.