ويعتقد محللون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن أوكرانيا تعوّل على دور صيني لإقناع روسيا بضرورة قبول مفاوضات من شأنها إنهاء الحرب، وكذلك اعتبار بكين ضامنا لعملية السلام، في حين تبدو الأخيرة أكثر اقتناعا بضرورة مشاركة طرفي الصراع في أي عملية سياسية من دون استبعاد لأحدهما، كما سيجري في قمة سويسرا.
ماذا تتضمن قمة سويسرا؟
- بحسب سويسرا، يهدف المؤتمر إلى إنشاء منتدى لحوار رفيع المستوى حول سبل تحقيق سلام شامل وعادل ودائم لأوكرانيا وفقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، كما يهدف إلى إيجاد فهم مشترك لخارطة طريق ملموسة لمشاركة روسيا في عملية السلام.
- من المقرر أن تعقد هذه القمة في مدينة لوسيرن وسط سويسرا يومي 15 و16 يونيو المقبل، في وقت أكدت به حكومة برن أنها وجهت دعوات للمشاركة إلى 160 وفدا لا تشمل روسيا.
- زيلينسكي كان قد حدد سابقا خطة سلام من 10 نقاط لاستعادة وحدة أراضي أوكرانيا، وسحب جميع القوات الروسية، وحماية إمدادات الغذاء والطاقة، وضمان السلامة النووية، والإفراج عن جميع أسرى الحرب.
- في المقابل رفضت موسكو بشدة صيغة زيلينسكي للسلام، حيث قالت إنها مستعدة للدخول في محادثات حول أوكرانيا لكن يجب أن تحترم المصالح الأمنية لروسيا، وتعكس ما تسميه “الحقائق الجديدة” على الأرض.
- قبل أكثر من عام، قدمت بكين ورقتها الخاصة المكونة من 12 نقطة التي حددت المبادئ العامة لإنهاء الحرب، لكن في حينها تلقت ردا فاترا من كل من روسيا وأوكرانيا، بينما قالت الولايات المتحدة إن الصين تقدم نفسها كصانع سلام لكنها تعكس “الرواية الكاذبة” لروسيا وتفشل في إدانة عمليتها العسكرية.
لماذا طلب زيلينسكي حضور بكين؟
اعتبر محلل الشؤون الأوكرانية بمجموعة الأزمات الدولية سيمون شليغل، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن حضور الصين لمؤتمر سويسرا أمر مهم بالنسبة للأوكرانيين.
وأوضح شليغل أن “كييف تنظر إلى بكين باعتبارها واحدة من الدول القليلة الكبيرة التي تستمتع إليها موسكو، والتي يمكن أن تحدث فرقا اقتصاديا معها، ولها أيضا تأثير كبير في جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى وإفريقيا”.
وأشار إلى أن “الصين تأخذ جانبا من الخطة التي قدمها زيلينسكي للسلام، وبالتالي فإن ظهورها علنا في مؤتمر لا يحتوي إلا على تبرير للنقاط الـ10 التي تضمنتها خطة الرئيس الأوكراني سيكون علامة قوية لدول أخرى في آسيا وإفريقيا، وبالتالي مسعى لدفع روسيا نحو مزيد من العزلة الدبلوماسية”.
ورغم ذلك، فـ”من غير الواضح ما إذا كانت الصين ستحضر أو ما إذا كانت سترسل وفدا رفيع المستوى”، وفق شليغل الذي شدد على أن الخطة التي طرحتها الصين للسلام تختلف عن تلك التي طرحها الأوكرانيون، لذا “فإن التوقعات ليست كبيرة، لكن الوجود أو الغياب الصيني ومستوى الوفد الذي يرسلونه مهم جدا للأوكرانيين”.
هل تقبل الصين الدعوة؟
من بكين يرى الكاتب والباحث السياسي الصيني نادر رونغ هوان، في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن موقف الصين تجاه أزمة أوكرانيا “ظل واضحا وحياديا منذ البداية، إذ تدعو لوقف إطلاق النار والعودة لمائدة المفاوضات وإيجاد حل سياسي متوازن للأزمة يراعي مخاوف كافة الأطراف”.
وأوضح رونغ أن بكين لم تحسم إلى الآن موقفها الرسمي من المشاركة في قمة سويسرا، لكنها “تدعم عقد مؤتمر سلام دولي يحظى بموافقة روسيا وأوكرانيا وتشارك فيه جميع الأطراف المنخرطة في هذا الصراع”.
وقال المحلل السياسي الصيني إن “بكين مستعدة لبذل جهودها والعمل مع المجتمع الدولي وتنسيق التواصل لإيجاد الحل في أزمة أوكرانيا، خاصة أنها تدعم جميع الجهود الرامية لوقف إطلاق النار، وتحقيق السلام من خلال المفاوضات”، لافتا إلى أن الموقف الصيني “حيادي” من طرفي النزاع، استنادا إلى جهود الوساطة التي تقوم بها.
كما قالت الكاتبة الصحفية الصينية فيحاء وانغ شين لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “الحكومة الصينية ستفكر بجدية قبل قبول هذه الدعوة وستجري محادثات مع مختلف الأطراف، خاصة أنها قد تكون جسرا بين روسيا وأوكرانيا لتفعيل الحوار نظرا لموقفها الحيادي”.
وأضافت وانغ أن “الصين تشجع وتدعم كل الجهود التي تسهم في الحل السلمي للأزمة، كما تدعم عقد مؤتمر دولي للسلام في الوقت المناسب، تعترف به كل من روسيا وأوكرانيا، بمشاركة متساوية من جميع الأطراف ومناقشة محايدة لجميع مبادرات السلام”.
ولفتت إلى أن بكين حافظت دائما على موقف “موضوعي وعادل” في تناولها لمسألة الحرب في أوكرانيا، كما أصرت في ذات الوقت على تعزيز “المصالحة والمفاوضات”، ومستعدة لمواصلة العمل مع المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي للأزمة الأوكرانية.