ما تزال كارثة السيول في درنة الليبية، تكشف كل يوم عن قصص مؤثرة، خلفتها عاصفة “دانيال” التي ضربت مدنا عدة بشرق البلاد، وراح ضحيتها 21 ألف قتيل ومفقود بدرنة و40 ألف نازح بليبيا، وفق الأمم المتحدة.
من بين تلك القصص التي تتوزع بين ألم وأمل، قصة عنوانها التضحية في سبيل إنقاذ الآخرين حتى مع فقدان “بطلها” كل شيء بما في ذلك عائلته كاملة، تلك هي قصة العضو بالهلال الأحمر الليبي “حمدي بلعيد ” القاطن في درنة، تلك المدينة التي لم تستيقظ بعد من هول ماحل بها وبأهلها الذين مازالت جثث كثير من مفقوديهم بين ظلمات البحر وأخرى تحت ركام المباني وطمي السيول.
ضحّى وحيدا
تتلخص قصة “حمدي بلعيد” في مقطع مصور، لاقى تفاعلا لدى رواد منصات التواصل الاجتماعي، يوثق المأساة والبطولة معا، إذ يقص ناشط -في مقطع الفيديو- قصة حمدي متأثرا بشدة ويظهر حمدي باكيا أثناء حديث الناشط عن عائلته التي راحت جراء العاصفة الشديدة “دانيال” والسيول التي ضربت المدينة.
ومع ما حل به بعد أن فقد عائلته، فقد ظل حمدي صامدا في وجه العاصفة، مواصلا عمله وواجبه في إنقاذ الآخرين ضمن جهود فرق الهلال الأحمر الليبي، ولم يثنه حزنه أو صدمته بفقدانه أفراد عائلته في تلك الكارثة عن تقديم المساعدة لمن حوله، في خضم تلك الحادثة التقط حمدي صورة له مع بداية سقوط الأمطارعلى المدينة ونشرها على حسابه في فيسبوك معلقا عليها “اللهم أنت القادر فأعنا.. نسأل الله السلامة”.
مأساة مفتوحة
لا إحصائيات نهائية بشأن أعداد ضحايا سيول الشرق الليبي، خاصة مدينة درنة المنكوبة، وعلى الرغم من إعلان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ارتفاع عدد قتلى السيول في مدينة درنة إلى 11 ألفا و300 قتيل، و10 آلاف و100 مفقود، وأن الفيضانات أودت بحياة 170 شخصا في أماكن أخرى بشرق ليبيا خارج مدينة درنة، وأن عدد النازحين في شمال شرق ليبيا ارتفع إلى نحو 40 ألفا، فإن العدد يبقى مرشحا للارتفاع في كل لحظة.
ويعود ذلك للتقديرات الكبيرة لأعداد المفقودين، خصوصا من جرفتهم السيول إلى البحر، في ظل تواصل جهود البحث عنهم، وسط فاجعة لا تخفف من هولها سوى حالات العثور على ناجين من بين الأنقاض أو تلك الجهود التي تعكسها قصص التحدي والبطولة في مجابهة الكارثة بإنقاذ ما يمكن إنقاذه.