بينما تدق منظمات الإغاثة ناقوس الخطر لما يحدث في غزة جراء الحصار المفروض على سكانها، ونقص الإمدادات بالغذاء والدواء، يهاجم إسرائيليون متطرفون الشاحنات القليلة التي تحاول الوصول إلى القطاع.
ومنذ عدة أسابيع، وسع إسرائيليون متطرفون هجماتهم على شاحنات المساعدات التي تمر عبر الضفة الغربية.
“نقاط تفتيش”
تقوم مجموعات من الشبان المستوطنين بتتبع قوافل الإغاثة، وإقامة “نقاط تفتيش”، واستجواب السائقين.
وقام مهاجمون من اليمين المتطرف بنهب وإحراق شاحنات وضرب سائقين فلسطينيين، ما أدى إلى نقل اثنين على الأقل إلى المستشفى، وفق صحيفة “واشنطن بوست”.
Settlers block a road in Jerusalem, looking for humanitarian aid trucks being delivered to the Gaza Strip. pic.twitter.com/TryDNRPgTW
— War Watch (@WarWatchs) May 19, 2024
الصحيفة قالت إن أعمال العنف والتخريب تلك، التي ترتكب مع إفلات شبه كامل من العقاب، تثير تساؤلات حول مدى استعداد قوات الأمن الإسرائيلية لكبح جماح المستوطنين المتطرفين وحماية الفلسطينيين.
“كما أن هذه الأعمال “تتحدى ادعاء الحكومة الإسرائيلية بأنها تبذل كل ما في وسعها لضمان تدفق المساعدات إلى غزة”، وفق الصحيفة التي تشير إلى تدهور الوضع الإنساني بسرعة منذ توغل قوات الجيش الإسرائيلي في مدينة رفح الجنوبية.
وشكل شبان إسرائيليون “قوات” تحدد من يستطيع ومن لا يستطيع المرور على الطرق الرئيسية في الضفة الغربية، بينما أصبحت الشاحنات التي تحمل الغذاء للقطاع عرضة للهجمات.
غُرف محادثات واتساب
يستخدم المهاجمون شبكة من مجموعات الواتساب التي يمكن الوصول إليها بشكل عام لتتبع الشاحنات وتنسيق الهجمات.
ومن خلال الاستفادة مما يقولون إنها “نصائح” من الجنود والشرطة الإسرائيلية، بالإضافة إلى الجمهور، يقوم الأعضاء بالتدقيق في الصور لمعرفة المركبات التي قد تحمل مساعدات إلى غزة وتعبئة المؤيدين المحليين لمنعها.
وأظهر هجوم وقع الخميس الماضي على إحدى الشحنات، “نظام العمل”، وفق تقرير واشنطن بوست حيث بدأ المستخدمون في إحدى مجموعات واتساب التي تضم أكثر من 800 عضو في النشر عن شاحنة محملة بالسكر، ومشاركة الصور من الطريق أثناء متابعتهم لها.
وكتب أحد المشاركين في المجموعة، يدعى دي بريسر ما مفاده أن “الشاحنة التي تمد حماس توقفت أمام إيفياتار!” في إشارة إلى موقع استيطاني إسرائيلي جنوب مدينة نابلس الفلسطينية.
ودي بريسر هو أحد قادة حركة “لن ننسى”، التي أقامت مخيمات احتجاج عند معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وغزة في وقت سابق من هذا العام، ويدير العديد من مجموعات واتساب تستهدف شاحنات المساعدات.
دي بريسر ختم رسالته قائلا “تعالوا وانضموا إلى الحصار!”.
وبالفعل تمت مهاجمة الشاحنة، وتناثرت حمولتها على طول الطريق، وفقا للصور التي نشرتها المجموعة لاحقا، وهي إحدى شاحنتي السكر اللتين قام المستوطنون بتخريبهما في ذلك اليوم.
وقال دي بريسر إن بوليصة الشحن – التي لم تظهر الوجهة – تثبت أن الشاحنة كانت متجهة إلى غزة.
وقال فهد عرار، صاحب الشحنة، إن الحمولة البالغة 30 طنا من السكر كانت في الواقع متجهة إلى مدينة سلفيت الفلسطينية في الضفة الغربية.
وأضاف أن السائق نجا من دون أن يصاب بأذى، لكن الجيش الإسرائيلي لم يسمح له بإعادة تحميل البضائع.
وبدلا من ذلك، أزال الجنود الأكياس بجرافة، كما قال عرار، الذي قدر خسائره بنحو 30 ألف دولار.
وقال “وقع الهجوم أمام الجيش”، مضيفا أن السائق قال إن الجنود لم يفعلوا شيئا لوقفه.
وزيرة الدفاع الإسبانية: حرب غزة “إبادة جماعية حقيقية”
وصفت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغاريتا روبليس، السبت، الحرب في غزة بأنها “إبادة جماعية حقيقية”، وذلك في ظل تدهور العلاقات بين إسرائيل وإسبانيا بعد قرار مدريد الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على الحادث لكنه أرسل بيانا قال فيه إنه يعمل في الضفة الغربية “:بهدف تفريق المواجهات بين المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين” و”المساعدة” حتى وصول الشرطة، وفق الصحيفة.
ولم تستجب الشرطة الإسرائيلية، المسؤولة عن تطبيق القانون عندما يرتكب مواطنون إسرائيليون جرائم، لطلبات متعددة للتعليق، أرسلتها واشنطن بوست.
وتحت ضغط من الولايات المتحدة، فتحت إسرائيل معبر “ترقوميا” في الضفة الغربية في وقت سابق من هذا الشهر أمام شاحنات المساعدات المتجهة إلى غزة من الأردن والشركات الفلسطينية التي تصدر المواد الغذائية.
وتمر الطرق المؤدية إلى المعبر عبر بؤر استيطانية إسرائيلية على قمم التلال حيث تصاعد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين بشكل كبير في الأشهر الأخيرة.
وتدرس إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، فرض عقوبات على الأشخاص المتورطين في الهجمات، وفقا لمسؤول أميركي كبير تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.
وتقول جماعات إنسانية إن غزة تعيش أحلك ساعاتها بعد نحو ثمانية أشهر من الحرب.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من مليون فلسطيني نزحوا هذا الشهر بعد أن بدأت إسرائيل هجومها على رفح وأغلقت أهم المعابر البرية في القطاع أمام المساعدات.
وقال برنامج الأغذية العالمي مؤخرا إن الجزء الشمالي من الإقليم يعاني بالفعل من “مجاعة شاملة”، وحذر مسؤولو الإغاثة من أنها تنتشر جنوبا.
وكان افتتاح معبر ترقوميا في 13 مايو جزءا من الجهود لزيادة تدفق المساعدات إلى غزة، لكن إحدى القوافل الأولى القادمة من الأردن تعرضت على الفور للاعتداء من قبل المتظاهرين الإسرائيليين، الذين ألقوا صناديق الطعام على الأرض وداسوا عليها. وتم إحراق عدة شاحنات.
وقالت راشيل تويتو، المتحدثة باسم منظمة “تساف9” (Tzav 9)، التي تضم مئات الأعضاء، بما في ذلك المستوطنين وجنود الاحتياط المُسرحين، والتي تنشط في منع شاحنات المساعدات منذ يناير “لم ندعو الناس أبدا إلى تطبيق القانون بأيديهم”.
وأوقفت المجموعة أنشطتها بعد حادثة 13 مايو، لكن تويتو قالت إن الجهود ستستمر لأنها موجودة في “الحمض النووي لـ Tzav 9”.
פעילי צו 9 חסמו משאיות סיוע הומניטרי לעזה במעבר תרקומיא סמוך לחברון pic.twitter.com/vatwKELeud
— החדשות – N12 (@N12News) May 13, 2024
من جانبه، نفى دي بريسر أن تكون جماعته مسؤولة عن حرق الشاحنات لكنه قال إنه لا يستطيع إدانة أعمال العنف.
وقال بدلا من ذلك “أنا سعيد بكل شاحنة لا تدخل غزة، ويسعدني أيضا أن أرى النيران تشتعل فيها”.
دور مجندين في قوات الأمن
وكشفت صحيفة “الغارديان” في عدد سابق أن بعض أفراد قوات الأمن الإسرائيلية يقومون بإبلاغ الناشطين اليمينيين المتطرفين والمستوطنين إلى موقع شاحنات المساعدات التي تنقل الإمدادات الحيوية إلى غزة، مما يمكّن الجماعات من منع وتخريب القوافل، وفقا لمصادر متعددة.
وقال متحدث باسم المجموعة الناشطة الإسرائيلية الرئيسية التي تقف وراء الحصار للصحيفة البريطانية، إن المستوطنين الذين يعترضون الإمدادات الإنسانية الحيوية إلى القطاع يتلقون معلومات حول موقع شاحنات المساعدات من أفراد الشرطة والجيش الإسرائيليين.
ويتم دعم ادعاء التواطؤ من قبل أفراد قوات الأمن من خلال رسائل من مجموعات الدردشة الداخلية عبر الإنترنت التي استعرضتها صحيفة “الغارديان” بالإضافة إلى روايات عدد من الشهود ونشطاء حقوق الإنسان.
ويقول أولئك الذين يعترضون المركبات إن المساعدات التي تحملها يتم تحويلها من قبل حماس بدلا من تسليمها إلى المدنيين المحتاجين، وهو ادعاء كذبته وكالات الإغاثة في عدة مناسبات.
وقال مسؤولون أميركيون أيضا إن إسرائيل لم تقدم أي دليل يدعم المزاعم القائلة بأن حماس تقوم بتحويل المساعدات.
الصحيفة نقلت عن تويتو أيضا قولها “نعم، بعض معلوماتنا تأتي من أفراد في القوات الإسرائيلية”.
وقال يزيد الزعبي (26 عاما)، وهو سائق شاحنة فلسطيني تعرض لهجوم عند حاجز ترقوميا إن هناك تعاونا كاملا بين المستوطنين والجيش.
“نحن مصدومون بأن الجيش لم يقدم لنا أي نوع من الحماية، رغم أنهم كانوا حاضرين ويشاهدون ما يحدث.. الجيش كان في خدمة المستوطنين”.
وكان جنديان من قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية رفضا أمرا بإجلاء المتظاهرين الذين اعترضوا شاحنات المساعدات في منطقة مخاش، وفقا للجيش الإسرائيلي.
وذكرت هيئة الإذاعة الوطنية الإسرائيلية “كان” أن أحدهم حُكم عليه بالسجن لمدة 20 يوما.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي: “رفضت مقاتلة احتياطية تنفيذ مهمة حفظ النظام في منطقة تم تعريفها على أنها منطقة عسكرية مغلقة، ونتيجة لذلك تم تقديمها إلى إجراءات تأديبية وفقا لذلك.. هذا حادث لا يتوافق مع ما هو متوقع من جنود الجيش الإسرائيلي أثناء قيامهم بمهمتهم”.