تتميز القارة السمراء الضخمة بغنى مواردها الطبيعية، ومساحاتها الشاسعة التي يمكن استغلالها في مجال الطاقة المتجددة، مثل الشمس والرياح والكهرومائية، وهو ما أكد عليه الأمين العام للأمم المتحدة خلال كلمة له في قمة المناخ الأفريقية بالعاصمة الكينية نيروبي، الثلاثاء.
وقال أنطونيو غوتيريش إن “أفريقيا يمكن أن تكون قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة”، وهو ما يطرح تساؤلات عن الإمكانات والفرص المتاحة في هذا المجال بالقارة السمراء.
مشاريع متنوعة
وأوضح أن “القارة غنية بإمكانات الطاقة المتجددة”، مشيرا إلى أنها “تمتلك 30% من احتياطات المعادن الضرورية للتكنولوجيات المتجددة ومنخفضة الكربون مثل الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية”.
وأضاف أنه “في منطقة القرن الأفريقي، يتم توليد 85% من الكهرباء عبر الطاقة المتجددة، بما في ذلك مشاريع الطاقة الكهرومائية الضخمة في إثيوبيا وكينيا والسودان، وهناك أيضا مشاريع الرياح والطاقة الشمسية في مصر والجزائر وتونس والمغرب”.
كما أشار إلى أن “موزمبيق تحصل على نحو 100% من طاقتها من مصادر خضراء ومتجددة، وإلى زيادة المشاريع واسعة النطاق للطاقة الشمسية بعدة دول ومنها جنوب السودان”.
دعوة إلى الاستثمار
وشدد غوتيريش على أن “الوقت قد حان لتعمل البلدان الأفريقية مع الدول المتقدمة والمؤسسات المالية وشركات التكنولوجيا لخلق تحالف حقيقي للطاقة المتجددة الأفريقية”.
ودعا الزعماء الأفارقة، الأربعاء، في ختام قمة تاريخية، المجتمع الدولي إلى مساعدتهم على الاستفادة من إمكانات القارة في مكافحة ظاهرة احترار المناخ، من خلال الاستثمارات وإصلاح النظام المالي الدولي.
غوتيريش يدعو إلى جعل أفريقيا “قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة”
دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، العالم إلى جعل إفريقيا “قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة”، خلال كلمة ألقاها في قمة المناخ الإفريقية التي تستضيفها العاصمة الكينية نيروبي.
وكان الهدف من خلال قمة المناخ الأفريقية الأولى تسليط الضوء على الموارد غير المستغلة للطاقات المتجددة، من أجل تمكين البلدان الأفريقية من التنمية الاقتصادية مع المشاركة في مكافحة ظاهرة احترار المناخ التي تعد هذه البلدان من الأكثر تضررا منها.
“إعلان نيروبي”
وقال المشاركون في إعلانهم الختامي المشترك الذي أطلق عليه اسم “إعلان نيروبي” إن “أفريقيا لديها القدرة والطموح على حد سواء لتكون جزءا أساسيا من الحل العالمي لتغير المناخ”.
ولفت الرئيس الكيني، وليام روتو، إلى أنه تم تقديم تعهدات استثمارية بقيمة 23 مليار دولار في مجال الطاقات المتجددة خلال القمة التي استمرت ثلاثة أيام، بينها 4,5 مليارات دولار من الإمارات.
ولم يكن من السهل التوصل إلى إجماع داخل قارة يعيش فيها 1,2 مليار نسمة في 54 دولة متنوعة سياسيا واقتصاديا، حيث تسعى بعض الحكومات إلى مستقبل يركز على الطاقة المتجددة في حين تعتمد حكومات أخرى على موارد الوقود الأحفوري، وفقا لفرانس برس.
وطالبت الدول الأفريقية المجتمع الدولي بالمساهمة في “زيادة قدرة إنتاج الطاقات المتجددة في أفريقيا من 56 غيغاوات عام 2022 إلى نحو 300 غيغاوات بحلول عام 2030 (…) لمكافحة الافتقار إلى الطاقة وتعزيز الإمدادات العالمية من الطاقة النظيفة والمربحة”.
إمكانات هائلة
وبوجود قوة عاملة شابة وموارد طبيعية هائلة، تستطيع أفريقيا أن تساعد في إيجاد بديل للوقود الأحفوري الملوث.
وبالإضافة إلى الإمكانات الطبيعية لتوليد الطاقة النظيفة مباشرة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية…)، تعد القارة أيضا موطنا لـ40 في المئة من احتياطات العالم من الكوبالت والمنغنيز والبلاتين، الضرورية للبطاريات والهيدروجين، وفقا لفرانس برس.
وتشمل قائمة الدول العشر الأوائل بتعدين خام المنغنيز الصادرة عن “هيئة المسح الجيولوجي الأميركية”، جنوب أفريقيا بالمرتبة الأولى، والغابون (4)، وغانا (10).
وفيما يخص الليثيوم اللازم لإنتاج البطاريات، تحتل زيمبابوي المرتبة السادسة عالميا، وناميبيا المرتبة العاشرة، وفقا لموقع “ستاتيستا”.
واعتبارا من عام 2022، بلغ إجمالي قدرة الطاقة المتجددة في أفريقيا نحو 59 غيغاوات. ويمثل هذا نموا بنسبة خمسة في المئة تقريبا مقارنة بالعام السابق، مع الحفاظ على الاتجاه التصاعدي. وبشكل عام، تمثل قدرة الطاقة المتجددة في أفريقيا أقل من 2% من إجمالي القدرة العالمية، وفقا لـ”ستاتيستا”.
وتعتبر نسبة الطاقة المتجددة (الرياح والطاقة الشمسية والكهرومائية) في أفريقيا ضئيلة للغاية، مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية مثل الوقود والفحم والغاز والطاقة النووية وغيرها، وفقا لـ”وكالة الطاقة الدولية”.
تحديات
وتبقى التحديات كبيرة في قارة لا يحصل فيها 500 مليون شخص على الكهرباء وحيث يواصل الزعماء الأفارقة تسليط الضوء على العقبات المالية الكبيرة، وفقا لفرانس برس.
كذلك، تعاني عدة دول أفريقية من الشلل بسبب عبء الديون المتزايد ونقص التمويل.
ودعا العديد من زعماء القارة، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، الثلاثاء، إلى إصلاح النظام المالي الدولي الذي وصفه غوتيريش بأنه “عفا عليه الزمن وغير عادل ومختل وظيفيا”، لتكييفه مع متطلبات مكافحة ظاهرة احترار المناخ.
وقال روتو “نطالب بتكافؤ الفرص حتى تتمكن بلداننا من الوصول إلى الاستثمارات اللازمة لإطلاق العنان لإمكاناتها وترجمتها إلى فرص”.
كذلك، ذكر الزعماء الأفارقة الدول الغنية الملوِّثة بالتزامها توفير 100 مليار دولار سنويا لتمويل خطط المناخ للدول الأكثر فقرا بحلول عام 2020.
أرقام وإحصاءات
ووجد تقرير أعده معهد “إنيرجي”، نشرته صحيفة “الغارديان”، في يونيو الماضي، أن الوقود الأحفوري شكل ما نسبته 82% من إجمالي استهلاك الطاقة في العالم عام 2022.
ومن المتوقع أن يرتفع الاستهلاك العالمي للطاقة بشكل أكبر العام المقبل، مما قد يؤدي إلى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بعد أن أنهت الصين قيودها الصارمة التي فرضتها لمكافحة جائحة كورونا، وفتحت باب السفر إليها مجددا هذا العام، مما يزيد من استهلاك وقود الطائرات.
البترول مهيمن لسنوات طويلة.. مستقبل الطاقة بين “الخيال” والعراقيل
يؤكد مسؤولون ومنظمات بقطاع النفط زيادة الطلب العالمي على الوقود، لعدة سنوات مقبلة، وفي المقابل تشير بعض الإحصائيات المتخصصة إلى أن نسبة ما تشكله الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح والكهرومائية، ما زالت ضئيلة ولا تفي بالطلب المتزايد، الأمر الذي يطرح تساؤلات بشأن النسب الحالية، والتوقعات المستقبلية لمستقبل قطاع الطاقة، في وقت تبذل فيه جهود دولية لمكافحة التغير المناخي والحفاظ على البيئة.
وقالت جولييت دافنبورت، رئيسة معهد إنيرجي: “على الرغم من النمو القوي في طاقة الرياح والطاقة الشمسية، إلا أن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري المرتبطة بالطاقة العالمية زادت مرة أخرى. ما زلنا نسير في الاتجاه المعاكس لما تتطلبه اتفاقية باريس”.
وجاء في التقرير، الذي نُشر بالشراكة مع KPMG وشركة Kearney للاستشارات، أن مصادر الطاقة المتجددة، باستثناء الطاقة المائية، لم تلبي سوى 7.5% من الطلب العالمي على الطاقة العام الماضي. ويمثل هذا زيادة بنسبة 1% تقريبا عن العام السابق، مدفوعة بالنمو القياسي في طاقة الرياح والطاقة الشمسية. وارتفع توليد الطاقة الشمسية بنسبة 25% في عام 2022 بينما نما إنتاج طاقة الرياح بنسبة 13.5% مقارنة بالعام السابق.