“لن تهاجمنا حماس قبل 15 عاما”
وقبل 6 أيام فقط من الهجوم الذي أطلقت عليه حركة حماس اسم “طوفان الأقصى”، ظهر مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنيغبي، في مقابلة إذاعية مستبعدا جدا حدوث أي شيء.
وقال إنه منذ تنفيذ عملية “حارس الأسوار”، كما تسميها إسرائيل أو “سيف القدس”، كما تسميها حماس في مايو 2021، لم تطلق الحركة قذيفة واحدة من غزة.
لم يكتف هنيغبي، الذي يعد من أقرب المقربين لرئيس الوزراء،بنيامين نتياهو، بهذا الكلام، فأضاف أن “حماس مردوعة لمدة 15 عاما”، أي أنها لن تجرؤ على خوض حرب ضد إسرائيل قبل حلول عام 2036، وفقا لتقديره.
اكتفاء بالإشارات الظاهرية
وتخلى المسؤول الأمني الإسرائيلي الكبير عن الحذر الذي يتسم به عادة مسؤولو الأمن والاستخبارات، بحيث يجعلون في كلامهم كل الخيارات مطروحة على الطاولة ولا يجزمون بحتمية سيناريو دون آخر.
والمهمة الأساسية لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، الذي يتولاه هنيغبي هو إعداد تقييم للأوضاع الأمنية والسياسية إلى رئيس الحكومة، وتحديد مصادر التهديد المحتملة.
ويصف موقع الحكومة الإسرائيلية على الإنترنت المجلس بأنه “المركز الرئيسي القضايا المتصلة بالأمن القومي والشؤون الخارجية بالنسبة لرئيس الوزراء والحكومة”.
ويعتمد المجلس على المعلومات التي تجمعها أجهزة الاستخبارات على مدار الساعة، ولديه طاقم ضخم يقوم على صياغة التصورات والتوصيات للحكومة.
ويقول رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية “الموساد”، إفرايم هليفي في كتابه “رجل في الظلال”، “إنها دولة تهتم بأي تغير مهما كان صغيرا في منطقة الشرق الأوسط”، في إشارة رغبتها في معرفة كل شيء.
لكن أجهزة هذه الدولة لم تكن تعرف أن هناك آلاف المقاتلين اخترقوا حدودها من قطاع غزة وشنوا هجوما ضخما.
وبعد وقوع هجوم حماس واندلاع الحرب، أقر هنيغبي بعدم صواب كلامه، وقال: “فشلنا ولا خلاف على ذلك. لقد أخطأت التقدير عندما قالت إن حماس لن تجرؤ على مهاجمتنا”.
واعتمد المسؤول الأمني الإسرائيلي على شواهد ظاهرية، منها امتناع حماس عن المشاركة في المواجهتين الأخيرتين في أغسطس 2022 ومايو 2023 رغم أن إسرائيل كانت تقصف حركة الجهاد بشدة.
“الشرق الأوسط أكثر هدوءا”
وفي الولايات المتحدة، لم يكن الوضع أحسن حالا، إذ تحدث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، في الفترة ذاتها ولم يستشعر وجود خطر في الشرق الأوسط، واندلاع واحدة من أكبر الحروب فيه.
وكان سوليفان يتحدث عن وضع “وردي” في الشرق الأوسط، مقارنة بما كان يحدث قبل 20 عاما.
وصرّح: “نقول ذلك لرغبتنا في تخفيض الضغط وتهدئة التوتر وإحداث اندماج في منطقة الشرق الأوسط”.
وقال: “إن الهدنة في اليمن دخلت شهرها الـ19 على التوالي، وحتى الآن الهجمات الإيرانية على القوات الأميركية توقفت، ووجودنا في العراق مستقر، وأنا أؤكد على كلمة الآن لكن كل شيء يمكن أن يتغير”.
وخلص إلى أن الشرق الأوسط اليوم هو أكثر هدوءا مما كان عليه قبل عقدين.
وجاءت تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي خلال جلسة حوارية في منتدى عقدته مجلة “أتلانتيك” في 29 سبتمبر الماضي، أي قبل 8 أيام من وقوع هجوم حماس.
انتقادات لسوليفان
ولقي كلام سوليفان انتقادات كبيرة، فمثلا اعتبرت شبكة “فوكس نيوز” اليمينية، ما أدلى به أرفع مسؤول أميركي “أخطاء فادحة”.
وذكرت أن المحافظين كالوا انتقادات حادة لمستشار الأمن القومي الأميركي.
ويقول مسؤولون أميركيون، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” إن الولايات المتحدة أخطأت في تقدير التهديد الذي يواجه الأمن القومي الأميركي، خاصة أن هجوم حماس أسفر عن مقتل وفقدان عشرات الأميركيين.
فضلا عن اضطراها إلى تحريك قطع حربية ومعدات إلى الشرق الأوسط تقدر بمليارات الدولارات، فضلا عن احتمال اندلاع حرب إقليمية.
وكانت المعلومات الإسرائيلية والأميركية، قبيل هجوم حماس تشير إلى أن أقصى ما يمكن أن تقوم به الحركة، ردا على اقتحامات المستوطنين المتزايدة للمسجد الأقصى هو إطلاق صواريخ أو عملية محدودة وينتهي الأمر في هذا الإطار.