قالت مصادر مطلعة إن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) تدرس خطة من ثلاث مراحل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة ستؤمن الإفراج عن أغلب الرهائن الإسرائيليين، لكنها لا تلزم إسرائيل بإنهاء حربها مع حماس.
ويعتمد نجاح الخطة على إذا ما كانت حماس ستوافق أم لا على المرحلة الأولى من دون الموافقة على إنهاء الحرب بصفة دائمة، وهو مطلب جوهري لحماس حتى الآن. وأعد الخطة رؤساء أجهزة المخابرات في الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر ورئيس الوزراء القطري أيضا.
وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس وزراء قطر أمس الاثنين إنهم لا يعلمون رد حماس ولا يمكنهم التنبؤ به.
وقالت حماس لرويترز في بيان، الثلاثاء، إن المقترح سيشمل ثلاث مراحل منها الإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم الحركة وعن سجناء فلسطينيين في إسرائيل. وأكد البيان بعض تفاصيل إطار عمل قدمه مصدران مطلعان على المقترح إلى رويترز.
وذكر البيان أن النساء والأطفال وكبار السن والمصابين سيُفرج عنهم في المرحلة الأولى وأن الخطة أُرسلت إلى غزة للحصول على رأي قادة حماس هناك. وأضاف البيان “بعدها ستلتئم قيادة حماس لنقاش الورقة، وإبداء رأيها النهائي بها”.
وما زال أكثر من 100 من الرهائن الإسرائيليين محتجزين، وذلك بعد أن أُفرج عن عدد مماثل في هدنة سابقة في نوفمبر تضمنت الإفراج عن عشرات من السجناء الفلسطينيين.
وتخضع للمناقشة منذ أواخر ديسمبر نسخ من إطار عمل وقف إطلاق النار المكون من عدة مراحل، لكن إسرائيل لم توقع على النسخة المبدئية حتى اجتماع دافيد برنياع مدير جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) مع نظيريه الأميركي والمصري والشيخ محمد في باريس، الأحد.
وقالت مصادر مصرية إن قطر ومصر والأردن ستضمن التزام حماس بأي اتفاق، بينما ستفعل الولايات المتحدة وفرنسا الأمر نفسه مع الجانب الإسرائيلي. ولم يتسن لرويترز التأكد من طبيعة التطمينات التي ستستطيع الدول الضامنة تقديمها.
ولم يرد مسؤولون إسرائيليون بعد على طلب من رويترز للتعليق.
وأعلن إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس الثلاثاء أنه سيزور القاهرة لبحث الخطة، ويقول هنية إن حماس منفتحة على جميع الأفكار التي ستؤدي إلى إنهاء هجوم إسرائيل على غزة.
النساء والأطفال وكبار السن
قال مصدر مطلع على محادثات باريس ومصدر آخر على على دراية عميقة بالمحادثات ونتائجها إن المرحلة الأولى من الخطة ستشمل وقف القتال مؤقتا والإفراج عن الرهائن كبار السن والمدنيات والأطفال. وذكر المصدران أنه سيجري استئناف إرسال الشحنات الكبيرة من الأغذية والأدوية إلى قطاع غزة الذي يواجه أزمة إنسانية طاحنة.
واختلف المصدران على مدة المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، لكنهما قالا إنها سيُحدد لها شهر على الأقل.
وقال المصدران إن المرحلة الثانية ستشهد الإفراج عن المجندات الإسرائيليات وزيادة أخرى في توصيل المساعدات وإعادة الخدمات والمرافق إلى غزة، وإن المرحلة الثالثة ستشهد الإفراج عن جثث الجنود الإسرائيليين القتلى مقابل تحرير السجناء الفلسطينيين.
وذكر بيان حماس أن المرحلة الثانية ستتضمن أيضا الإفراج عن مجندين إسرائيليين.
وورد في البيان “ستتوقّف العمليات العسكرية من الجانبين خلال المراحل الثلاث”. وأضاف البيان “لم تحدد أعداد المطلوب الإفراج عنهم من الطرف الفلسطيني، ويترك الأمر لعملية التفاوض في كل مرحلة، مع استعداد الجانب الإسرائيلي للإفراج عن أصحاب المحكوميات العالية”.
وقال المصدران إنه على الرغم من عدم تعهد إسرائيل بوقف دائم لإطلاق النار، فإن الهدف المنشود من النهج المتألف من مراحل هو المرحلة الرابعة التي ستنتهي فيها الحرب وستفرج فيها حماس عن جميع جنود الجيش الإسرائيلي الذكور المحتجزين مقابل إفراج إسرائيل عن مزيد من السجناء الفلسطينيين فيها.
وذكر مسؤول مطلع على المفاوضات “هناك توافق على مبدأ إطار العمل، لكن التفاصيل الدقيقة لكل مرحلة لا تزال بحاجة إلى تحديدها”.
وأضاف المسؤول أن حماس إذا وافقت على مقترح إطار العمل، فقد تمر أيام أو أسابيع على الاتفاق على التفاصيل اللوجستية لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن والسجناء.
وقال مصدر مطلع على المحادثات التي سبقت الهدنة في نوفمبر إنه خلال تلك المحادثات انقطعت عدة مرات سلسلة الاتصالات غير المباشرة بين قادة حماس في أنفاق غزة والمسؤولين الإسرائيليين بسبب انقطاع الكهرباء وسط القتال العنيف.
والمحادثات الحالية خلف الكواليس تجري جنبا إلى جنب مع خلاف علني يبدو فيه أن كلا من طرفي الصراع يريد الضغط على الآخر من خلال إصدار بيانات تستبعد العديد من التسويات المحتملة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إن إسرائيل لن تخرج من غزة أو تحرر آلاف من السجناء الفلسطينيين، بينما ذكرت حركة الجهاد الإسلامي أنها لن تشترك في أي تفاهم بشأن الرهائن إلا بضمان وقف إطلاق نار شامل وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة.
وهدد إيتمار بن جفير الشريك المنتمي إلى اليمين المتطرف في ائتلاف نتنياهو، الثلاثاء، بالانسحاب من الحكومة إذا حدثت أي محاولة لدخول اتفاق “غير محسوب” مع حماس بشأن الرهائن.
“ما يهم حقا”
لم يتضح ما إذا كانت المواقف المعلنة تعكس التطورات الجارية في الغرف المغلقة.
وقال الشيخ محمد أمس الاثنين في ندوة نظمها مجلس الأطلسي بواشنطن عبر الإنترنت إن الإطار الذي اتفقت عليه أطراف باريس يعتمد على بنود المقترح الأول الذي قدمته إسرائيل والمقترح المقابل من حماس.
وأوضح “حاولنا دمج المقترحات للتوصل إلى أرضية تتوافق عليها جميع الأطراف”.
ونوه المصدر ذو الدراية العميقة بالمقترح إلى أنه لا يزال من الممكن تعديله.
وقال “يمكن تغيير عدد الأيام أو الرهائن، لكن النهج الحالي للتفاوض يسمح بتحقيق المكاسب لجميع الأطراف وفقا لما يهمها”.
ولا تزال هناك فجوات كبيرة بعد ما يقرب من أربعة أشهر من هجوم حماس في السابع من أكتوبر على مستوطنات جنوب إسرائيل الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.
وردت إسرائيل بقصف قطاع غزة الصغير والمكتظ بالسكان، ما أسفر عن مقتل أكثر من 26 ألف فلسطيني وتحويل القطاع إلى أنقاض.
وأضاف المصدر ذو الدراية المتعمقة أن المناقشات في باريس كانت “مثمرة”، لكن الاتفاق لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تلقت حماس وإسرائيل ضمانات قوية من الوسطاء.
وقال المصدر إن الاحتفاظ بالرهائن الذكور من الجنود الإسرائيليين حتى النهاية، قد يعطي شعورا لحماس بامتلاكها بعض النفوذ على الجيش الإسرائيلي.