وثق تسجيل مصور نشره مستخدمون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إقدام 7 شبان على ضرب فتاة بصورة وحشية أمام المارة، في إحدى الشوارع العامة ببلدة تل السمن التابعة لمحافظة الرقة، شرقي سوريا.
وبعدما أثار نشر التسجيل حالة استياء واسعة واستنكار، تحركت السلطات الأمنية التابعة لـ”الإدارة الذاتية” الثلاثاء وألقت القبض على 3 من المتهمين بالاعتداء، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية.
“صرخات وضربات”
ويُظهر التسجيل فتاة مرمية على الأرض ومن حولها 7 شبان يتناوبون على ضربها بالعصي وطوال 55 ثانية، وهي تصرخ وتقول: “والله بنية والله بنية”، في تأكيد منها على عذريتها.
وفي حين لم تدفعهم تلك الصرخات لوقف الضرب الوحشي كان أحدهم يدعو الآخر بالقول: “اضرب حيل (بقوة) اضرب اضرب”.
وأوضحت وسائل إعلام محلية بينها “نورث برس”، والوكالة المقربة من “الإدارة الذاتية” الكردية (anha) أن الاعتداء الوحشي الذي نفذه الشبان طال فتاة أخرى.
ونقلت الوسائل عن عدالت عمر، رئيسة هيئة المرأة في “الإدارة الذاتية” أن اللتين تعرضتا للاعتداء شقيقتان، الأولى هي لينا عكلة الأحمد، والثانية عائشة عكلة الأحمد.
وأضافت المسؤولة أنهما “موجودتان حاليا لدى دور المرأة لحمايتهما”.
ونددت منظمات نسائية بالحادثة، صباح الثلاثاء، عبر بيان ألقته عند دوار النعيم وسط مدينة الرقة.
وجاء في البيان أن “تعنيف المرأتين من قرية تل السمن في مقاطعة الرقة جريمة وحشية يندى لها جبين الإنسانية والرحمة”.
وأوضح أن “المرأة تتعرض بشكلٍ شبه يومي في أنحاء العالم لجرائم العنف والقتل وكل ذلك تحت ذريعة ما يسمى الشرف والمواريث الدينية الخاطئة التي لا صلة لها بالإنسانية ولا بالأخلاق الفاضلة”.
كما اعتبر أن الجرائم المرتكبة بحق النساء “أمراض مجتمعية منتشرة وما زالت مستمرة بأساليب قمعية وانتهاكات وحشية تسعى لإبعاد المرأة وإقصائها عن المشاركة في مساحة التنظيم وتطوير الذات وفي كافة مجالات الحياة”.
“في تصاعد”
والحادثة المذكورة سابقا ليست الأولى التي تشهدها مناطق شمال وشرقي سوريا والبلاد بالعموم.
وفي يوليو 2021 نشر موقع “الحرة” قصة فتاة قاصر قتلت على يد إخوتها رميا بالرصاص “تحت مبرر الشرف” في إحدى القرى بمحافظة الحسكة السورية.
ووفق بيانات منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” ومنظمتي “مساواة” و”سارا” لمناهضة العنف شمال شرقي سوريا، تم تسجيل ما لا يقلّ عن 185 جريمة قتل راح ضحيتها نساء وفتيات بذريعة “الدفاع عن الشرف”، منذ 2019 وحتى نوفمبر 2022.
كما تمّ تسجيل مقتل ما لا يقلّ عن 20 ضحية أخرى نتيجة العنف المنزلي في سوريا، فضلا عن وقوع ما لا يقلّ عن 561 حادثة عنف منزلي أخرى تضمنت الضرب والإيذاء الجسدي.
وازدادت جرائم القتل تحت ذريعة “الدفاع عن الشرف” مع تصاعد حدّة النزاع السوري.
وتشير المنظمات المذكورة إلى أن الفلتان الأمني وغياب سيادة القانون وانتشار السلاح كلّها أسباب ساهمت بشكل أو بآخر بارتفاع نسبة جرائم القتل تحت ذريعة “الدفاع عن الشرف” في مناطق مختلفة من سوريا.
وهناك أسباب أخرى ترتبط بانتشار “ثقافة العنف ضد النساء” والتطبيع معها، وفق المنظمات المعنية بمتابعة حقوقهن.
“نجت بفيديو”
وكتب الصحفي السوري، صخر إدريس أن “المقطع المتداول عن ضرب سيدة من قبل عدة أشخاص في بلدة تل السمن شمال محافظة الرقة السورية هو أكبر إهانة للرجل وليس للسيدة المستضعفة من قبل ضباع بشرية”.
واعتبر في منشور عبر “إكس” أن “محاكمة هذه الوحوش قبل تكاثرها واجب”.
المقطع المتداول عن ضرب سيدة من قبل عدة أشخاص في بلدة تل السمن شمال محافظة #الرقة السورية، لعمري هو أكبر اهانة للرجل وليس للسيدة المستضعفة من قبل ضباع بشرية.
محاكمة هذه الوحوش قبل تكاثرها واجب.
اعتذر من أعماق قلبي لهذه الكريمة ❤️❤️ لأني شاهدت المقطع شعرت بإهانة شديدة ورب #الكعبة— صخر ادريس Sakher Edris – (@SakherEdris) February 27, 2024
وأضافت الناشطة النسوية سيناف حسن عبر “فيسبوك” قائلة: “في عالم كهذا ومجتمع كهذا.. وفي ظل هذه القوانين.. وبوجود عدسات كهذه. أنتِ محظوظة بالصدفة”.
وتابعت: “أنتِ ناجية بالصدفة. أنتِ محفوظة الكرامة بمحض صدفة إلهية . القدر حماكِ فكوني ممتنة. كوني ممتنة لكل شيءٍ خارقٍ خفيٍّ ما عدا هؤلاء البشر وقوانينهم”.
وأطلق مستخدمون وسما يطالب بأخذ حق الفتاة تحت عبارة “بنت تل السمن”، في إشارة إلى القرية التي تعرضت في شارعها العام للاعتداء.
واستنكر البعض منهم، وبينهم ناشطات نسويات، مشاركة أطفال في ضرب الفتاة، وبعدما كان الشبان ينهالون عليها بالضرب بالتناوب.
ومن جهتها كتبت الصحفية كاتيا داغستاني: “(والله بنية) عبت الصرخة شوارع تل السمن بالرقة. النساء بشوارعنا لحد اليوم تشهد السماء على أعضاء جسدهم. العار رح يبقى ملاصق فيهم طول حياتهم، وأنت ارفعي رأسك”.
وفي وقت لاحق الثلاثاء، أفادت “نورث برس” باعتقال قوى الأمن الداخلي، ثلاثة متهمين بالاعتداء على الشقيقتين، بينما لا تزال الجهات الأمنية تلاحق متهماً آخر فر إلى جهة مجهولة.