تسببت العاصفة دانيال بدمار هائل طال مدينة درنة الليبية على صعيد الأرواح البشرية والبنية التحتية مخلفا آلاف الضحايا والمفقودين، ولكن كيف حدث هذا الإعصار منذ بدايته؟ وما مركز تشكله؟ ولماذا تسبب بموجة سيول عارمة أزاحت كل ما في طريقها؟
البداية كانت في الخامس من سبتمبر/أيلول الجاري عندما اجتاحت العاصفة دانيال سواحل اليونان، وكانت العاصفة الأقوى التي تضرب البلاد منذ عام 1930.
بعد ظهر الأحد الماضي توجهت العاصفة إلى السواحل الأفريقية للبحر الأبيض المتوسط، وكانت ليبيا محطتها الأولى حيث اجتاحت في البداية المناطق الشرقية لمدينة بنغازي، قبل أن تتحرك شرقا إلى منطقة الجبل الأخضر.
ويقول مرصد الأرصاد الجوية إن العاصفة العاتية كانت مصحوبة بأمطار غزيرة تجاوزت 400 مليمتر؛ وهي كمية لم تسجل منذ 40 عاما، فاجتاحت سيول العاصفة كامل منطقة الجبل الأخضر وكبرى مدنه مثل درنة والبيضاء والمرج وشحات وسوسة بالإضافة إلى بلدات وقرى بالمنطقة.
لكن الكارثة الحقيقية كانت بمدينة درنة؛ حيث يوجد سد وادي درنة الكبير بارتفاع 40 مترا ويليه سد درنة الثاني، وقد تسبب الضغط الهائل للمياه ولأسباب فنية في بنية السد بانهيار سد وادي درنة الكبير وسرعان ما لحق به السد الثاني.
ونظرا لذلك تدفقت كميات ضخمة من المياه محملة بالطين ما يضاعف قدرتها التدميرية، فابتلعت الفيضانات مدينة درنة وجرفت معها كل ما يقف في طريقها وكل معالم المدينة.
وخصوصية درنة كانت سببا في فاجعتها؛ فهي تتكئ على الجبل الأخضر وتقابل البحر المتوسط فمن الجبل تدفقت أمواج المياه العاتية فجرفت أحياء بكاملها بسكانها.
وتقول السلطات في منطقة الجبل الأخضر إن السيول غمرت نحو 20 ألف كيلومتر مربع في المنطقة، وآلاف السكان لا يزالوا في عداد المفقودين أما الضحايا فلا حصيلة دقيقة لهم.
ووثق الهلال الأحمر الليبي في بنغازي نزوح 20 ألف عائلة من درنة وآلاف المفقودين.
وبذلك تحولت درنة إلى مدينة منكوبة في أكبر كارثة طبيعية تحل على ليبيا منذ زلزال المرج عام 1963.
يذكر أن جهاز الإسعاف والطوارئ في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، أعلن أن عدد القتلى جراء الفيضانات، وصل إلى 2300 قتيل، بالإضافة إلى نحو 5 آلاف مفقود، في حين قال المتحدث باسم الداخلية الليبية بالحكومة المكلفة من البرلمان، للجزيرة، إن عدد القتلى تجاوز 5200 في مدينة درنة، وسط توقعات بارتفاع الحصيلة في ظل تقارير عن آلاف المفقودين.