سوريا تحت الضغوط.. هل تنجح في تجاوز التحديات الإقليمية؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 4 دقيقة للقراءة

أكد الباحث السياسي عبدو زمام خلال حديثه للتاسعة على سكاي نيوز عربية أن الإدارة السورية تواجه معادلة صعبة، تتمثل في ضرورة تحقيق التوازن بين مطالب الداخل وأجندات الخارج.

ويرى أن المرحلة المقبلة تتطلب ترتيب البيت الداخلي أولاً، من خلال “إطلاق حوار وطني شامل” يجمع كافة مكونات الشعب السوري، بالإضافة إلى التركيز على بناء جيش وطني موحد، وهو أمر حيوي لضمان وحدة البلاد.

ويشدد زمام كذلك على أهمية اتخاذ خطوات واضحة نحو بناء علاقات جديدة مع العالم العربي والدولي، مشيرا إلى أن الانفتاح العربي يمثل “فرصة ذهبية” لإعادة سوريا إلى الساحة الإقليمية. ولكن، هل تمتلك الإدارة الجديدة الأدوات الدبلوماسية اللازمة للتعامل مع هذه المرحلة الحساسة؟

المشهد التركي.. شريك أم خصم؟

يتصدر التدخل التركي في شمال سوريا المشهد الإقليمي، حيث تسعى أنقرة إلى مواجهة القوات الكردية التي تعتبرها تهديدا مباشرا لأمنها القومي. الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أبدى استعداده لاتخاذ “إجراءات حاسمة” في حال تعرضت بلاده لأي تهديد من الأراضي السورية.

ومع ذلك، يصف عبدو زمام التدخل التركي بأنه “انتهاك للسيادة السورية”، مؤكدا أن الإدارة السورية الجديدة تتحمل مسؤولية مواجهة هذا التهديد بحكمة ودبلوماسية.

ويرى أن الحوار مع قوات سوريا الديمقراطية ودمجها في صفوف الجيش الوطني يشكل حجر الزاوية في مواجهة الطموحات التركية ومنع تقسيم الأراضي السورية.

الدعم العربي.. محور استراتيجي للاستقرار

الموقف العربي يبدو أكثر وضوحا في هذه المرحلة، إذ أشار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى أن “بناء سوريا موحدة ومستقرة هو عامل مؤثر ينصب في صالح المنطقة بأكملها”.

ويرى زمام أن الدعم العربي أساسي لعبور هذه المرحلة الحرجة، لكنه يتطلب من دمشق إظهار جدية في تحويل الأقوال إلى أفعال.

ورغم هذه الإيجابية، لا تزال هناك تساؤلات حول طبيعة التنسيق بين الدول العربية وتركيا بشأن المسار السياسي السوري. فهل يمكن أن تتقبل الدول العربية الدور التركي المتنامي في سوريا؟ أم أن هذا الدور قد يثير مزيدا من التوترات في الإقليم؟

تركيا وإسرائيلي.. احتمالات تصعيد جديدة؟

تقرير نشرته “جيروزاليم بوست” سلط الضوء على التوترات المتزايدة بين تركيا وإسرائيل، معتبرا أن طموحات تركيا لاستعادة نفوذها الإقليمي قد تؤدي إلى اندلاع صراع جديد.

هذا السيناريو يضع الإدارة السورية أمام تحديات معقدة، إذ قد تجد نفسها عالقة بين ضغوط المصالح الإسرائيلية والتوسع التركي في شمال البلاد.

التحديات الاقتصادية والمعيشية عقبة أمام التعافي

يرى زمام أن الاقتصاد السوري يمر بمرحلة حرجة، تتطلب رفع العقوبات المفروضة على البلاد لتمكين الاستثمارات. لكنه يشير أيضًا إلى أهمية ضبط الأمن وتحقيق الاستقرار لخلق بيئة مواتية للنمو الاقتصادي.

كما دعا إلى عدم الاعتماد على المساعدات الإنسانية، مشددا على ضرورة وضع خطط طويلة الأجل لدعم الإنتاج الوطني وضمان كرامة الشعب السوري.

ومع اقتراب انتهاء المرحلة الانتقالية في مارس المقبل، تتجه الأنظار إلى الإدارة السورية الجديدة وما ستقدمه من حلول للتحديات المعقدة.

ويرى زمام أن هناك فرصة حقيقية لبناء دولة ديمقراطية تعددية، لكن تحقيق ذلك يتطلب حوارا داخليا صادقا، بالإضافة إلى تخفيف الاعتماد على القوى الخارجية.

تبدو الإدارة السورية الجديدة أمام تحدٍ كبير لتجنب سيناريوهات الماضي وضمان مستقبل أفضل. النجاح في هذه المرحلة يعتمد على القدرة على إدارة الملفات الداخلية والخارجية بحكمة، خاصة مع بروز دور تركيا وتحركاتها المقلقة في الشمال السوري.

ويبقى السؤال: هل ستتمكن دمشق من إعادة رسم المشهد السياسي لصالحها، أم أن الأزمات الإقليمية ستجبرها على تقديم تنازلات صعبة؟.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *