في حادثة غير مسبوقة بتاريخه الممتد منذ 234 سنة، صوت مجلس النواب الأميركي، الثلاثاء، على إقالة رئيسه كيفن مكارثي، فيما عين، باتريك ماك هنري، رئيسا مؤقتا للمجلس، وفق مراسل “الحرة”.
وبإقالة مكارثي تدخل هيئة حاكمة رئيسية في البلاد حالة من الفوضى، بسبب تركها دون زعيم واضح لتمرير التشريعات، وبذلك يصبح أيضا ثاني منصب في خط الرئاسة فارغا، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”.
كيف سقط مكارثي؟
فقد مكارثي، جمهوري من كاليفورنيا، منصبه رغم دعم الغالبية العظمى من المشرعين الجمهوريين له، وذلك لأن الجمهوريين لا يتمتعون إلا بأغلبية ضئيلة في مجلس النواب مقارنة بالديمقراطيين، وبالتالي فإن تمرير تشريع يعارضه الديمقراطيون يهدد بقاء رئيس مجلس النواب المحسوب على الحزب الآخر.
ولتمرير أي تشريع، لا يمكن للجمهوريين سوى تحمل خسارة خمسة جمهوريين في الأصوات الرئيسية، وخسر مكارثي ثمانية، ولم يحظ بدعم أي ديمقراطي.
وترى “واشنطن بوست” أن الديمقراطيين لعبوا دورا كبيرا في طرد مكارثي، موضحة أنهم فكروا بالفعل في التصويت بأغلبية لمساعدة مكارثي في الاحتفاظ بمنصبه، لكنهم قرروا في النهاية عدم القيام بذلك، وصوت كل ديمقراطي حاضر ضد مكارثي.
وبالنسبة للذين صوتوا ضد مكارثي، أوضحت الصحيفة أنه كان تحالفا غريبا يضم ثمانية جمهوريين يمينيين متطرفين وجميع الديمقراطيين في مجلس النواب الحاضرين.
وقال مراسل “الحرة” في المجلس إن التصويت مرر بعد موافقة 216 نائبا ورفض 210.
وأضاف أن “الديمقراطيين في المجلس صوتوا جميعا لصالح العزل”. كما أن تجمع الحرية التابع للحزب الجمهوري صوت لصالح عزل مكارثي.
وتحدثت الصحيفة عن أسباب عداء الديمقراطيين لمكارثي، موضحة أنه على رأسها تعاطفه التام مع الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب. كما أعلن مكارثي، في سبتمبر الماضي، أنه طلب رسميا فتح تحقيق لعزل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رغم أن نواب الحزب الجمهوري لم يثبتوا بعد المزاعم الخاصة باستفادة بايدن بشكل مباشر من الصفقات التجارية الخارجية لابنه.
لكن القشة الأخيرة بالنسبة لهم كانت رؤية مكارثي على شاشة التلفزيون خلال عطلة نهاية الأسبوع وهو يحاول إلقاء اللوم على الديمقراطيين في الإغلاق الوشيك، حسبما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست”.
وقال أحد الأشخاص المطلعين للصحيفة عن سبب عدم قيام الديمقراطيين بإنقاذه: “لقد حفر قبره بنفسه”.
ماذا بعد؟
أشارت الصحيفة إلى أنه لا يعلم أحد ماذا سيحدث بعد ذلك ولا يوجد أي شخص يبدو مستعدا أو قادرا على تولي منصب رئيس المجلس.
وأوضحت أنه تم سحب اسم رئيس المجلس المؤقت من القائمة السرية التي وضعها مكارثي عندما أصبح رئيسا في حالة أصبح منصبه شاغرا، وهو باتريك ماك هنري، الجمهوري عن ولاية كارولاينا الشمالية.
لكن الصحيفة ذكرت أن ماك هنري قد يحتفظ بالمنصب لساعات، أو أيام، أو أشهر، حتى يتمكن الجمهوريون من تقديم مرشح آخر لمنصب رئيس مجلس النواب، مشيرة إلى إعلان مكارثي عدم نيته الترشح ثانية للمنصب.
وأوضحت أن مكارثي احتاج إلى أربعة أيام من التصويت في يناير للحصول على المنصب، وهو سادس رئيس جمهوري يتم إقصاؤه من قبل حزبه.
وبالنسبة للنائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا، مات غايتس، الذي قدم المذكرة التي تعلن “شغور منصب رئيس مجلس النواب”، ترى الصحيفة أنه ليس أيضا مرشحا محتملا لأن أغلبية الجمهوريين في مجلس النواب يكرهونه بشدة لدرجة أنهم لم يسمحوا له بالتحدث، الثلاثاء، باسم الجانب الجمهوري في غرفة المجلس.
وبينما يحاول الجمهوريون ترتيب خطواتهم التالية، ترى الصحيفة أنه ليس من الواضح مدى السلطة التي يتمتع بها ماك هنري لإدارة مجلس النواب، وذلك لأن هذا الموقف لم يحدث من قبل، لذا فإن كل ما يحدث غير مسبوق.
ويعتقد بعض الخبراء أن مجلس النواب قد يقر بعض التشريعات التي يراها الدستور “ضرورية ومناسبة”، لكن معظم الأمور الأخرى قد تضطر إلى الانتظار.
وأشارت الصحيفة إلى سيناريو آخر قد يحدث للخروج من هذه الفوضى وهو أنه ربما لن يكون المتحدث التالي ديمقراطيًا.
وأوضحت أنه ربما يختار الجمهوريون العمل مع الديمقراطيين وبناء تحالف وسط. لكنها أشارت إلى أن هذه ليست الطريقة التي يتم بها إنشاء النظام السياسي الحديث، لأن انتخاب ممثل ديمقراطي رئيساً لمجلس النواب سوف يتطلب انضمام الجمهوريين المعتدلين إلى الديمقراطيين، ولا يبدو أن هناك إرادة سياسية لتحقيق ذلك.