رغم “الوحدة في زمن الحرب”.. قرار المحكمة العليا “يؤكد الانقسامات في إسرائيل”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

ذكّر حكم المحكمة العليا الإسرائيلية الصادر يوم الاثنين والمتعلق بإبطال قانون كان محوراً لإصلاح قضائي مثير للجدل، بالانقسامات الأساسية في المجتمع الإسرائيلي التي تم وضعها جانباً خلال الحرب في غزة، وبأن التوترات يمكن أن تندلع بمجرد انتهائها، بحسب ما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال”.

كان القانون الذي طرحته حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، والذي يحد من سلطة المحاكم الإسرائيلية على قرارات الحكومة، مسبباً للانقسام، إذ أشعل واحدة من أكبر وأطول حركات الاحتجاج التي شهدتها إسرائيل، حيث خرج ضده مئات الآلاف من المتظاهرين على مدار أشهر.

ومع تركيز البلاد الآن على الحرب في غزة، التي تقترب من شهرها الرابع، كان رد الفعل على حكم المحكمة صامتاً نسبياً، كما أن الاختلافات بين نتانياهو وأحزاب المعارضة مؤجلة في الوقت الراهن.

ويرأس نتانياهو حاليا حكومة طوارئ مشتركة من جميع الأحزاب تم تشكيلها لقيادة البلاد أثناء الحرب التي بدأت في أعقاب هجوم 7 أكتوبر الذي شنّه مسلحو حماس على جنوب إسرائيل.

وفي أعقاب الفشل الاستخباراتي قبل هجوم 7 أكتوبر، تراجعت شعبية نتانياهو في استطلاعات الرأي وتزايدت الدعوات المطالبة بإقالته، مما يزيد من إمكانية إجراء انتخابات مبكرة بمجرد انتهاء الحرب.

الصراع قائم

يقول الباحث القانوني في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، عميخاي كوهين “في الوقت الحالي، يبدو أن الحرب تلقي بظلالها على كل شيء، لكن التوتر الأساسي لا يزال قائماً”.

وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في منتصف ديسمبر الماضي، أن 69% من الإسرائيليين يريدون إجراء انتخابات مباشرة بعد انتهاء الحرب، بما في ذلك أغلبية الناخبين اليمينيين.

وقال العضو في حكومة الطوارئ والشخصية التي يعتقد البعض أنها يمكن أن تتحدى نتانياهو في الانتخابات المقبلة، بيني غانتس، إن تحالفه الحالي مع نتانياهو يعتمد على حالة الطوارئ في زمن الحرب وليس على أي تحالف سياسي. وفي الوقت نفسه، يدفع شركاء الائتلاف اليميني المتطرف نحو رؤية ما بعد الحرب في غزة والتي تتعارض مع خطط رئيس الوزراء.

ولا تزال البلاد تعاني من آثار هجوم 7 أكتوبر، عندما قتل مسلحو حماس حوالي 1200 شخص، معظمهم من المدنيين الإسرائيليين وخطف العشرات بينهم نساء وأطفال، ما دفع إسرائيل إلى شن هجوم مدمّر على قطاع غزة، أسفر عن مقتل أكثر من 22 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقاً للسلطات الصحية في القطاع، التي لا تميز أرقامها بين المدنيين والمسلحين.

اختلافات عميقة

لم يتطرق نتانياهو صراحة إلى حكم المحكمة الصادر يوم الاثنين. وقد شجب حزبه، الليكود وحلفاؤه، القرار، لكنهم أشاروا إلى أنه لا ينبغي إعادة إشعال الصراع أثناء الحرب.

وقال سمحا روثمان، أحد المؤيدين الرئيسيين للإصلاح القضائي، في مقابلة بثها التلفزيون الإسرائيلي “لقد اختارت المحكمة العليا حربها”، مؤكداً إنه وائتلافه يركزان على الحرب مع حماس، “ويجب التعامل مع التغييرات في النظام القضائي بعد انتهاء تلك الحرب”.

وحوّلت العديد من المنظمات التي قادت الاحتجاجات الحاشدة ضد الإصلاح الشامل اهتمامها إلى المساعدة في جهود الحرب، مثل مساعدة عائلات الرهائن.

بعد نطق المحكمة العليا.. ما تبعات القرار “التاريخي” على نتانياهو وائتلافه؟

بعد أن أثار احتجاجات واسعة وانقساما بالشارع الإسرائيلي، ألغت المحكمة العليا في إسرائيل، الاثنين، بندا يقلص من صلاحياتها ضمن مشروع التعديلات القضائية الذي الذي أقره البرلمان في يوليو الماضي.

والقانون الذي أبطلته المحكمة العليا يوم الاثنين، كان سيحرم المحكمة من صلاحيات إلغاء القرارات الحكومية التي تعتبرها “غير معقولة إلى حد كبير”.

ويقول نتانياهو وحلفاؤه إن القضاة الناشطين والليبراليين يسيطرون على المحكمة، وأن القانون يسعى إلى استعادة توازن مناسب للقوى. فيما رأى المعارضون أن القانون من شأنه أن يقوّض من دور المحكمة وسيؤدي إلى تآكل الديمقراطية الليبرالية في إسرائيل.

المعركة مستمرة

أشاد روي نيومان، زعيم قوة كابلان، إحدى المجموعات التي قادت الاحتجاج ضد الإصلاح، بقرار المحكمة لكنه يعتقد أن المعركة حول ما يراه مستقبل الديمقراطية في إسرائيل لم تنته بعد، وقال إن “الحكومة وحلفاءها يمكن أن يجربوا طرقا أخرى لإضعاف استقلال المحاكم وتقويض الضوابط والتوازنات الديمقراطية”.

وقال جدعون رهط، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس، إن “الاحتجاجات ضد نتانياهو كانت صامتة في الوقت الحالي بسبب الحرب وأن العديد من المتظاهرين كانوا يخدمون في الاحتياط. ولكن إذا تصرف نتانياهو بشكل غير حكيم، فسوف يشعل عود الثقاب مرة أخرى وبعد ذلك سنرى الآلاف في الشوارع”.

كما أشار بعض المحللين إلى أن استراتيجية الائتلاف الحاكم لإضعاف المحاكم يمكن أن تتحول إلى مبادرات أكثر هدوءا، على عكس المحاولة البارزة لتمرير القانون السابق.

وتحول تكوين المحكمة العليا نحو اليمين، حيث منعت الحكومة الجهود الرامية إلى استبدال قاضيين ليبراليين تقاعدا مؤخراً، ومن المتوقع أن يكون حكم يوم الاثنين آخر قرار رئيسي لهما، كما أنه من المقرر أن يتقاعد قاض ليبرالي ثالث هذا العام، مما قد يترك ثلاثة مقاعد شاغرة في المحكمة.

وأكد مسؤول في الائتلاف مطّلع على الموضوع إنه “لا توجد خطط فورية لملء المناصب الشاغرة في المحكمة العليا. ولا توجد تغييرات هيكلية في السلطة القضائية أثناء الحرب”.

وقال بعض المحللين، مثل كوهين من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، إن الحكومة قد تحاول أيضاً تقويض سلطة المستشارين القانونيين بهدوء دون تمرير تشريعات جديدة. وقال مسؤول الائتلاف إن ذلك لم يكن جزءا من خططهم.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *