رضا زارعي.. مقتل قيادي بارز في “الحرس الثوري” بضربة بانياس السورية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

لم تعد مناطق شمال غرب سوريا مهددة بالقصف المدفعي والصاروخي والجوي المتواتر من جانب قوات النظام السوري وروسيا فحسب، بل أصبحت تواجه تكتيكا عسكريا جديدا “أشد خطرا”، ويتمثل بزج الطائرات المسيرة الانتحارية على خط المواجهة، في حالة تشابه إلى حد كبير ما حصل ويحصل في أوكرانيا، حسب خبراء عسكريون.

واستهدفت هذه الطائرات خلال الأشهر الثلاث الماضية مواقع عسكرية لفصائل من المعارضة وأخرى ضمن تشكيلات “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا). وبينما كان إطلاقها يتصاعد بالتدريج سرعان ما تحولت لتضرب سيارات المدنيين وأماكن عملهم في الأراضي الزراعية على خطوط التماس.

ووفق بيان لـ”الدفاع المدني السوري” يرتبط التصعيد بإطلاق “المسيرات الانتحارية” بقوات النظام السوري وروسيا والميليشيات الإيرانية، وتقول المنظمة الإنسانية إن استخدام هذا السلاح “يشكّل نهجا خطيرا في استهداف المدنيين ويهدد حياتهم”.

وفي حين أن هذه الطائرات أصبحت تقوّض أيضا سبل عيش السكان في شمال غرب سوريا، وتمنعهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية واستثمارها، توضح المنظمة الإنسانية أنها وثقت 12 هجوما من هذا النوع منذ بداية العام الحالي وحتى يوم 22 من فبراير الماضي.

وأدت الهجمات الموثقة التي استهدفت المدنيين لإصابة 7 مدنيين بينهم طفلان، وتوزعت ما بين مناطق تتبع لريف حلب الغربي وأخرى ضمن منطقة جبل الزاوية بريف إدلب وسهل الغاب بريف محافظة حماة.

ويوضح الناشط الإعلامي المقيم في شمال غرب سوريا، عدنان الإمام أن النقاط التي استهدفتها “المسيرات المذخرة” خلال الفترة الأخيرة تركزت على خطوط التماس مع الجبهات.

ورغم أنها كانت تصيب أهدافا عسكرية من أنفاق ومقار لفصائل المعارضة يشير الإمام إلى تحول جزء من مسارها لاستهداف المدنيين، وخاصة أولئك الذين يحاولون العمل في أراضيهم الزراعية بريفي حلب وإدلب.

الناشط يشير إلى أن “السلاح الذي يتم استخدامه لا يميز بين مدني وعسكري”، وأن الطائرات “باتت تولد مخاوف كبيرة لدى السكان المزارعين”، موضحا أنه تم تسجيل 7 هجمات بهذا السلاح يوم الجمعة فقط، واستهدفت إحداها جرارا زراعيا.

“الروس ينقلون تجربتهم”

ولا يعلن النظام السوري صراحة استخدام المسيرات الانتحارية في شمال غرب سوريا رغم أن فيديوهات لوزارة الدفاع التابعة له وثقت ذلك، وعادت حسابات موالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الماضية لتؤكد عملية الزج بها.

ووصلت بالحسابات قبل أسبوع إلى حد نشر صور وتسجيلات مصورة أظهرت ضباطا روسا يدربون عناصر وضباط آخرين من الجيش السوري على عملية الإطلاق، والتصدي لـ”الطائرات المعادية” في المقابل بواسطة سلاح “غاربيا”.

ولم يسبق وأن شهدت مناطق شمال غرب سوريا الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة مثل هذا التهديد في السابق.

وبالنظر إلى التكتيكات التي تتبعها روسيا في أوكرانيا منذ بداية الحرب وحتى الآن تتشكل صورة ما تعمل عليه الآن في سوريا، حسب الخبير العسكري والأمني، جوليان روبكي.

وبحسب روبكي المتابع لمجريات الحرب في أوكرانيا وساحات أخرى تنشط فيها القوات الروسية يعد استخدام موسكو وحلفائها السوريين لطائرات بدون طيار FPV كاميكازي في سوريا علامة واضحة “على نقل المعرفة والتكنولوجيا من الحرب في أوكرانيا إلى الساحة السورية”.

وفي حين أن النظام السوري والميليشيات الإيرانية وروسيا لديهم إمكانية وصول غير محدودة تقريبا إلى المروحيات الرباعية التجارية (FPV)، فمن الصعب للغاية الحصول على هذه العناصر بالنسبة لقوات المعارضة السورية، وفق قول الخبير.

ويضيف لموقع “الحرة” أن ما سبق “يزيد من احتمال وجود جانب أكثر تفوقا للأسد، مقارنة بالجماعات المتمردة من الفصائل المختلفة”.

الروس أم الإيرانيون؟

وتبلغ قيمة هذه الطائرة الانتحارية حوالي ألف يورو، وهي مجهزة برؤوس حربية صاروخية أو متفجرات أخرى، فيما يصل مداها إلى نحو 10 كيلومترات.

ويضيف روبكي أنه يمكن استخدامها ضد المشاة أو المركبات القتالية والدبابات وحتى أطقم المدفعية المقطوعة أو ذاتية الدفع إذا تحركت بالقرب من الجبهة.

على مدى الأشهر الماضية انتشرت الكثير من التسجيلات المصورة التي توثق استخدام الجيش الأوكراني وكذلك الجيش الروسي لهذا النوع من “الطائرات الانتحارية”.

وكانت هذه الطائرات تدخل إلى الأنفاق بسهولة وتصيب أهدافا من بينها جنود يسيرون بالقرب من الجبهات وعلى الطرق.

والآن تعاد ذات المشاهد في شمال غرب سوريا، حيث أظهرت عدة تسجيلات نشرتها حسابات موالية للنظام السوري عبر موقع “إكس” كيف استهدفت هذه الطائرات مواقع عسكرية دقيقة وسيارات لفصائل المعارضة في أثناء تنقلها بالمنطقة.

ولا يعرف ما إذا كان الروس هم الذين يقودون مجريات استخدام هذا التكتيك الجديد بالفعل على الأرض، وما إذا كان الإيرانيون على الخط أيضا.

ويعتقد الباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، نوار شعبان أن “سلاح الدرون بات الأنسب من الناحية العسكرية والاستراتيجية”، ولذلك كان من المتوقع أن يزج به على جبهات الشمال السوري.

ويقول الباحث لموقع “الحرة” إن نوع الطائرات المستخدمة من جانب النظام “رخيص الثمن” ومفخخ في آن واحد، ولا يمكن أن يصنف ضمن الأنواع العسكرية البحتة.

وكانت قوات النظام السوري قد تدربت واستخدمت طائرات الدرون في الجنوب السوري ومنذ عام 2020، وهناك فرق عسكرية بأكملها لديها الخبرة على استخدام هذا السلاح، وفق شعبان.

ويضيف أن تصعيد إطلاقها والزج بها في شمال غرب سوريا لا يمكن أن ينحصر فقط بتكتيك روسيا، بل بإيران وميليشيات صاحبة “الأثر الأكبر”.

ماذا عن المعارضة؟

ويخضع شمال غرب سوريا لسيطرة فصائل من المعارضة و”هيئة تحرير الشام”.

ويُحكم هذه المناطق منذ عام 2020 اتفاق روسي-تركي، يضمن تثبيت الجبهات بشكل معلن ودون تغيير مع تثبت حالة من “خفض التصعيد”.

ورغم أن التصعيد بالهجمات من جانب قوات النظام السوري وباستخدام “المسيرات” وصل إلى درجات أعلى تتّبع فصائل من المعارضة ذات الأسلوب، مع اختلاف بالنوع والجدوى.

وبين يوم وآخر تعلن وزارة الدفاع التابعة للنظام السوري عن إسقاط طائرات مسيرة حاولت استهداف مناطق في محافظة حلب وريف محافظة اللاذقية.

وكان آخر الإعلانات من جانبها يوم الجمعة، إذ قالت في بيان إنها “أسقطت ودمّرت سبع طائرات مسيرة في ريفي إدلب والرقة حاولت الاعتداء على نقاطنا العسكرية والسكان المدنيين في القرى والبلدات الآمنة في المناطق المذكورة”.

ويعتقد الخبير العسكري روبكي أن حالة التصعيد بالطائرات الانتحارية في شمال غرب سوريا مرتبطة إلى حد كبير بالروس، وأن “الإيرانيين يراهنون على طائرات بدون طيار من النوع العسكري”.

وبينما يقول إن فصائل المعارضة قد تعرض مقاطع فيديو لعملية إطلاق واحدة أو اثنتين يوميا باستخدام “fpv” يوضح أنه “ومن الناحية اللوجستية يبدو من الصعب جدا توصيل الآلاف من هذه الطائرات عبر تركيا إلى المنطقة”.

ويشير إلى ذلك أيضا الباحث السوري نوار شعبان، بقوله إن “فصائل المعارضة ورغم استخدامها لسلاح المسيرات في الشمال السوري لم تصل إلى نقطة إحداث أثر نوعي عسكري”.

ومع ذلك تعطي الحادثة الأخيرة التي استهدفت الكلية الحربية بمدينة حمص مؤشرا على تحول عسكري ما طرأ على صعيد المواجهة بين الفصائل في الشمال والنظام السوري، ولاسيما أن الأخير حمّل مسؤولية الضربة لفصيل في الشمال السوري.

وأسفرت الضربة عن مقتل عشرات الطلاب الضباط، وحتى الآن لم تتكشف التفاصيل حول كيفية وصول الطائرة الانتحارية إلى الكلية الحربية بحمص، وهي البعيدة عن خطوط الجبهات أو مناطق القتال المشتعلة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *