برؤوس حليقة، وصدور عارية، ووشوم تغطي أجزاء من الجسد.. هكذا تُظهر الصور واللقطات المسجونين داخل سجن “سيكوت”، أحد أكبر السجون في العالم، وأكثرها إثارة للجدل، وإثارة لحفيظة منظمات حقوق الإنسان.
السجن الذي يقع في دولة السلفادور بات حديث الإعلام في الآونة الأخيرة بعد أن عرض نجيب أبو كيلة، رئيس البلد الذي يقع في أمريكا الوسطى، استقبال مجرمين مُرحَّلين من الولايات المتحدة، بمن في ذلك حاملو الجنسية الأمريكية، وإيواءهم في سجن بلاده العملاق.
العرض الذي قدمه الرئيس السلفادوري، الذي ينحدر من أصول فلسطينية، وجد ترحابًا شديدًا من وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي قال في تصريحات صحفية إن أبو كيلة “عرض أن تستقبل سجون بلاده مجرمين خطرين مسجونين في بلادنا، بمن فيهم أولئك الذين يحملون جنسية أمريكية وإقامة قانونية”.
وأضاف روبيو بأن السلفادور “ستستقبل أيضًا مهاجرين مُرحَّلين ومجرمين من أي جنسية، سواء من إم إس-13 أو ترين دي أراجوا”، في إشارة إلى اثنتين من أخطر عصابات الجريمة العابرة للحدود في المنطقة.
ماذا نعرف عن ذلك السجن؟
يتسع السجن، الذي يطلق عليه “الكاتراز أمريكا الوسطى”، في إشارة إلى سجن خليج سان فرانسيسكو سيئ السمعة، إلى نحو 40 ألف سجين، وقد بُنى عام 2023 على مساحة 23 هكتارًا، تُعادل مساحة سبعة ملاعب كرة قدم؛ ليكون مأوى ومحبسًا لأكثر المجرمين عنفًا، وللعصابات المسلحة الخطيرة، والإرهابيين.
وقد بنى رئيس السلفادور حملته الانتخابية على التخلص من المجرمين والعصابات التي أرهقت بلاده، واستهلكت مواردها عبر عقود طويلة.
ولاقت سياسات “أبو كيلة” الأمنية، وتشديده قبضة الأمن، استحسان الناخبين؛ ما منحه ولاية جديدة في الانتخابات الرئاسية مطلع عام 2024.
وعلى الرغم من انتقادات منظمات حقوق الإنسان القوية للسياسات الأمنية للسلفادور، ولنظام “أبو كيلة”، إلا أن انخفاض معدلات الجريمة في البلد اللاتيني يظل علامة فارقة؛ فقد سجلت البلاد في 2023 أدنى معدل لجرائم القتل منذ ثلاثة عقود؛ ما جعلها واحدة من أكثر دول أمريكا اللاتينية أمانًا.
منفى العصابات الخطيرة
السجن الذي بُني بعيدًا عن المناطق الحضرية، في معزل عن البشر، الهدف منه عزل المجرمين الخطرين، والتخلص منهم دون الحاجة إلى تطبيق عقوبة الإعدام بحقهم.
ويتكون السجن من 8 أجنحة واسعة. وتضم كل زنزانة بين 65 و70 سجينًا، ولا يُسمح لهم بتلقِّي الزيارات، فيما تبلغ متوسط المساحة المتاحة لكل مسجون نحو نصف متر؛ الأمر الذي يثير حفيظة منظمات حقوق الإنسان.
ولا يتوافر بالسجن برامج لتأهيل السجناء للعودة إلى المجتمع بعد انتهاء محكوميتهم، ولا ورش عمل أو برامج تعليمية، كما لا يُسمح لهم بالخروج إلى الخارج مطلقًا، بحسب تقارير إعلامية.
وتبقى الاستثناءات الوحيدة للمساجين هي المحاضرات التحفيزية التي يقدمها من حين لآخر سجناء اكتسبوا درجة من ثقة مسؤولي السجن. ويجلس السجناء في صفوف في الممر خارج زنازينهم للاستماع إلى هذه المحاضرات، أو يتم توجيههم لأداء تمارين رياضية تحت إشراف الحراس.
ولا يحتوي السجن على أي مرافق ترفيهية للمساجين من أي نوع، وحتى صالات الطعام، وغرف الاستراحة، وصالة الألعاب الرياضية، والألعاب اللوحية، مخصصة للحراس فقط.
وفي الزنازين ينام السجناء في أسرّة من أربعة طوابق مصنوعة من المعدن، ولا توفر إدارة السجن أي شيء آخر على الأسرة؛ فالسجناء ينامون فوق السطح المعدني للأسرّة مباشرة دون حتى فرش أو أغطية، ويتناولون طعامهم، مثل الأرز أو المكرونة مع البيض المسلوق، بأيديهم دون أي ملاعق أو أدوات أخرى.
ويتمتع السجن سيئ السمعة بحراسة مشددة؛ إذ يتمركز بعض القناصة دومًا فوق الأسطح مرتدين الأقنعة.