دراسة تكشف نسبة رفض تأشيرات الشنغن.. والجزائريون في المقدمة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

رفضت فرنسا مرتين طلبات التأشيرة المقدمة من نبيل تباروت، مطور البرمجيات الجزائري، البالغ من العمر 29 عاما، والذي يأمل في زيارة شقيقته هناك هذا العام.

تباروت هو من بين العديد من الأشخاص الذين يخوضون عملية الحصول على التأشيرة التي غالبا ما تكون شاقة في جميع أنحاء أفريقيا، والتي تواجه معدلات رفض تأشيرة أعلى من أي مكان آخر في العالم عندما يتعلق الأمر بزيارة منطقة شنغن في أوروبا. غالبا ما يكون من الصعب تأمين المواعيد ويجب على المتقدمين في كثير من الأحيان إثبات الحد الأدنى من الرصيد البنكي وتأكيد الغرض من زيارتهم والتأكيد على أنهم يخططون للعودة إلى وطنهم.

“هذا هو الحال”، يقول تباروت لوكالة أسوشيتد برس، الذي نجح مرة واحدة فقط في الحصول على تأشيرة دخول إلى فرنسا، مضيفا “كل متعة تستحق الألم”.

ورغم أن قسما كبيرا من النقاش الدائر في أوروبا حول الهجرة يركز على الأشخاص الذين يصلون بشكل غير قانوني، فإن أعدادا أكبر من الناس يختارون القدوم بالطرق القانونية، ليجدوا أن اتباع القوانين غالبا ما يفشل، وفق ما ذكرته أسوشيتد برس. 

وتشير إلى أن معدلات الرفض غير المتناسبة، وهي أعلى بنسبة 10 في المئة بأفريقيا من المتوسط ​​العالمي، تعيق الشراكات التجارية والاقتصادية والتعليمية على حساب الاقتصادات الأفريقية، وفقا لدراسة أجرتها في أبريل، شركة “هينلي آند بارتنرز” لاستشارات الهجرة ومقرها المملكة المتحدة.

ووصفت الدراسة هذه الممارسات بأنها تمييزية، وحثت دول شنغن على إصلاحها.

ولا يوجد مكان يتم فيه رفض المتقدمين أكثر من الجزائر، وفق تعبير أسوشيتد برس، حيث تم رفض أكثر من 392 ألف متقدم في عام 2022. ويتبع معدل الرفض للجزائريين، البالغ 45.8 في المئة، معدل رفض قدره 45.2 في المئة في غينيا بيساو و45.1 في المئة في نيجيريا.

وتم رفض واحد فقط من بين 25 متقدما يعيشون في الولايات المتحدة.

وبينما وجدت الدراسة أن المتقدمين من البلدان الفقيرة تعرضوا لرفض أعلى بشكل عام، فقد لاحظت أن المتقدمين من تركيا والهند واجهوا رفضا أقل من المتقدمين من غالبية البلدان الأفريقية.

وقد تكون أسباب هذا التحيز ضد أفريقيا سياسية، وفق ما نقلته الوكالة عن مؤلف الدراسة، مهاري تاديلي مارو، من مركز سياسات الهجرة التابع لمعهد الجامعة الأوروبية. 

ويشير مارو إلى أن الحكومات الأوروبية، بما في ذلك فرنسا، تستخدم رفض التأشيرات كأداة سياسية للتفاوض على ترحيل أولئك الذين يهاجرون إلى أوروبا دون الحصول على تصريح مناسب. من جانبها، رفضت حكومات دول شمال أفريقيا تقديم الوثائق القنصلية لمواطنيها الذين يواجهون الترحيل.

وأضاف مارو في حديثه لأسوشيتد برس أن الجزائر لديها معدلات رفض عالية في القارة، لأن عدد المتقدمين لديها يفوق عدد المتقدمين من البلدان الأفريقية الأخرى لأسباب جغرافية واقتصادية وتاريخية، مشيرا إلى أن العديد من الجزائريين يتقدمون بطلب للحصول على تأشيرات في فرنسا، حيث يتحدثون اللغة وربما تكون لديهم روابط عائلية. 

وأشار إلى أن أن قرب شمال أفريقيا من أوروبا يعني أن الرحلات الجوية قصيرة ورخيصة مقارنة بالرحلات الجوية من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مما يدفع المزيد من الأشخاص إلى التقدم بطلبات التأشيرات.

وقال مارو إنه بالإضافة إلى معدلات الرفض، فإن صعوبة التقديم هي أيضا خيار سياسي من جانب الحكومات الأوروبية، موضحا “عندما نتحدث عن زيادة العوائق أمام المتقدمين المحتملين، فإننا لا نتحدث فقط عن معدل الرفض، بل أيضا عن القيود المفروضة على التقديم”.

وذكرت أسوشيتد برس أن هذا يعني أن التحديات يمكن أن تكون محلية أيضا.

وبالنسبة للجزائريين مثل تباروت، تعد شركة “VFS Global” لاعبا جديدا في عملية طلب التأشيرة، وتم التعاقد مع هذا المقاول من قبل السلطات القنصلية الفرنسية بعد سنوات من الانتقادات بحق النظام السابق الذي هيمن عليه ما يسمى “مافيا التأشيرات”.

واجه مقدمو الطلبات في السابق تحديات في تأمين فترات زمنية، والتي يتم حجزها بسرعة من قبل وسطاء خارجيين ثم إعادة بيعها للجمهور، على غرار الطريقة التي سيطر بها المضاربون على منصات الحفلات الموسيقية، وانتشرت الشائعات حول برامج الكمبيوتر المعقدة التي تتصل بمنصات المواعيد وتستحوذ على النوافذ المفتوحة في غضون لحظات، وفق أسوشيتد برس.

وأكد علي شلالي، الذي ساعد ابنته مؤخراً في تقديم طلب تأشيرة طالب لفرنسا، للوكالة “إنهم مجموعة من المحتالين الذين يمارسون هذه المهنة منذ سنوات، ويجمعون ثروات على حساب المواطنين الفقراء من خلال جعلهم يدفعون ثمنا باهظا لتحديد موعد لتقديم طلب للحصول على تأشيرة”. 

وبموجب النظام السابق، قال المتقدمون لوكالة أسوشيتد برس إنه كان عليهم دفع ما بين 15 ألف إلى 120 ألف دينار جزائري (103 إلى 825 يورو) فقط للحصول على موعد.

وفي الجزائر، يقرر الكثيرون متابعة الفرص في فرنسا بعد عدم العثور على فرص اقتصادية كافية في الداخل أو طلب الإقامة بعد الذهاب إلى الجامعات الفرنسية بتأشيرات طلابية. وفقا لتقرير صدر عام 2023 عن المديرية العامة الفرنسية لشؤون الأجانب، فإن 78 في المئة من الطلاب الجزائريين “يقولون إنهم لا يعتزمون العودة إلى الجزائر” بعد الانتهاء من دراستهم.

تاريخيا، كانت قضية التأشيرة سببا للتوترات السياسية بين البلدين. ومن المقرر أن يزور الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، فرنسا في وقت لاحق من العام الحالي.

وقال السفير الفرنسي، ستيفان راموتيت، في مؤتمر اقتصادي عقد مؤخرا في الجزائر العاصمة: “كل ما يمكن أن يساهم في زيادة التجارة بين فرنسا وأوروبا والجزائر يجب تسهيله في كلا الاتجاهين”، مضيفا “الجزائريون الذين يريدون الذهاب إلى فرنسا لتطوير أعمالهم يجب أن يكونوا قادرين على ذلك، للاستفادة من كافة التسهيلات وخاصة التأشيرات”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *