ذكرت تقارير إعلامية وجهات حقوقية، أن اعتداءات المستوطنين الإسرائليين العنيفة، ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية زادت بعد اندلاع حرب غزة، مما يطرح الكثير من الأسئلة بشأن استمرار تلك الهجمات رغم الإدانات الدولية، وتحذير واشنطن من أنها ستفرض عقوبات على من يقف وراءها.
والجمعة، قال مسؤول كبير في الخارجية الأميركية، إن إدارة الرئيس جو بايدن، أبلغت إسرائيل عزمها فرض عقوبات على المستوطنين المتطرفين المنخرطين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية.
وتتمثل العقوبات برفض إصدار تأشيرات لهؤلاء المستوطنين لدخول الولايات المتحدة، وفق المسؤول، الذي أوضح أنه “سيتم تطبيقها خلال الأسابيع القليلة المقبلة”، وفق “رويترز”.
وتختلف الآراء والتحليلات بشأن موقف الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتانياهو، من تلك الهجمات، وما إذا كانت تعطي المستوطنين الضوء الأخضر، أم أنها تبقى مجرد أفعال فردية يقوم بها متطرفون يمينيون بعد هجمات السابع من أكتوبر.
وشنت حماس هجمات غير مسبوقة في 7 أكتوبر، استهدفت بلدات في غلاف غزة، وخلفت 1200 قتيل، أغلبهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وأدت إلى اختطاف 240 رهينة، بحسب السلطات الإسرائيلية
وردا على ذلك، تشن إسرائيل غارات مكثفة وتوغلت قواتها بريا في القطاع، مما أدى إلى مقتل أكثر من 15500 شخص في قطاع غزة، من بينهم ما لا يقل عن 6 آلاف طفل و4 آلاف امرأة، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.
وانهارت الهدنة بين حماس، المصنفة إرهابية، وإسرائيل، الجمعة، بعد استمرارها سبعة أيام، تم خلالها الإفراج عن أكثر من 100 رهينة لدى حماس مقابل إطلاق 240 سجينا فلسطينيا.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية قد ذكرت في تقرير سابق، أن منظمات حقوقية حذرت من أن عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وصل إلى “مستويات قياسية” منذ 7 أكتوبر.
وأشارت الجماعات، وفقا للصحيفة، إلى أن “حركة الاستيطان المتطرفة، تسعى الآن إلى زيادة ترسيخ وجودها في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
وشهد السبت الماضي هجوم مستوطنين إسرائيليين على قريتين فلسطينيتين في الضفة الغربية، في وقت متأخر، حيث قتلوا رجلا وأحرقوا سيارة، وفقا لوكالة رويترز.
وقالت إدارة الإسعاف الفلسطينية إن رجلا يبلغ من العمر 38 عاما، في بلدة قراوة بني حسن في شمال الضفة الغربية، تعرض لإطلاق نار في الصدر، بينما اشتبك السكان مع مستوطنين وجنود إسرائيليين.
وقالت منظمة، ييش دين (يوجد قانون)، وهي منظمة إسرائيلية من المتطوعين في مجال حقوق الإنسان في الضفة الغربية تتابع عنف المستوطنين، إنه “وقع 225 حادث عنف قام به مستوطنون في 93 تجمعا سكنيا فلسطينيا منذ بداية الحرب”.
وقبل حادث السبت، قالت المنظمة إن “9 فلسطينيين على الأقل لقوا حتفهم في تلك الهجمات”.
“خطر على الأمن القومي”
ولدى سؤاله عن زيادة وتيرة تلك الاعتداءات، قال الخبير السياسي والاستراتيجي الإسرائيلي، أمير أورن، لـ”الحرة”: “كما تعلمون يوجد هناك مستوطنات جرى تشريعها من الحكومات الإسرائيلية المختلفة، لكن توجد أيضا بؤر استيطانية لم يتم ترخيصها، وسكان تلك البؤر هم الذين يحرضون على العنف ويعملون على تصعيد الأمور”.
وأضاف: “الحكومة لا تحبذ ما يحدث، لكن نتانياهو يعتمد في بقاء تلك الحكومة على أصوات اثنين من الوزراء الذين يمثلون مجمل المستوطنين في الضفة الغربية، وليس بالضرورة المتطرفين منهم”.
وشدد أورن على أن “نتانياهو يخشى من انسحاب وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير”، علما أن الأخير كان قد هدد بحل الحكومة في حال توفقت الحرب ضد حركة حماس في قطاع غزة، “وبالتالي فإن رئيس الحكومة يوافق على ما يجري في الضفة”، وفقا لكلامه.
وأشار الخبير الإسرائيلي إلى “مقترحات وأفكار مجنونة قدمها بعض الوزراء”، قائلا: “مثلا سموتريتش وحتى قبل أن يصبح وزيرا، طالب بتهجير الفلسطينيين، وبن غفير يماثله في التطرف، وبالتالي فإن إسرائيل تعاني من هذه الأعمال العنيفة، في الوقت الذي يحتاج فيه الجيش إلى القوات الموجودة في الضفة الغربية للقتال في قطاع غزة وفي الجبهة الشمالية عند الحدود مع لبنان”.
وخلص أورن إلى أن “كل ذلك يضر بالأمن القومي الإسرائيلي”.
احتمالات التهدئة
من جانبه، رأى نائب مفوض العلاقات الدولية في حركة فتح (الحزب الحاكم في الضفة)، عبد الله عبد الله، في تصريحات للحرة، أن “ما يحدث من عنف في الضفة الغربية، يستهدف إلغاء الشعب الفلسطيني وتهجيره من أراضيه”.
مقتل فلسطيني خلال اقتحام قوات إسرائيلية لقلقيلية بالضفة الغربية
ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينة الرسمية “وفا”، الأحد، أن شابا، يبلغ من العمر 21 عاما، قد قضى برصاص القوات الإسرائيلية، خلال اقتحامها مدينة قلقيلية في الضفة الغربية.
واعتبر عبد الله أن “الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لا يقومون بما يجب لإيقاف تلك الأعمال، إذ يجب على واشنطن في حال كانت تدعم حل الدولتين، أن تعترف بدولة فلسطين وتجبر إسرائيل على الالتزام بمبادئ القانون الدولي”.
وفيما إذا كان بإمكان السلطة الفلسطينية أن تلعب دورا في التهدئة، حتى وإن كانت “تهدئة جزئية”، أجاب القيادي في حركة فتح: “ما علاقتنا نحن بذلك؟.. المستوطنون هم من يعتدون علينا ويقتحمون قرانا ومدننا ويقتلوننا ويخربون ممتلكاتنا وحقولنا”.
ولدى سؤال أورن عن إمكانية اتجاه الحكومة الإسرائيلية لفرض نوع من التهدئة في الأراضي الفلسطينية، قال: ” للأسف الحكومة الحالية لن تفعل شيئا تجاه المستوطنين، وذلك رغم أن نتانياهو كان قد قطع وعدا لواشنطن بالحد من تلك الاعتداءات”.
وزاد: “المستوطنون لا يأبهون أن تفرض عليهم الولايات المتحدة عقوبات من قبيل حرمانهم من تأشيرات الدخول إليها، لأن كل ما يهمم هو تهجير الفلسطينيين والسيطرة على أراضيهم، ورغم أنهم يشكلون أقلية في البلاد، فإنه للأسف لديهم أهمية سياسية”.
الأرقام تكشف “الأزمة”.. ماذا فعلت الحرب بسوق العمل في غزة والضفة الغربية؟
كشفت منظمة العمل الدولية، عن أن الحرب التي تشنها إسرائيل منذ ستين يوما أدت إلى آثار كارثية فيما يتعلق بسوق العمل، حيث فقد 61 في المئة من العمال وظائفهم في غزة، وأنها أثرت أيضا على سكان الضفة حيث خسر 24 في المئة وظائفهم.
ويعيش في الضفة الغربية نحو 490 ألف إسرائيلي في مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.
وتسجل يوميا “نحو 8 حوادث عنف ضد الفلسطينيين، من بينها الترهيب والسرقة والاعتداء”، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وأشار المكتب إلى أنه منذ بدء الحرب في غزة، نزح 7607 أشخاص من الضفة الغربية، أكثر من نصفهم من الأطفال. كما اضطر نحو 1100 شخص إلى مغادرة أراضيهم خلال العام ونصف العام الماضيين.
ورصدت وكالة “فرانس برس” في الضفة الغربية في الفترة الحالية، منازل منهوبة وخزائن ملابس فارغة وأسرة أطفال محطمة وستائر ممزقة وأحذية وألعابا متناثرة على الأرض. وأشار طاقم “فرانس برس” إلى وجود سيارات مدنية قريبة، رُفع العلم الإسرائيلي على عدد منها.