يرى خبراء ومحللون أن الخلافات بين السياسيين والعسكريين في إسرائيل تشكّل خطورة على الأداء العسكري الإسرائيلي في الحرب على قطاع غزة، وتخدم المقاومة الفلسطينية في غزة التي تسعى لتأليب المجتمع الإسرائيلي على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وكشفت “القناة 12” الإسرائيلية في وقت سابق عن خلاف نشب بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع يوآف غالانت، على خلفية منع نتنياهو رئيسي جهاز الاستخبارات “الموساد” ديفيد برنيع، وجهاز الأمن الداخلي “الشاباك” رونين بار من حضور جلسة لحكومة الحرب.
وأشار الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي، عادل شديد إلى انهيار الثقة بين مكونات وأطياف النظام السياسي في إسرائيل، بما في ذلك داخل ممثلي حزب الليكود في الحكومة، حيث لم تعُد الأزمة بين رئيس الوزراء ورئيس الأركان هرتسي هليفي، وإنما بين نتنياهو ووزير الدفاع غالانت الذي ينتمي لحزب الليكود.
والأخطر أن انهيار الثقة -يضيف عادل شديد- أخذ أبعادا مؤسسية، فهناك شبه انعدام للثقة ما بين المستوى السياسي ممثلا في الحكومة وشركاء نتنياهو، وتحديدا جماعة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزيرالمالية بتسلئيل سموتريتش، والقاعدة اليمينية المتشددة -أيضا- في حزب الليكود، وما بين مؤسسة الجيش الذي تحرص إسرائيل منذ إقامتها أن تبقى خارج كل التجاذبات السياسية، حتى إن الجيش وُصف في السبعينيات والثمانينيات بـ”البقرة المقدسة”، بسبب منع انتقاده.
وقال الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي -الذي كان يتحدث ضمن الوقفة التحليلية اليومية على قناة الجزيرة “غزة.. ماذا بعد؟”- إن هناك قناعة لدى النخبة العسكرية الإسرائيلية بأن نتنياهو ينفّذ -منذ بداية الحرب الحالية في قطاع غزة- حملة تحريض واسعة ضد الجيش والأمن، ويحمّلهم الإخفاق الكبير في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وما تلاه.
ومن وجهة نظر الخبير العسكري والإستراتيجي، العميد إلياس حنا، فإن ما يحدث في إسرائيل اليوم هو أن البعد السياسي يؤثر في البعد العسكري، وأن عملية طوفان الأقصى “أسقطت منظومة أمنية كبيرة جدا، وحتى قناعات أمنية واستخباراتية وإستراتيجية، وهذا الأمر غطته الحرب على غزة”.
وقال “إن المستوى التكتيكي عكس على المستوى الإستراتيجي الخلافات الداخلية في إسرائيل”، مبرزا أن الحكومة السياسية وضعت الأهداف الكبرى، أو الأهداف القصوى المتمثلة في: “تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتدمير البنى التحيتية، وإنشاء بيئة في قطاع غزة لما بعد حماس..”.
وأضاف أن المعركة على أرض الميدان أظهرت عدم تطابق العسكري مع السياسي، مؤكدا أن الانقسام السياسي يشكل خطورة على الأداء العسكري للإسرائيليين في حربهم على غزة.
وتحدث الكاتب والمحلل السياسي، حسام الدجني عن موقف المقاومة الفلسطينية في غزة من الانقاسامات الداخلية في إسرائيل، وقال إنها ترصد كل كبيرة وصغيرة وتعمل على تعزيز هذه الخلافات، وإن المواد الإعلامية التي تبثها المقاومة بشأن المحتجزين الإسرائيليين لديها تهدف إلى تعزيز فكرة أن يكون هناك حراك مجتمعي داخل إسرائيل ضد حكومة نتنياهو.
وقال إن رسالة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إلى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن تأتي من باب تعزيز الموقف الأميركي، مؤكدا أن المقاومة ترى أن بيني غانتس -عضو مجلس الحرب الإسرائيلي- يرتبط مع الإدارة الأميركية بشكل أكبر، ومن ثم العمل من أجل تفسخ الائتلاف الحاكم الذي يدير الحرب في غزة.
وفي كلمة له وجهها لبلينكن الذي يزور المنطقة، قال هنية: “نأمل أن يكون بلينكن قد استخلص العبر من الأشهر الثلاثة الماضية، وأدرك أخطاء واشنطن في دعمها للاحتلال”.