خبراء ومحللون: إسرائيل تعتزم تهجير سكان غزة وعلى مصر التصدي لها

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

تعيش إسرائيل خلافا داخليا بشأن احتلال محور فيلادلفيا الحدودي بين مصر وقطاع غزة، وهي رغبة يدعمها اليمين الإسرائيلي المتطرف ويعارضها الجيش، بينما ترفضها القاهرة بطريقة ليست حازمة بما يكفي، كما يقول خبراء ومحللون.

فقد عاد الحديث عن احتلال محور فيلادلفيا -الذي يعرف فلسطينيا بمحور صلاح الدين- مجددا بعدما تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن ضرورة إبقاء المحور تحت سيطرة إسرائيل، بزعم أنه ممر لتهريب السلاح يجب إغلاقه.

لكن القاهرة نفت هذه المزاعم عبر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان الذي قال إن حديث نتنياهو تمهيد لإعادة احتلال المحور مخالفة صريحة لاتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين الجانبين، وتعكس رغبة الإسرائيليين في تهجير سكان القطاع.

وقال رشوان إن احتلال المحور قد يعرّض العلاقات بين الجانبين لتهديد خطير وجدي، مؤكدا أن مصر لن ترهن حدودها لمجموعة من القادة الإسرائيليين المتطرفين الذي يريدون جر المنطقة نحو عدم الاستقرار.

ووفقا لوسائل إعلام عبرية، فقد رفضت القاهرة خلال الفترة الماضية قيام إسرائيل بعملية عسكرية في المنطقة، كما رفضت ترتيبات طرحتها تل أبيب لمراقبة المحور تكنولوجيا.

الدافع ليس عسكريا

لذلك، فإن حديث نتنياهو عن احتلال المحور ليس سوى انعكاس لرغبته في احتلال قطاع غزة كليا؛ لأنه يعتبره جزءا أصيلا من وعد بلفور، ومن ثم فهو يحاول استعادته كلما وجد ظرفا ملائما، كما يقول الخبير العسكري اللواء فايز الدويري.

وخلال مشاركته في برنامج “غزة.. ماذا بعد؟”، قال الدويري إن السيطرة على المحور ليست ذات جدوى من الناحية العسكرية، لأن مصر عالجت أزمة الأنفاق وأغرقتها بالمياه حتى 30 مترا، وأكدت على هذا الأمر علنا.

بناء على ذلك، فإن الحديث عن إعادة احتلال هذا المحور لا يمثل حاجة عسكرية وإنما يمثل حاجة لليمين المتطرف الذي يحلم بالعودة إلى غزة مجددا، وفق المحلل السياسي مهند مصطفى.

وفيما يحاول المتطرفون الدفع باتجاه احتلال كامل للمحور، تريد المؤسسة العسكرية شن عملية سريعة ثم الانسحاب بعد التوصل لتفاهمات جديدة مع مصر تتيح لإسرائيل مراقبة المنطقة تكنولوجيا، برأي مصطفى.

ويعزو مصطفى غياب الإجماع بشأن احتلال المحور -المطروحة فعليا- إلى الكلفة السياسية والعسكرية الباهظة التي ستدفعها إسرائيل، “لأن العملية تتشابه جدا مع تجربة جنوب لبنان التي كلفتها كثيرا ولم تحقق لها الأمن”.

خرق لاتفاقية كامب ديفيد

ورغم تزايد احتمالات مضي إسرائيل قدما في خططها، فسوف تصطدم باتفاقية كامب ديفيد، والتي يمثل المحور جزءا منها وفق ملحق عام 2005، كما يؤكد الصحفي محمد السطوحي.

وبناء على ذلك، فإن احتلال إسرائيل للمحور -برأي السطوحي- يمثل خرقا إسرائيليا كاملا لاتفاقيتها مع مصر، التي ستواجه خطرا كبيرا في حال فقدت السيطرة الأمنية على هذا الشريط الحدودي.

من هذا المنطلق، يعتقد السطوحي أن مصر لن تسمح لإسرائيل باتخاذ خطوات أحادية في هذه المنطقة، “وهو ما يفسر التصريحات التي أدلى بها رشوان والتي كسرت -نوعا ما- اللغة الهادئة التي تتبناها القاهرة من أول الأزمة”، حسب قوله.

وتعكس تصريحات رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر شعور القاهرة بأن لدى إسرائيل نية جادة في احتلال المحور تمهيدا لهدفها الأكبر المتمثل في تهجير سكان غزة نحو سيناء، كما يقول السطوحي.

ويتفق الدويري مع فكرة وجودة نية إسرائيلية لاحتلال المحور ما لم تتوفر السيطرة من خلال اتفاق جديد مع مصر، لكنه يؤكد أن اجتياح المنطقة يتطلب سحق أكثر من مليون نازح يوجدون حاليا في المنطقة.

ورغم أن إسرائيل دخلت إلى هذه المنطقة في السابق وهدمت الخيام على من فيها، فإن الوضع مختلف هذه المرة، ليس فقط بسبب وجود أكثر من مليون إنسان، وإنما بسبب وجود مقاومة قوية ستواجهها على الأرض.

تسهيل التهجير

وبعيدا عن الأهداف الأمنية التي يتحدث عنها نتنياهو، فإن الهدف الحقيقي لمحاولة احتلال المحور هو تسهيل عملية تهجير السكان طوعا أو قسرا، كما يقول مصطفى، الذي أكد أن نتنياهو تراجع في السابق عن هذه الخطوة بسبب الرفض المصري الأميركي لكنه عاد إليها مجددا بسبب ضغط اليمين عليه.

الرأي نفسه ذهب إليه السطوحي بقوله إن على مصر استخدام لغة أكثر حزما من لغتها الحالية، وعدم الاكتفاء بالقنوات الخاصة مع تل أبيب وواشنطن، لأنها تواجه بالفعل إمكانية دفع أكثر من مليون إنسان إلى أراضيها.

ويعتقد السطوحي أن إسرائيل أبطأت في تهجير السكان بسبب الموقفين المصري والأميركي لكنها لم تتراجع عنه وتعمل على تنفيذه بكل الطرق، مضيفا “ربما تقصف إسرائيل السياج الفاصل بين سيناء وغزة ثم دفع السكان نحو الأراضي المصرية بالقوة، وهو ما يتطلب موقفا مصريا صارما”.

وخلص إلى أن مصر تواجه إشكالية كبرى تتعلق بصورتها داخليا وإقليميا إذا سمحت لإسرائيل باحتلال هذه المنطقة وتهجير سكانها، “وهو ما قد يدفعها لاتخاذ موقف أكثر حسما خلال الفترة المقبلة، فضلا عن احتمالية تدخل واشنطن التي لن تضحي بالعلاقات المصرية الإسرائيلية التي تمثل حجر زاوية استقرار المنطقة”، حسب تعبيره.

أما الدويري، فيرى أن “مصر مهدت الطريق أمام إسرائيل لاحتلال المحور عندما سمحت لها بالتحكم في كل ما يدخل إلى غزة، في إخلال واضح باتفاقية كامب ديفيد”.

بالتالي، فإن القاهرة حاليا “تستخدم لغة خشنة تعلن فيها صراحة منع أي محاولة لاحتلال الشريط الحدودي”، برأي الدويري.

لكن مصطفى لا يعتقد أن هناك قرارا سياسيا نهائيا باحتلال المحور، ويقول إن ما يجري هو محاولة ضغط على مصر للقبول بترتيبات أمنية جديدة في المنطقة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *