أكد خبراء بالشأنين الفلسطيني والإسرائيلي، أن الصدمة التي عمت إسرائيل عقب مقتل 24 من جنودها وضباطها في قطاع غزة خلال 24 ساعة قد يبنى عليها، مرجحين أن الدولة العبرية تتجه لخسارة إستراتيجية.
ورجح أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الفلسطينية الدكتور رائد نعيرات، أن تحدث هذه الصدمة الكثير من الضغوط المجتمعية وخاصة لدى أهالي الأسرى الإسرائيليين الذين يطالبون بإبرام صفقة تبادل، مشيرا إلى أن جيش الاحتلال يدرك بأنه سيغرق بوحل غزة، إذ دخل القطاع بهدف تحرير الأسرى “ليصبح أسيرا لدى المقاومة، وغير قادر على الدفاع عن نفسه”.
ولفت إلى أن هناك محددين اثنين يتفاعلان ببطء وقد يحدثان تغييرا في إسرائيل، وهما استخدام واشنطن أوراق ضغط ضد تل أبيب، وصمود غزة ومقاومتها بوجه آلة الحرب الإسرائيلية.
وأشار إلى أن هذه الصدمة أتت في ظل 3 متغيرات وهي: تهيئة المجتمع الإسرائيلي بأن إسرائيل ذاهبة للانتصار في غزة، ووقوع العملية بمنطقة قريبة من غلاف غزة، وتصاعد الخلافات داخل المجتمع والقيادة الإسرائيلية حول الخسائر واليوم التالي للحرب.
وحول إمكانية توجه الاحتلال للانتقام أكثر في غزة، أوضح نعيرات أنه على الرغم من منطقية الافتراض فإن شهوة الانتقام والتدمير الممنهج والإبادة الجماعية غير مرتبطة بطبيعة العمليات حيث تبنى جيش الاحتلال سياسة التدمير منذ “7 أكتوبر/تشرين الأول 2023”.
وأوضح أنه لا توجد أصوات في إسرائيل تطالب بهدنة إلا عندما تكون هناك ضغوط على الجيش، مؤكدا أنه لا خيار أمام المقاومة سوى الصمود ومواصلة تكبيد الاحتلال خسائر باهظة لكسره وإفشال خططه.
ونبه إلى أن الكل بات على قناعة بأن الحرب الحالية هي حرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهناك توالي بخسائر الاحتلال كلما تعمق في غزة، لافتا إلى أن ما تلا “7 أكتوبر” من تغيرات إستراتيجية لن يعيد تل أبيب لمربع ما قبل “طوفان الأقصى”.
تناقض بين الوهن والواقع
بدوره، أكد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، الدكتور مصطفى البرغوثي، أن صدمة عملية المغازي تعبر عن التناقض بين الوهن والواقع، وسيكون لها تأثير كبير وعميق على الجيش والمجتمع الإسرائيليين ومسار الحرب.
وأوضح أن إسرائيل تريد حربا بخسائر من جانب واحد، ولكن ما يحدث أن خسائرها أكبر من أي حرب سابقة، وهي حساسة جدا بمسألة الخسائر البشرية وتعاني من خسائر اقتصادية.
وأشار إلى أن هناك مقدمة لخسارة إستراتيجية لإسرائيل بالمنطقة بعدما اتضح زيف الأوهام التي بيعت للدول المطبعة بأنها قوة لا تقهر، رغم مكابرتها بأنها مستمرة في القتال بغزة.
وشدد على أن إحساس قيادة الاحتلال بالفشل يتعمق، في إشارة إلى الفشل في “7 أكتوبر”، وإدارة الحرب، متوقعا تعالي الأصوات المطالبة بنهج بديل كأولوية الإفراج عن الأسرى.
وخلص البرغوثي إلى أن المحصلة هي تكريس الفشل الإسرائيلي، وقد تتدخل واشنطن لإنقاذ تل أبيب وتدفعها لمواجهة الواقع وتغيير المسار الحالي بعد فشله وتأكد الفلسطينيين أن إسرائيل لا تفهم سوى لغة القوة.
وبيّن أن واشنطن تعاني أزمة إستراتيجية إذ يحاول الرئيس الأميركي جو بايدن الحفاظ على توازن معاودة انتخابه لولاية ثانية وإصراره على مواصلة الدعم لإسرائيل، مشددا على أن هدفه لم يكن سوى تمرير التطبيع لتصفية القضية الفلسطينية وبيع الوهم.
وشدد على أن تكرار حديث الإدارة الأميركية عن اليوم التالي للحرب إنما يهدف إلى حرف الأنظار عما يجري اليوم وإخفاء معاناة الفلسطينيين، فضلا عن التدخل الفج بفرض من يقود الشعب الفلسطيني.