دأبت إسرائيل على ضم الأراضي واحتلالها وتهجير أكبر عدد ممكن الفلسطينيين بحجة حفظ أمنها وحماية المستوطنات على حساب أصحاب الأرض الأصليين، وهو ما تقوم به حاليا في قطاع غزة بحجة إقامة منطقة أمنية عازلة.
وعلى مدار تاريخها، استندت إسرائيل إلى حجج أمنية واهية لتمرير مخططات التوسع، ولا تزال تمارس الفعل نفسه رغم الضربة التي تلقتها على يد المقاومة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وكشفت أحاديث إسرائيل عن ضرورة إقامة منطقة في غزة عن مخططات توسعية كانت تنطوي عليها سريرتها، لقضم جزء من القطاع الذي لا تزيد مساحته عن 365 كيلومترا مربعا ويسكنه نحو 2.2 مليون إنسان، ويوصف بأنه أكبر سجن مفتوح في العالم.
تدمير ممنهج
ووفقا لتقرير أعده عبد القادر عراضة للجزيرة، فقد بدأت إسرائيل -منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول- تدميرا ممنهجا لآلاف المنازل والبنى التحتية والمصانع القريبة من السياج الفاصل، في حين تقول “يديعوت أحرونوت” إن الهدف هو إقامة منطقة عازلة يتراوح عمقها بين 1 و1.5 كيلومتر مربع.
ولتحقيق هذا الهدف، تحاول إسرائيل ابتلاع 20% من مساحة القطاع وتطهيرها عرقيا لاحتلالها بشكل دائم بعد انتهاء الحرب، كما تقول الصحيفة.
ومن المتوقع أن يضم الشريط العازل الجديد ثكنات عسكرية ثابتة ومتنقلة وطرقا عسكرية وأدوات مراقبة وتحصينات ومفهوما دفاعيا مختلفا.
ويعمل الجيش الإسرائيلي على نسف أحياء كاملة بوتيرة سريعة، إلى جانب الاستيلاء على أرض زراعية وتحويلها إلى منطقة أمنية مشددة، وخصوصا في الشمال.
ونشر مركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية خريطة أظهرت تضرر نحو 37% من الأراضي الزراعية في شمال القطاع، ونحو 27% في محافظة غزة، خلال الشهرين الماضيين.
ويظهر فيديو بتقنية “تايم لابس” تغير شكل الأرض وما عليها من أبنية وأرض زراعية وسط وجنوب غزة بفعل العمليات الإسرائيلية والتحضير للمنطقة العازلة.
تطهير عرقي
ووصف مقرر الأمم المتحدة المعني بالإسكان، بالاكريشنان راجاغوبال، ما تقوم به إسرائيل بأنه “أعمال تطهير للأملاك على طول الحدود في قطاع غزة، وتدمير منهجي للمنازل الفلسطينية يمكن أن يشكل جريمة حرب”.
كما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤولين إسرائيليين أن الهدف من المنطقة العازلة هو تصعيب تكرار هجوم مشابه لهجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حينما انهار السياج الحدودي والتكنولوجيا التي أنجزت أمام هجمات المقاومة.
وتبدو المعضلة في توفير ما تقول إسرائيل إنه أمن للبلدات الإستراتيجية على حدود غزة -وكثير منها مستوطنات ومواقع عسكرية- وتشجيع عودة سكانها إلى منازلهم بخلق واقع جديد في نحو 58 بلدة تشكل غلاف غزة.
لكن تقديرات وتحليلات تجمع على أن أي خطة لإقامة منطقة أمنية عازلة في القطاع غير مجدية ولن توفر الأمن، بل ستغرق إسرائيل في مستنقع قتال.
ويستدل هؤلاء بتجربة إسرائيل في لبنان حينما أخلت منطقة بعمق 15 كيلومترا عام 2000 بعد سنوات من الهجمات التي شنها حزب الله.
بدورها، أكدت الولايات المتحدة -على لسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن– رفضها لأي خطة إسرائيلية لإنشاء منطقة عازلة في قطاع غزة، أو أي تغيير دائم للوضع الجغرافي فيها، واعتبرتها انتهاكا للقانون الدولي.