سلطت صحيفة “هآرتس”، الضوء في تقرير نشرته الأحد، على يسمى بـ”مناطق القتل” التي أنشأتها إسرائيل في قطاع غزة الفلسطيني.
يقول الجيش الإسرائيلي إن تسعة آلاف مقاتل في غزة قتلوا منذ بدء الحرب مع حماس، لكنّ مسؤولي دفاع وجنودا قالوا للصحيفة الإسرائلية إن هؤلاء غالبا ما يكونون مدنيين، وكانت جريمتهم الوحيدة هي عبور الخط غير المرئي الذي رسمه الجيش الإسرائيلي لـ”مناطق القتل”.
وذكرت الصحيفة أنه منذ أكثر من أسبوع، ظهرت مقاطع مصورة لأربعة رجال يسيرون في صمت خلال طريق واسع في منطقة خان يونس بغزة، ويرتدون ملابس مدنية، قبل أن يكسر الصمت انفجار مروع، قتل على إثره اثنان منهم وأصيب اثنان آخران وحاولا مواصلة السير. “ربما ظنوا أنهم قد نجوا، لكن بعد ثوانٍ، أسقطت قنبلة أخرى على أحدهم، يمكنك بعد ذلك رؤية الآخر يسقط على ركبتيه، وبعد ذلك تسمع دويا مع ونار ودخان”.
وقال ضابط كبير في قوات الدفاع الإسرائيلية للصحيفة “كان هذا حادثا خطيرا للغاية، لقد كانوا غير مسلحين، ولم يعرضوا قواتنا للخطر في المنطقة التي كانوا يسيرون فيها”.
بالإضافة إلى ذلك، يقول ضابط مخابرات إنه ليس من المؤكد على الإطلاق أنهما كانا متورطين في إطلاق أي صاروخ، كما قال الجيش الإسرائيلي.
في المقابل قال الضابط الأول متحدثا عن القتيلين “كانا ببساطة الأشخاص الأقرب إلى موقع الإطلاق” رغم أنه لم ينف احتمال كونهم مسلحين، إلا أنه قال أيضا “من الممكن كذلك أن يكونا مدنيين كانا يبحثان عن الطعام”.
الصحيفة قالت تعليقا على ذلك “هذه القصة ليست سوى مثال واحد، للطريقة التي يُقتل بها الفلسطينيون بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة”.
ردا على ذلك، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي للصحيفة إن “المنطقة الموثقة في اللقطات هي منطقة قتال نشطة في خان يونس، حيث حدث إجلاء كبير للسكان المدنيين.
وأضاف “قواتنا هناك شهدت العديد من المواجهات مع الإرهابيين الذين يقاتلون ويتحركون في مناطق القتال، وهم يرتدون ملابس مدنية، ويقومون بتمويه معدات قتالية في المباني والممتلكات التي تبدو مدنية”.
ويقدر الآن عدد القتلى من سكان غزة بأكثر من 32 ألف، ويزعم الجيش أن حوالي 9 آلاف منهم “إرهابيون” وفق الجيش الإسرائيلي.
لكن قادة الجيش من الاحتياطيين يشككون في الادعاء بأن كل هؤلاء (تسعة آلاف) كانوا جميعهم مسلحين.
وقال بعضهم للصحيفة إن تعريف الإرهابي مفتوح لمجموعة واسعة من التفسيرات، و”من المحتمل جدًا” أن الفلسطينيين الذين لم يحملوا سلاحًا قط، في حياتهم قد تم تسميتهم “إرهابيين” بعد وفاتهم، على الأقل من قبل الجيش الإسرائيلي.
وعادة ما يكون مسلح، أو اثنين أوحتى ثلاثة، يختبئون داخل مبنى، لكن من يكتشفهم هم مقاتلون بمعدات خاصة أو طائرات بدون طيار، وفق أحد الضباط.
وكان أحد أدوار هذا الضابط هو إبلاغ القيادة بعدد المقاتلين الذين “تم تحييدهم” في المنطقة التي يعمل فيها هو ورجاله.
وشدد بالخصوص قائلا “نحن لا نخترع الجثث، لكن لا أحد يستطيع أن يحدد على وجه اليقين من هو الإرهابي، ومن أصيب بعد دخوله منطقة القتال”.
وردا على أسئلة الصحيفة، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه في ما يتعلق بتصنيف القتلى جراء نيران الجيش الإسرائيلي في غزة وعدد الإرهابيين الذين قتلوا، فإن “الجيش الإسرائيلي في خضم حرب ضد منظمة إرهابية ويعمل على إحباط كل التهديدات”، وأضاف أن الجيش الإسرائيلي طلب من المدنيين باستمرار إخلاء مناطق القتال العنيف وبذل جهودًا للسماح لهم بالإخلاء بأمان “قدر الإمكان”.
في الواقع، -تقول هآرتس- لا يوجد أمر مكتوب بخصوص منطقة القتل في كتاب قواعد الجيش الإسرائيلي. “لكن هذا لا يعني أن المفهوم غير معروف للجنود، والدليل على ذلك هو التحقيق في الحادث الذي قتل فيه ثلاثة رهائن إسرائيليين.
وشهر ديسمبر الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي، مقتل 3 رهائن إسرائيليين كانوا محتجزين في غزة بنيران صديقة.
الجيش الإسرائيلي يعلن قتل 3 رهائن “عن طريق الخطأ” في غزة
أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، مقتل 3 رهائن إسرائيليين كانوا محتجزين في غزة بنيران صديقة.
“مناطق القتل”.. خطوط حمراء
“منطقة القتل” هي مصطلح يشير إلى مساحة تتمركز فيها قوات الجيش الإسرائيلي، وعادة ما يكون ذلك في منزل مهجور، حيث تصبح المنطقة المحيطة به منطقة عسكرية مغلقة، ولكن بدون علامات واضحة على ذلك.
وتشير “منطقة القتل” إلى الخطوط الحمراء التي لا يسمح لأي شخص -ليس من الجيش الإسرائيلي- تجاوزها، حتى لا تتعرض قواتنا في المنطقة للقصف”.
ولم يتم تحديد حدود مناطق القتل هذه مسبقا، ولا المسافة التي تفصلها عن المنزل الذي تتمركز فيه القوات.
ولكل قوة من الجيش مراكز مراقبة داخل قطاع غزة وخارجه، ويتولى جنودها مهمة تحديد الخطر. ولكن في نهاية المطاف، فإن حدود هذه المناطق وإجراءات العملية الدقيقة تخضع لتفسير القادة في تلك المنطقة المحددة.