أثارت مشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم السبت في قداس ضخم أقامه البابا فرانشيسكو بمدينة مارسيليا الساحلية جدلا في فرنسا بشأن علمانية الدولة ومدى التزامها بالحياد الديني.
فقد اتهمت المعارضة اليسارية ماكرون بـ”الدوس” على الحياد الديني للدولة من خلال حضور هذا الحفل الذي أقيم في ملعب فيلودروم الشهير بمارسيليا أمام جمع ناهز تعداده 57 ألف شخص.
وذكرت صحيفة لوموند الفرنسية -في تقرير لها- أن ردة الفعل القوية من أحزاب اليسار والخضر والحزب الشيوعي هذه مردها إلى أن مشاركة ماكرون في القداس جاءت بعد 3 أسابيع فقط من إعلانه تأييد قرار منع ارتداء العبايات في المدارس، وهو ما اعتبره طيف واسع من مسلمي فرنسا تحديا لهم ولمعتقداتهم.
رئيس دولة
وقد أكد الرئيس الفرنسي في تصريح له في 15 سبتمبر/أيلول الجاري أن ذهابه إلى القداس سيكون بصفته “رئيسا” لدولة علمانية، وليس بصفته “كاثوليكيا”.
وأضاف -في إشارة إلى قرار منع العباية- “الدولة ومؤسساتها العمومية محايدة، لذلك نحافظ أيضا على المدارس، وقد أكدنا هذا الأمر بوضوح مع بداية العام الدراسي”.
واعتبرت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن أن الجدل الذي أطلقته المعارضة اليسارية بشأن حضور القداس أمر “سخيف”.
كما أكد أحد مستشاري ماكرون أن الأخير “زار أيضا معابد يهودية في لحظات مهمة أو دراماتيكية في تاريخ البلد”، كما “شارك في حفل الإفطار عدة مرات خلال شهر رمضان.. بدون أن يعني ذلك احتفاءه بهذا الشهر أو إسلامه أو نشره للدين الإسلامي”.
حدث مهيب
وأثارت هذه المقارنة -وفق الصحيفة- استغراب بعض من مسلمي فرنسا وبينهم الخبير في الشؤون الإسلامية غالب بن الشيخ الذي قال إن “حضور حفل إفطار لا يعادل بأي حال من الأحوال حدثا دينيا مهيبا مثل القداس” الذي احتضنه ملعب فيلودروم.
كما ذكر قصر الإليزيه -في سياق توضيح موقف الرئيس- أن الرئيس الأسبق فاليري جيسكار ديستان كان قد حضر عام 1980 قداسا أقامه البابا يوحنا بولس الثاني في ساحة كاتدرائية نوتردام في باريس بدون أن يثير ذلك أي انتقاد.
لكن عالم الاجتماع الفرنسي فيليب بورتييه أكد -وفق ما ذكرت لوموند- أن النقاش حول العلمانية لم يكن على الإطلاق في تلك الفترة -حقبة الثمانينيات- “بهذه الدرجة من الحساسية التي أضحى عليها منذ مطلع العقد الأول من القرن الحالي”.