حراك السويداء.. إحياء للثورة؟ أم زوبعة في فنجان؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

يقول المفكر السياسي السوري ماهر شرف الدين إن أهالي الجنوب السوري أعادوا للثورة على نظام بشار الأسد كما بدأوها عام 2011، فيما يقول محمود الأفندي، الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية (مؤيدة للنظام)، إنه ما يحدث في مدينة السويداء ليس إلا زوبعة في فنجان يسعى محركوها للانفصال على سوريا وليس للإطاحة بنظامها السياسي.

فبعد سنوات الصمت التي تلت استعادة الأسد وقواته السيطرة على غالبية الأراضي السورية بدعم إيراني روسي، باغته أهالي السويداء (الدروز) عندما خرجوا قبل شهر ونصف ليحطموا تمثال الأسد الأب ورموز نظام البعث ويدوسوها بأحذيتهم، ويعيدون المطالبة برحيل الأسد الابن.

ولم يقف الأمر عند حد إحياء الحراك الثوري وحسب، لكنه اتخذ مسارا سياسيا ملفتا عندما تحول الزعيم الروحي للموحدين الدروز بسوريا الشيخ حكمت الهجري اتصالات هاتفية من مسؤولين أميركيين، من بينهم السيناتور فرينش هيل النائب عن الحزب الجمهوري وممثل مجلس النواب بالأمم المتحدة

كما تلقى الهجري اتصالا هاتفيا من كل من النائب الجمهوري جو ويلسون، والنائب الديمقراطي برندن بويل الذي يعد مع هيل عرّابي قانون “الكبتاغون” الذي أصدره الرئيس بايدن في وقت سابق ويختص بـ”إتجار حكومة الأسد بالمخدرات”.

ومع تزايد الزخم السياسي والشعبي في السويداء، والذي قالت المؤسسة البحثية الأميركية “المجلس الأطلسي” إنه سيتواصل حتى تغيير النظام السوري، ذهب ماهر شرف الدين لوصف هذه التظاهرات بأنها موجة ثانية من أمواج الثورة السورية التي لن تتوقف إلا برحيل الأسد.

خلال مشاركته في حلقة (3/10/2023) من برنامج “الاتجاه المعاكس”، قال شرف الدين إن أهم ما فعله حراك الأقلية الدرزية في السويداء أنه أسقط ورقة حماية الأقليات التي تستر النظام خلفها لسنوات، وهو ما وضع الأسد في حالة ارتباك لأنه لا يمكنه الحديث عن إسلام سياسي أو عن إخوان مسلمين في هذه المنطقة.

وفي حين يهون مؤيدو النظام السوري كثيرا من هذا الحراك الجديد ويصمونه بالعمالة وبالنزعة الانفصالية الطائفية، فإن شرف الدين يجزم بأن ما فعله أهل السويداء أثبت للجميع في الداخل والخارج بأن الشعب السوري لن يستكين قبل تحقيق مطالبه التي تتمور حول إسقاط “الطغمة الحاكمة”، وفق تعبيره.

زوبعة في فنجان

على الجهة الأخرى، يرى الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية محمود الأفندي بأن ما شهدته السويداء حراك انفصالي وليس ثوريا ولا يعدو كونه “زوبعة في فنجان”، حسب وصفه.

إلى جانب ذلك، فإن الأفندي يقول إن ما جرى لم يكن حراكا بالمعنى الحقيقي لأنه استمر يومين تحت شعارات انفصالية درزية ثم ما لبث أن تراجع بعدما لم يجد له صدى في الداخل أو في الخارج.

ومن وجهة الأفندي، فإن ساحة الكرامة التي كانت مركز الاحتجاجات، لا تتسع لأكثر من ألفي شخصي وهو عدد لا يمثل السوريين ولا حتى أهل السويداء أنفسهم، كما يقول.

وكما تلقفت أدوات النظام السوري الإعلامية الاتصالات الغربية بالهجري كدليل على أن مؤامرة خارجية تحاك ضد سوريا عبر السويداء، فقد ذهب الأفندي أيضا للحديث عن مؤامرة يديرها بعض المتعاونين مع إسرائيل من دروز المدينة.

ليس هذا وحسب، فقد وصل الأمر إلى حد منع رفع أي علم آخر في التظاهرات غير علم الدروز، إضافة لشعارات 2011 المطالبة بإسقاط النظام، وهي شعارات لم تعد مقبولة دوليا ولا إقليميا في ظل التغيرات السياسية الأخيرة، كما يقول الأفندي.

والأهم من كل هذا -من وجهة نظر الأفندي- أن حراك السويداء “ولد ميتا”؛ لأنه لو كان ثورة لما سافر بشار الأسد إلى الصين ولما تخلت عنه دمشق وغيرها من مدن سوريا “التي رفضت الانسياق وراء دعوات الانفصال والطائفية”.

لكن شرف الدين رد على هذه المزاعم بأن المتظاهرين في ساحة الكرامة كانوا آلافا إضافة إلى تظاهرات القرى والبلدات والأخرى، وقال إن خروج جزء من الشعب يمثل الشعب وأنه ليس مطلوبا من الجميع الخروج في الشوارع لكي يعترف النظام بأنه مرفوض.

وفيما يتعلق بالحديث عن منحى الحراك الانفصالي، قال شرف الدين إن النظام دأب على إطلاق هذه التوصيفات على كل مطالب برحيله، فهو يصف المسلمين السنّة بأنهم إرهابيين ويصف الدروز بأنهم انفصاليين، وهكذا.

وعن عدم انخراط مدن أخرى في الحراك، قال شرف الدين إن بعض دول الإقليم التي تحاول مساعدة الأسد تواصلت وما تزال تتواصل مع شيوخ وزعماء قبائل في العديد من المناطق لإثنائهم عن المشاركة في الحراك وإقناعهم بأن ما يجري مؤامرة خارجية ومقدمة لانفصال الدروز.

غير أن السويداء – يضيف شرف الدين- التي كانت منطلقا لإعادة تحرير سوريا في عشرينيات القرن الماضي ستكون أيضا منطلقا لإعادة توحيدها الآن، وكما كان الجنوب (مدينة درعا) منطلقا للثورة قبل 12 عاما، فإنه هو من سينهيها من السويداء، لأن كل ثورات سوريا تاريخيا بدأت من جبل العرب (الجنوب) وانتهت فيه، وهو ما سيحدث مع الأسد، حسب تعبيره.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *