لا تزال الجهود الدبلوماسية متواصلة من أجل التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب بين حزب الله وإسرائيل، وتجنيب لبنان المزيد من الخراب والدمار.
والمسعى الأهمّ في هذا الإطار يقوده المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين بين لبنان وإسرائيل، من أجل مناقشة مجموعة من البنود قد توصل أقلّه إلى هدنة في الأيّام المقبلة، إفساحًا في المجال لإرساء هدنة دائمة بين الطرفين.
والبحث يتركّز الآن حول فرصة الوصول إلى مثل هذا الاتفاق مع استمرار الحرب بوتيرة عالية في الجنوب اللبناني كما وفي البقاع.
المحلل السياسي جورج عاقوري، يوضح في حديث لموقع “الحرة”، أنّه “حتى هذه اللحظة المساعي الدولية لوقف إطلاق النار لا ترقى إلى مرحلة جدية، بل شهدنا تقاطعًا في المواقف حول وقف إطلاق النار، ولكن لكل جهة خلفيتها وأسبابها، فنتانياهو ليس مستعجلا لوقف إطلاق النار ولتقديم هكذا ورقة للإدارة الأميركية في الأيام الأخيرة لها”.
وأضاف أنّ “نتانياهو ليس محرجًا بما فيه الكفاية عسكريًا كي يسعى لوقف إطلاق النار، بل على العكس هو يواصل ضرباته بغية تحقيق هدفه الواضح والعلني والذي يجاهر به وهو القضاء على حزب الله عسكريًا كي لا يشكل خطرًا لا على شمال إسرائيل ولا حتى على إسرائيل ولم يعد يقتصر الأمر على منطقة دون غيرها”.
ويتابع عاقوري أنّ “الجانب اللبناني وتحديدًا حزب الله فهو ومن خلاله إيران يسعيان إلى وقف إطلاق النار ولكن حتى هذه اللحظة وقف مقاربتهما المجتزأة للقرار 1701. وإيران تعتبر أنّه يشكّل لها فرصة للحد من الضرر على ذراعها في لبنان، وحزب الله يعتبر أنّ وقف إطلق النار قد يسمح له بأن يستعيد أنفاسه خصوصًا مع الضربات غير المسبوقة والمكثّفة لسلاح الجو الإسرائيلي في كافة أرجاء لبنان وخصوصًا على المناطق التي تشكل بيئة حاضنة له”.
ويخلص عاقوري إلى أنّ “الوصول إلى وقف إطلاق النار مستبعد لأنّ ما يحكى عن شروط إسرائيلية تنطبق عليها مقولة لبنانية بأنّ “من لا يريد أن يزوّج ابنته يرفع من قيمة مهرها، أي أنّ بعض ما يحكى عن شروط إسرائيلية هو أمر غير منطقي وغير قابل للتطبيق ويمسّ بالسيادة اللبنانية، كالحديث عن أنّ إسرائيل تريد الاحتفاظ بحركتها في الأجواء اللبنانية بغية مراقبة أي خروقات لتطبيق القرارات الدولية في المستقبل”.
أما بالنسبة إلى الحراك الدولي والعربي، فيقول عاقوري في حديثه لموقع “الحرة”، إنّ هذا الحراك “لا يضغط حتى هذه اللحظة في سبيل وقف إطلاق النار، مع أنّه يتمنى التوصّل إلى ذلك، لكن يمكن القول إنّ كل هذه الأطراف أصبحت متضرّرة من وجود حزب الله وهي تعلن ذلك، والحزب مارس طيلة سنوات انتهاكًا لسيادة الدول واعتداء عليها بالمواقف ما أفقده أي شبكة أمان أو أي شبكة تواصل دوليّة جديّة”.
من جهته الكاتب والمحلل السياسي سيمون أبو فاضل، فيعتبر في حديث لموقع “الحرة”، أنّ “المساعي التي تشهدها الساحة الإقليمية والدولية لتطويق الحرب في لبنان وغزة، لا تحمل أيّة مؤشرات للحلّ، فبالنسبة إلى غزة، حصل اجتماع في الدوحة لم يتوصّل فيه المجتمعون إلى أيّ حلّ حتى اليوم لأنّ الموضوع مرتبط بتسوية إقليمية كبرى، أي أنّ الدول التي ستدخل وترعى غزة مثل السعودية وقطر ومصر مقابل التحضير لمنطق الدولتين من خلال مؤتمر دولي، فهو موضوع سابق لأوانه، لكن يحكى أنّ هذه الدول هي من سيرعى الإعمار في بعد الحرب، وهذه علمية تحضيرية فقط، ولن يحصل أي اتفاق في هذه الآونة خصوصًا قبل أيّام قليلة تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية”.
وفي الموضوع اللبناني يقول أبو فاضل أنّ ” إسرئيل عندما رأت في حماس بعد 7 أوكتوبر أنّها تنظيم متطرف إرهابي قريب من “داعش”، وكما وصفها المجتمع الدولي، ثم رأت كيف قابلها حزب الله، الحزب الشيعي المهدوي الذي سبق أن قاتلها في سوريا، أيضًا بالقصف على إسرائيل، وبما يسمّى “المشاغلة”، ترسّخت لدى الطرف الإسرائيلي فكرة بضرورة إبعاد أي وجود مسلّح عن إسرائيل، لذلك ما يحصل في لبنان هو عمليّة مستمرّة لأنّ هناك سقفًا في موضوع الضوابط الأمنية يتخطى الـ 1701، وما يحصل من دمار وتهجير وتهديد، يندرج في هذا الإطار ومن أجل هذه الغاية، من هنا لا يمكن الحديث عن اتّفاق في غزة أو في لبنان، قبل إنجاز الانتخابات الأميركية، وإسرائيل لن توقف الحرب، وأيضًا إيران لن توقف الحرب والحزب لن يستسلم لأنّ الموضوع يرتبط بإيران وبالثمن الذي سوف تحصل عليه، وهي تحضّر لها الكرسي لمرحلة الحوار في المنطقة، وبالتالي فكل شيء مؤجّل في هذه المرحلة”.
وكان رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، وصف اجتماعه الأخير مع الموفد الأميركي الخاص هوكشتاين، بأنه “أكثر من جدّي ووصلنا إلى نتيجة إيجابية”، معلنًا تمسّك لبنان بالقرار 1701 “كما هو من دون أي تغيير”. وأشار إلى أن هوكشتاين قال، خلال اللقاء الذي جمعهما منذ أسبوع، إنّه سيحمل الموقف الرسمي اللبناني إلى إسرائيل، ويعود إليه بجواب “بعد بضعة أيام”، الأمر الذي لم يحصل لغاية اليوم.
وكانت مصادر للحرة ذكرت بأنّ ورقة هوكستين قد طلبت تعديل نصّ مقدّمة القرار 1701 لجعله قرارًا “يهدف إلى إحلال السلام على الحدود بين لبنان وإسرائيل ومنع أي وجود مسلح في المناطق اللبنانية القريبة من هذه الحدود، كما طلبت توسيع النطاق الجغرافي لسلطة القرار الدولي، إلى شمال نهر الليطاني بمسافة عدة كيلومترات على أن تزيد عدد القوات الدولية العاملة ضمن قوات حفظ السلام.