شهدت الجبهة الجنوبية اللبنانية تطورا خطيرا تمثل باستهداف مسيرة إسرائيلية سيارة مدنية كانت تقلّ عائلة في بلدة عيناتا، وكذلك استهداف سيارتين تابعتين للدفاع المدني في كشافة الرسالة الإسلامية في أطراف بلدة طير حرفا.
وسقط أربعة قتلى في عيناتا (قضاء بنت جبيل)، هنّ ثلاث شقيقات تتراوح أعمارهن بين 10 و14 عاماً وجدتهن، كما أصيب اثنان بالقصف.
وفي معرض رده على سؤال عن قصف السيارة الذي أودى بحياة مدنيين في جنوب لبنان، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاجاري، إن “الجيش يعمل بناء على معلومات المخابرات ويفحص جميع الوقائع في لبنان بدقة”.
وأضاف في مؤتمر صحفي “في ما يتعلق بلبنان، ننفذ هجماتنا استناداً إلى معلومات المخابرات وسنواصل شن هجمات. هذه هي مهمتنا. سنهاجم كل من يهددنا”، مشدداً “ندرس بالطبع جميع الأحداث في لبنان لفهم التفاصيل. هذا ما يمكنني قوله في هذه المرحلة”.
عضو كتلة حزب الله في مجلس النواب، النائب حسن فضل الله اعتبر قتل المدنيين “تطوراً كبيراً وخطيراً”، مشدداً على أن الجيش الإسرائيلي “سيدفع ثمن جرائمه ضد المدنيين”.
من جانبه وصف رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، ما حصل في عيناتا بـ “الجريمة النكراء”، واضعاً إياها “برسم من يطالبون بالتهدئة ويتغاضون عما ترتكبه إسرائيل بحق لبنان”، مشدداً على أن “هذه الجريمة النكراء لن تمر مرور الكرام، وستكون مدار متابعة من قبل الحكومة، عبر اتصالات دولية، وأيضاً عبر تقديم شكوى عاجلة ضد إسرائيل الى مجلس الأمن على خلفيتها”.
وطالب ميقاتي في بيان، دول القرار في مجلس الأمن “العودة إلى تطبيق شرعة الأمم المتحدة والتحرك للجم الاعتداءات وإنقاذ ما تبقى من إنسانية وعدالة كي لا تبقى هذه الشكاوى حبراً على ورق”.
أما رئيس مجلس النواب، نبيه بري، فاعتبر أن ما حصل “يؤكد أن ما تقوم به إسرائيل من غزة إلى جنوب لبنان هو سياق واحد”.
وباشر لبنان تحضير شكوى جديدة “عاجلة لمجلس الأمن الدولي” سيقدمها يوم الاثنين، بحسب ما ذكرت وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب.
من جانبه، دعا وزير التربية، الدكتور عباس الحلبي، جميع المسؤولين عن إدارة المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية والخاصة إلى الوقوف صباح غد الاثنين دقيقة صمت حداداً على أرواح القتلى، حيث إن من بينهن ثلاث تلميذات من مدرسة القلبين الأقدسين في عين إبل.
بين مسعفين.. وخلية مخربين
قبل استهداف السيارة المدنية، مساء الأحد، استهدف الجيش الإسرائيلي فجراً، سيارتين تابعتين للدفاع المدني “أثناء قيامهما بواجبهما الإنساني بإجلاء عدد من المصابين من أحد المنازل التي استهدفتها قوات إسرائيلية في أطراف بلدة طير حرفا قضاء صور”، ما أدى إلى إصابة أربعة مسعفين بحسب ما جاء في بيان صادر عن جمعية “كشافة الرسالة الإسلامية”.
ودعت الجمعية المجتمع الدولي إلى التحرك فورا لوقف “خرق القوانين والأعراف والمواثيق الدولية التي تحظر على أي كان إعاقة عمل المسعفين تحت أي ظرف من الظروف”.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أكد أن الغارة كانت تستهدف خلية مخربين ولم تستهدف السيارتيْن، شارحاً عبر تغريدة على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “إكس” بالقول “أغار جيش الدفاع في وقت سابق اليوم على خلية مخربين حاولت إطلاق قذائف من الأراضي اللبنانية نحو الأراضي الإسرائيلية في منطقة رأس الناقورة. خلال الغارة تم رصد سيارتيْن تصلان إلى المنطقة التي عملت منها الخلية”.
ودانت وزارة الصحة اللبنانية ما حصل، معتبرة أنه “لا يمثل فقط انتهاكاً صارخاً للقوانين الإنسانية الدولية، بل يُعد أيضاً استهتاراً بأبسط مبادئ الإنسانية والأخلاق”.
وذكّرت الوزارة في بيان “جميع الأطراف والجهات الدولية المعنية، وعلى رأسها منظمات الأمم المتحدة، ومنها منظمة الصحة العالمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بواجباتها وبضرورة تحمل مسؤولياتها لضمان حماية العاملين في المجال الصحي والمنشآت الصحية”.
وشددت على أن “الهجمات المتكررة على الطواقم الطبية والمرافق الصحية تُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، والتي تنص على حماية واحترام العاملين في المجال الصحي وتوفير الأمان لهم خلال النزاعات المسلحة”.
ودعت “المجتمع الدولي وكافة الجهات المعنية لاتخاذ الخطوات الفورية والحازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الأعمال، ولمحاسبة المسؤولين عنها، وضمان الحماية الكاملة للطواقم الطبية التي تسعى جاهدة لإنقاذ الأرواح في ظروف بالغة الصعوبة” مؤكدة على أنها لن تتوانى عن تأدية واجبها الإنساني والوطني.
تصعيد ميداني
ميدانياً، ارتفعت حدة التوتر على الجبهة الجنوبية للبنان، حيث أعلن حزب الله عن قصفه كريات شمونة بعددٍ من صواريخ غراد(كاتيوشا)، رداً على استهداف السيارة التي كانت تقل مدنيين، مشيراً في بيان الى أنه لن يتسامح أبداً بالمسّ والاعتداء على المدنيين وسيكون ردّه حازماً وقوياً.
وكان حزب الله أعلن الأحد عن إسقاطه، مسيّرة إسرائيلية بصاروخ أرض – جو، سقطت أجزاء كبيرة منها فوق أحياء في بلدتي زبدين وحاروف، واستهدافه ثكنة أفيفيم ومواقع جل الدير ومسكاف عام والضهيرة، وآلية عسكرية إسرائيلية في موقع بياض بليدا، وكذلك نعى أربعة من قتلاه.
في المقابل أعلن أدرعي، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “إكس” الأحد عن “رصد مسيرة تقترب من داخل الأراضي اللبنانية نحو الأراضي الإسرائيلية حيث تابعتها أنظمة الرصد والمراقبة وتم اعتراضها بنجاح في عمق الأراضي اللبنانية”، بحسب قوله.
#عاجل القبة الحديدية تعترض مسيرة داخل الاراضي اللبنانية. جيش الدفاع يقصف بالمدفعية داخل لبنان
قبل قليل تم رصد مسيرة تقترب من داخل الاراضي اللبنانية نحو الاراضي الاسرائيلية حيث تابعتها انظمة الرصد والمراقبة وتم اعتراضها بنجاح في عمق الاراضي اللبنانية.
كما تم رصد اطلاق عدة…
— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) November 5, 2023
وفي السياق ذاته، أعلنت “الوكالة الوطنية للإعلام” عن قصفت الجيش الإسرائيلي أطراف بلدات محيبيب وبليدا ومروحين والضهيرة وتلبسين، ومحيط موقع جلّ العلام الواقع بين بلدتي علما الشعب والناقورة.
“الأرض المحروقة”
دبلوماسيا، التقى ميقاتي، ملك الأردن عبد الله الثاني، في حضور ولي عهد المملكة الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، وأكد في خلال اللقاء على “ضرورة تكثيف الجهود الدولية لوقف الحرب على غزة ومنع توسع دائرة الصراع في الإقليم، والتوصل إلى حل يبقي الفلسطينيين في أرضهم لتبقى قضيتهم حيّة ويصار إلى التوصل إلى حل عادل ونهائي”.
وسيتقدم لبنان “بشكوى موثقة ضد سياسة الأرض المحروقة واستخدام الفوسفور التي ينتهجها” الجيش الإسرائيلي، بحسب ما أشار وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال، الدكتور ناصر ياسين، شارحاً في تغريدة عبر صفحته على منصة “إكس” “4.6 مليون متر مربع (462 هكتاراً) حرقتها قذائف الجيش الإسرائيلي وأسلحته الفوسفورية على البلدات الحدودية في جنوب لبنان، والتي أشعلت أكثر من 100 حريق وامتدت على مساحات حرجية شاسعة ذات أهمية بيئية عالية وأراض زراعية وعشرات آلاف أشجار الزيتون”.
يذكر أن حسن نصر الله، قال الجمعة، إن التصعيد على الحدود اللبنانية “سيتوقف على الأحداث في غزة والأفعال الإسرائيلية تجاه لبنان”، وذلك في أول خطاباته منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس.
وقالت إسرائيل إن “لا مصلحة لها في دخول صراع على جبهتها الشمالية”، بينما حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الشهر الماضي، حزب الله من “فتح جبهة ثانية للحرب”، قائلا إن فعل ذلك “سيستدعي ضربات إسرائيلية مضادة بحجم لا يمكن تخيله” سيجلب “الدمار” على لبنان.