أدى ارتفاع معدلات التضخم جميع أنحاء العالم، إلى دفع تكاليف رعاية الأطفال إلى مستويات غير مسبوقة.
وارتفع متوسط رسوم الرعاية النهارية بنسبة 6 في المئة في سنة 2023 مقارنة بالعام السابق، وذلك وفقًا لشركة “ECA International”، التي توفر البيانات وخدمات البرامج والاستشارات والتدريب لمساعدة الشركات على إدارة التعويضات والمزايا للعمال الدوليين الذين يتنقلون حول العالم على المدى القصير أو الطويل أو الدائم.
وقد قفزت تكاليف رعاية الأطفال في الولايات المتحدة بنسبة 9 في المئة، ويعد عكس ذلك الاتجاه أمرا أساسيا لانتشال الاقتصادات من الركود، وتعزيز النمو وإنشاء مجتمعات أكثر إنصافا.
ولكن حتى الآن، لم تفعل العديد من الحكومات سوى القليل لتخفيف الأعباء المالية التي تواجه آباء الأطفال الصغار، بحسب تقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ”.
ويقع الضغط بشكل غير متناسب على النساء، اللاتي عادة ما يتحملن الجزء الأكبر من مسؤوليات رعاية الأطفال، وبسبب تكاليف الرعاية النهارية، تختار النساء تقليل ساعات عملهن، أو التخلي عن الترقيات، أو ترك العمل نهائيا.
تكلفة رعاية طفل في الولايات المتحدة حتى سن 17
تواجه الولايات المتحدة انخفاضا في معدل المواليد بلغ في عام 2017 أدنى مستوى منذ 30 عاما، بحسب إحصاءات رسمية.
ويقرر العديد من الأزواج إنجاب عدد أقل من الأطفال، أو عدم إنجاب أي أطفال على الإطلاق، خاصة للنساء اللواتي لا يستطعن العمل إلا بموجب ترتيبات مرنة تتيح لهن البقاء في المنزل لأطول فترة ممكنة.
وقالت أدريانا دوبيتا، المحللة في بلومبيرغ إيكونوميكس: “إن الاقتصاد ككل يدفع ثمنا باهظا بسبب ترك النساء خارج القوى العاملة”
وأضافت: “من الممكن أن يكون الناتج المحلي الإجمالي العالمي أعلى بنحو 10في المئة إذا كانت مشاركة المرأة في العمل تضاهي مشاركة الرجال”.
وفي الولايات المتحدة، يختفي ما يقدر بنحو 237 مليار دولار سنويًا بسبب قيام النساء بتقليص أعباء عملهن لرعاية الأطفال، في حين يبلغ ذلك الرقم بدول الاتحاد الأوروبي حوالي 242 مليار يورو (255 مليار دولار).
ونظراً للفوائد، تقوم الحكومات والشركات بتجربة طرق لاستيعاب الآباء العاملين، ففي اليابان، توفر بعض الشركات رعاية مدعومة للأطفال وسكنًا مناسبًا للأسرة كجزء من حزم مزايا الموظفين.
في 5 دول عربية.. دراسة أممية تظهر “تغيرا إيجابيا” إزاء تمديد إجازة الأبوة
كشفت دراسة حديثة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة أنه خلافا للاعتقاد السائد، فإن صانعي وصانعات القرار في منطقة الدول العربية ينظرون بـ”شكل إيجابي للغاية لإجازة الأبوة ومشاركة الرجال في رعاية الأطفال”.
وفي المملكة المتحدة، حيث يقدم العديد من أصحاب العمل “إجازات أمومة معززة” للاحتفاظ بالأمهات الجدد، تخطط الحكومة لتوسيع مزايا دعم رعاية الأطفال.
ومع ذلك، فطالما ظلت تكاليف رعاية الأطفال مرتفعة، فإن الجميع يخسرون، خاصة عندما يتعلق الأمر بكيفية اختيار النساء طرق تكوين أسرهن،، كما تقول جويلي برييرلي، مؤسسة الجمعية الخيرية البريطانية “Pregnantthen Screwed”.
ونظرت بلومبيرغ في خمس دول لدراسة آثار ارتفاع تكاليف رعاية الأطفال، والطرق التي تُجبر بها الأمهات على إجراء مقايضات بين أسرهن ووظائفهن.
الولايات المتحدة
قبل أربع سنوات ونصف، كانت إيمي فونيس، تحصل على 38 ألف دولار من عملها في منصب إداري في منظمة غير ربحية في مدينة نيويورك عندما اكتشفت أنها حامل.
ووقتها بدأت فونيس في البحث عن خيارات لرعاية الأطفال، حيث يدفع الأميركيون حالياً أحد أعلى الرسوم المالية في العالم لرعاية الأطفال مقارنة بمعدل الدخل، وفقاً لأحدث أرقام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ففي عام 2023، بلغ متوسط أجر الرعاية النهارية الأسبوعية لطفل واحد في الولايات المتحدة 321 دولارًا، مقارنة بـ 284 دولارًا في العام السابق.
وكانت المرة الأخيرة التي كان لدى الولايات المتحدة نظام شامل لرعاية الأطفال للأطفال في سن ما قبل المدرسة الابتدائية خلال الحرب العالمية الثانية، وذلك عندما كانت النساء يعيلن أسرهن بينما كان الرجال يقاتلون في الخارج.
ومنذ انقضاء العام 1946، لم يحل مكان ذلك النظام شيء، حيث يعتمد الآباء الآن في كثير من الأحيان على خليط من مقدمي الرعاية الخاصة المكلفين، أو يلجأون إلى نظام الرعاية النهارية بدوام جزئي للأطفال الصغار الذين لا يستطيعون الالتحاق برياض الأطفال، والمساعدة من الأجداد أو أفراد الأسرة الآخرين الذين يعيشون في مكان قريب.
ومع تزايد تكلفة رعاية الأطفال، تقوم بعض الولايات باختبار حلول مبتكرة، إذ سنت ولاية كنتاكي قاعدة تجعل جميع العاملين في مجال رعاية الأطفال مؤهلين للحصول على رعاية مجانية لأطفالهم.
وفي ولاية، نيو مكسيكو، وهي واحدة من أفقر الولايات في البلاد، أقر الناخبون إجراءً من شأنه أن يسمح لها بتمويل مرحلة ما قبل المدرسة الشاملة من خلال عائدات النفط.
وفي عام 2014، أطلقت ولاية فيرمونت برنامجًا شاملاً لمرحلة ما قبل الروضة لرعاية الأطفال مدة 10 ساعات وهو مخصص للصغار الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات.
الإمارات العربية المتحدة
في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي اتحاد يتكون من سبع إمارات، عادة ما يختار أصحاب الدخل المرتفع القادمين من الخارج، بين خيارين: المربية أو الحضانة.
ويميل معظم مجتمع المغتربين من الأزواج في دبي إلى استقدام عاملات منزليات عن طريق مكاتب مرخصة للعمل كمربيات وراعيات للأطفال.
ويبلغ متوسط رعاية الأطفال في الحضانات 64,275 درهمًا (17,500 دولارًا أميركيا)، بحسب إحصائية أجريت في العام 2023، وذلك بحسب تصنيف تلك الحضانة والخدمات التي تقدمها وعوامل أخرى.
وقد أخذت، المقيمة، آمبر ديل، في الاعتبار هذه العوامل عندما بدأت البحث عن رعاية الأطفال، حيث اختارت في النهاية إرسال ابنها إلى الحضانة لخفض التكاليف، ولأنها أرادته، وبعد سنتين من العزلة الوبائية، أن يكون مع أطفال آخرين.
إلا أن هذا القرار أجبر ديل على إعادة تنظيم حياتها بشأن رعاية الأطفال، حيث كان على المرأة البالغة من العمر 46 عامًا أن تسحب من مدخراتها، وأن تقلل بشكل كبير من ساعات عملها في استشاراتها التسويقية لتكون موجودة في البيت عند عودته ابنها من الحضانة في الساعة الثانية بعد الظهر.
ودبي هي المدينة الثامنة عشرة الأكثر غلاءً في العالم، فوفقاً لديل، يذهب حوالي ثلثي دخلها إلى ابنها.
وفي هذا العام، وبعد أن أصبح ابنها في المدرسة، تنفق هي وزوجها حوالي 23,958 دولارًا سنويًا على المدرسة، مقارنة بـ 17,424 دولارًا عندما كان في الحضانة، موضحة العمل لساعات أقل يعني الحصول على عدد أقل من العملاء.
وبالنسبة لأشخاص مثل ديل، وهو ليست مواطنة ولا ثرية، تزداد صعوبة العيش في دبي، وهو المكان الذي كانت تعتبره تلك السيدة الهندية موطنًا لها منذ أكثر من عقدين من الزمن.
وبينما يستطيع الإماراتيون تحمل تكاليف رعاية الأطفال من خلال المزايا بما في ذلك الرسوم الدراسية والرعاية الطبية الرخيصة، لا توجد مثل هذه الحماية للأجانب،
ونتيجة لذلك، يفكر العديد منهم في خيارات أخرى، مثل العمل في المملكة العربية السعودية، وفي هذا الصدد تقول ديل عن نفسها وزوجها: “كمغتربين، علينا أيضاً أن نأخذ في الاعتبار تكاليف التأشيرة والنفقات غير المتوقعة، ونحن محظوظون لأننا نعيش في دبي، ونحن نحب المكان هنا، ولكن من الصعب بالتأكيد تخصيص ميزانية للأطفال”.
البرازيل
تدير سيرليا باوليتشي، البالغة من العمر 51 عاما، حضانة تخدم حوالي 100 طفل في مدينة ساو باولو.
وتتراوح أعمار الأطفال الذين يرتادون مركز باوليتشي بين أربعة أشهر وخمس سنوات، حيث يصل معظمهم في الساعة 7 صباحًا ويبقون حتى الساعة 7 مساءً على مدار خمس أيام في الاسبوع.
ولهذا تدفع الأسر حوالي 2000 ريال برازيلي (406 دولارات) لكل طفل شهريًا، في بلد يبلغ الحد الأدنى للأجور فيه 268 دولارًا شهريًا.
وفي حين توفر الحكومة من الناحية الفنية رعاية نهارية عامة مجانية، فإن قوائم الانتظار الطويلة ونقص الأماكن يعني أن قلة محظوظة فقط هي التي يمكنها الحصول على تلك الخدمات.
ونتيجة لذلك، فإن 30 في المئة فقط من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثلاث سنوات في البرازيل يلتحقون بالرعاية النهارية.
ولم تتسع تلك الفجوة إلا في السنوات الأخيرة، حيث تم إغلاق أكثر من 2500 من مراكز الرعاية النهارية البالغ عددها 74400 مركزًا في البرازيل بشكل دائم خلال وباء كورونا، في حين أعيد فتح المراكز الخاصة بمعدل ثلاثة أضعاف معدل المراكز العامة.
وخلال السنوات التسع التي قضتها في إدارة الرعاية النهارية، تقول باوليتشي إن التحدي الأكبر الذي يواجهها هو تحقيق التوازن بين تغطية نفقات المركز والحفاظ على قدرته التنافسية، خاصة وأن التضخم وارتفاع أسعار الطاقة أدى إلى ارتفاع تكاليف التشغيل.
وقالت: “ما أنفقه اليوم لإطعام 100 طفل في الوقت الحالي يعادل ما كنت أصرفه على 140 طفلاً قبل الوباء”، لافتة إلى أنها تقدم أحيانًا ترتيبات مرنة لإبقاء الأطفال في مركزها.
وفي حين تشعر باوليتشي بالقلق من أن العديد من الآباء يعتبرون الرعاية النهارية أمراً مستهلكاً، فقد أظهرت البرازيل الفارق الذي يمكن أن تحدثه.
ففي عام 2007، بدأ المشرعون في ريو دي جانيرو في تخصيص أماكن للرعاية النهارية العامة المجانية من خلال نظام القرعة، ليحل محل نموذج أسبقية الحضور.
وبعد عقد من الزمن، أصبح متوسط دخل الأسر التي حصلت على أماكن في تلك الدور المجانية أعلى، مدفوعا إلى حد كبير بحقيقة أن الأجداد والأشقاء الأكبر سنا كانوا قادرين على الانضمام إلى قوة العمل، كما أن الأمهات كن قادرات على الاحتفاظ بوظائفهن، بدلا من الجلوس في المنزل لرعاية الأطفال.
المملكة المتحدة
ارتفعت تكاليف الحضانة الشهرية لابنة فاون هادجنز البالغة من العمر عامين في أبريل الماضي من 1200 جنيه إسترليني إلى 1335 جنيهًا إسترلينيًا (1459 دولارًا إلى 1698 دولارًا أميركيا).
وكانت هادجنز، التي عملت نائبًا لرئيس التسويق في شركة برمجيات مقرها لندن، تنفق أيضًا 182 دولارًا أسبوعيًا على مربية تأتي يوم الجمعة.
وعندما قامت هي وشريكها بتحليل الأرقام، أدركا أن رعاية الأطفال كانت تكلفهما أكثر من 19 ألف دولار سنويًا – أي ما يقرب من 15 في المئة من راتبها.
وبينما كان الزوجان يفكران في إنجاب طفل آخر، لم يتمكنا من إيجا حل لتحمل تكاليف الرعاية الإضافية، وهي الأكثر تكلفة بالنسبة للرضع.
وبدلاً من ذلك، كانت أفضل الخيارات أمام هادجنز هي إما أن تترك وظيفتها لرعاية كلا الطفلين أو الانتظار حتى تبلغ ابنتها الكبرى ثلاث سنوات قبل أن تنجب طفلاً آخر، وعندها تصبح مؤهلة للحصول على ما يصل إلى 30 ساعة أسبوعيًا من رعاية الحضانة المجانية.
وقالت المرأة البالغة من العمر 39 عاماً عن حالتها: “إن فكرة اضطراري للبقاء في المنزل بدلاً من العمل إذا أردنا عائلة أكبر ليست فكرة رائعة”.
إن المزايا الحكومية سخية نسبياً في المملكة المتحدة، حيث تمنح ما يصل إلى ستة أشهر من إجازة الأمومة مدفوعة الأجر ناهيل عن الإعانات لتعويض تكاليف الحضانة للأطفال الأكبر من ثلاث سنوات، وذلك بغض النظر عن الدخل.
والأسر ذات الدخل المنخفض مؤهلة للحصول على إعانات إضافية من خلال برنامج يسمى “الائتمان الشامل”، والذي يقدم ما يصل إلى 15 ساعة أسبوعيًا من رعاية الأطفال المجانية للأطفال الذين يبلغون من العمر عامين، وإيرادات شهرية صغيرة من الدولة.
ومع ذلك، تظهر بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الآباء في المملكة المتحدة ينفقون في المتوسط 29 في المئة من دخل أسرهم – حوالي 17 ألف دولار سنويا – على رعاية الأطفال، وهي واحدة من أعلى النسب في العالم.
وهذا يضع العديد من النساء في المملكة المتحدة في الموقف الذي وجدت هودجنز نفسها فيه، فهن يكسبن الكثير مما لا يسمح لهن بالتأهل للحصول على الإعانات الحكومية لذوي الدخل المنخفض، ولكن ليس بما يكفي لتحمل تكاليف رعاية الأطفال بدوام كامل بشكل مريح.
ووفقًا لاستطلاع أجرته شركة دلتابول لصالح بلومبيرغ نيوز، فإن واحدًا من كل خمسة بريطانيين ترك عمله بسبب الأثر الاقتصادي لتكاليف رعاية الأطفال.
وكان الناتج المفقود للنساء اللاتي قللن ساعات عملهن بسبب الافتقار إلى خيارات الرعاية الجيدة لا يقل عن 32.7 مليار دولار، وفقا لمركز الأبحاث في المملكة المتحدة للسياسة التقدمية.
ويقدم ما يقرب من ثلاثة أرباع الشركات الآن “إجازة أمومة معززة”، والتي توفر ما لا يقل عن ستة أسابيع من الأجر الكامل للأمهات الجدد.
وفي مارس الماضي، كشف حزب المحافظين الحاكم عن خطة لزيادة التمويل لمقدمي الرعاية، والبدء تدريجيا في منح العديد الفوائد خلال العامين المقبلين.
وينبغي أن يتمكن جميع الآباء العاملين الذين لديهم أطفال دون سن الخامسة من الوصول إلى 30 ساعة من رعاية الأطفال المدعومة أسبوعيا بحلول سبتمبر 2025، عندما يتم تنفيذ التدابير الكاملة.
وبموجب الخطة، تقدر هادجنز أن إنفاقها على رعاية الأطفال سينخفض إلى النصف، موضحة أن هذا لن يحل كل شيء، لكنه سيظل “هبة من السماء”.
اليابان
ليس لدى النساء خيار ترك وظائفهن في اليابان، ومع ذلك يُتوقع منهن عادةً رعاية الأطفال، وإدارة شؤون الأسرة.
وتقول ري ياناجيساوا، 35 عامًا، إنها تفعل كل ذلك إلى جانب نوبات عملها اليومية التي تستغرق خمس ساعات في شركة ذات صلة بأشباه الموصلات في وسط اليابان، لافتة إلى أنها تقضي ثماني ساعات يوميًا في رعاية طفليها الصغيرين بينما يعمل زوجها ما بين 60 و65 ساعة أسبوعيًا، وغالبًا ما يعود إلى المنزل حوالي الساعة 10 مساءً.
وقالت ياناجيساوا، التي كانت تعمل بدوام كامل حتى ولادة ابنها: “أنا في الأساس اعتتبر نفسي أم عازبة خلال أيام أسبوع العمل”.
ومثل هذه الترتيبات شائعة في اليابان، حيث تتحمل النساء اللاتي لديهن أطفال صغار حوالي سبع ساعات يوميا من الأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر مع رعاية الأطفال، أي ما يقرب من خمسة أضعاف ما يتحمله الرجال، وغالبا ما يكون ذلك أثناء احتفاظهن بوظيفة.
وقد ارتفعت معدلات مشاركة الإناث في العمل بشكل كبير في العقد الماضي، واعتباراً من أغسطس الماضي، كان ما يقرب من ثلاثة أرباع النساء في سن العمل يشغلن شكلاً من أشكال العمل.
وفي حين أن دور الحضانة المدعومة من الدولة في اليابان والتي يبلغ عددها حوالي 40 ألف هي أقل تكلفة بكثير من نظيراتها في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، حيث تكلف في المتوسط 29.500 ين (200 دولار أميركي) شهريًا، فإن النظام يفتقر إلى المرونة، حيث يتعين على ياناجيساوا أن تحضرا فور الأخذ طفلهاإذا كا لديه حمى طفيفة.
ويعد توظيف المربيات أمرًا مكلفًا ومستهجنًا اجتماعيًا، ومع تدفق الشباب من المناطق الريفية إلى المدن، أضحى الأجداد أقل توفرًا بكثير لرعاية الأطفال.
وتساهم مثل هذه التحديات، جنباً إلى جنب مع الركود المستمر في الأجور، في انخفاض معدل المواليد في اليابان، والذي أصبح بالفعل من بين أدنى المعدلات في العالم.
وقد تعهد رئيس الوزراء، فوميو كيشيدا، بتقديم حوالي 23.5 مليار دولار لعكس هذا الانخفاض، ولكن الجهود السابقة لتحفيز إنجاب الأطفال- بما في ذلك جعل رعاية الأطفال مجانية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث إلى خمس سنوات، وتوفير المنح النقدية للأسر التي لديها أطفال، ودعم الرعاية الطبية للأطفال الرسوم – قد انخفضت.
وفي الوقت الراهن، تأتي بعض المبادرات الواعدة من القطاع الخاص، فعلى سبيل المثال، تقدم شركة مستحضرات التجميل العملاقة “شيسيدو” ما يصل إلى خمس سنوات إجازة أمومة، وتخفض ساعات العمل حتى يبلغ الطفل التاسعة، كما أنها تقدم إعانات تشمل مضخات حليب الثدي واستراحات لضخ الحليب مرتين في اليوم.
وقامت شركة “Itochu Corp” التجارية بتعديل ساعات عملها الأساسية نحو جدول يركز على الصباح، مما يسمح للموظفات اللواتي لديهن أطفال صغار بالمغادرة عند الساعة 3 مساءً، مع حظر العمل بعد الساعة 8 مساءً.
وقد أحدثت هذه السياسات الصديقة للأسرة تأثيرا واضحا، فقد فقد تصدرت شركة شيسيدو التصنيفات المحلية للشركات اليابانية التي تضم الموظفات الأكثر تمكينا.
وفي العام المالي المنتهي في مارس 2022، ارتفع معدل الخصوبة بين موظفي إيتوتشو إلى 1.97، وهو أعلى بكثير من المتوسط الوطني.
وبالنسبة إلى ياناجيساوا، فإن التمتع بالمرونة للعمل بدوام جزئي يعني أنها ستبقى على الأرجح مع صاحب عملها الحالي لفترة من الوقت، على الرغم من حصولها على أجر أقل مما تريد.
وقالت: “في الوقت الحالي أفضل التركيز على رعاية أطفالي.. ربما سأستخدم برنامج العمل لساعات أقل في شركتي إلى أقصى حد، حتى يبلغ أصغر أطفالي السابعة”.