يقول الفلسطيني، فرج بيتاوي، من قرية بيتا قرب نابلس، في شمال الضفة الغربية المحتلة، إن “الجيش والمستوطنين باتوا يطلقون النار بكل سهولة للانتقام مما يحدث في قطاع غزة”.
حالة الخوف والترقب هذه لا يعيشها بيتاوي وحده، بل معظم سكان الضفة الغربية التي تشهد منذ هجوم حركة حماس الإسلامية المباغت على إسرائيل في السابع من أكتوبر الجاري تصاعدا للعنف تتخلله مواجهات وحملة اعتقالات واسعة تنفذها إسرائيل.
في بيتا أيضا، قتل الجيش الإسرائيلي، الأحد، فتى خلال مواجهات اندلعت على أطراف القرية. وأظهر مقطع فيديو اطلعت عليه وكالة فرانس برس، إطلاق النار على الفتى من مسافة بعيدة.
وقال سكان في نابلس، إن رسائل وصلتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي من مستوطنين يهددونهم فيها بقتل كل من يشارك في تشييع الفتى.
وكانت قرية قصرة القريبة شهدت الأسبوع الماضي، مقتل أب ونجله برصاص المستوطنين خلال جنازة أربعة شبان قتلوا خلال مواجهات مع المستوطنين في اليوم السابق.
وأسفر هجوم حماس الذي استهدف مدنيين ومقرات عسكرية عن مقتل أكثر من 1400 شخص، واختطاف عشرات، أغلبهم مدنيون. وأدى الرد الإسرائيلي الذي استهدف مناطق واسعة من غزة إلى مقتل مئات، أغلبهم مدنيون وبينهم أطفال ونساء. والاثنين، أعلنت وزارة الصحة بغزة مقتل 2750 فلسطينيا وإصابة 9700 جراء الضربات الإسرائيلية.
يقول زيد الشعيبي، منسق البحث الميداني في مؤسسة الحق، الحقوقية الفلسطينية، إنهم رصدوا “ارتفاعا واضحا في اعتداءات الجيش والمستوطنين بعد أحداث غزة”.
ويضيف: “ليس لدينا أرقام دقيقة لهذه الاعتداءات بسبب عدم قدرة طواقمنا على التنقل على الطرق التي أصبحت ضمن مواقع الاعتداءات والتخويف الذي يتعرض له سكان الضفة الغربية”.
وبحسب الشعيبي شملت الاعتداءات “هجمات على مركبات وتخريب محال تجارية ومنشورات تهديد ينشرها مستوطنون ومحاولة الهجوم على قرى بالإضافة إلى القتل”.
دوريات حراسة
أما في بلدة حوارة على الطريق الرئيسي بين رام الله ونابلس والتي شهدت في الأشهر الماضية هجمات متبادلة بين الجانبين الإسرائيلي (الجيش والمستوطنون) والفلسطينيين فكانت المحال التجارية مغلقة الاثنين.
ويقول رئيس بلديتها، معين ضميدي، لفرانس برس “كافة المحال في القرية مغلقة، ونحن نتوقع ونتخوف من هجمات جديدة من قبل المستوطنين خصوصا بعد أحداث غزة”.
ويشير إلى أن “الجيش الإسرائيلي منتشر في البلدة، ويمنع أهاليها من التجول على الطريق الرئيسي”.
ويقول الفلسطينيون إن الأحداث على الحدود الجنوبية شجعت المستوطنين على ارتكاب مزيد من العنف.
ففي قرية دير جرير شمال شرق مدينة رام الله، يراقب سكان القرية الفلسطينية تحركات المستوطنين في نقطة استيطانية عشوائية بناها مستوطن بمحاذاة مستوطنة عوفرا على مشارف القرية، ويتخوفون من أي ردود فعل انتقامية على أحداث الجبهة الجنوبية.
ودفع هذا الأمر شبان القرية إلى السهر ليلا للحراسة وتأمين سائر السكان.
ويقول حيدر ماخو (52 عاما) “يسهر الشبان ليلا، وتم إنشاء مجموعات للتواصل وتبادل معلومات حول تحركات المستوطنين”.
الأحد، قتلت سيدة من القرية برصاص الجيش الإسرائيلي فيما أصيب زوجها وابنها وهم في طريقهم إلى المنزل.
يعيش في الضفة الغربية من دون القدس الشرقية، نحو 2,9 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى 490 ألف إسرائيلي في مستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.
بالتزامن مع الهجمات وتبادل القصف بين إسرائيل وحركة حماس الإسلامية والتي خلفت حتى الآن أكثر من 1400 قتيل في الجانب الإسرائيلي و ما لا يقل عن 2750 قتيلًا في الجانب الفلسطيني، تشن إسرائيل حملات اعتقال واسعة في الضفة الغربية طالت قرابة 500 فلسطيني.
ويقول نادي الأسير الفلسطيني إن الجيش الاسرائيلي نفذ حملة اعتقالات “غير مسبوقة” في صفوف حركة حماس في الضفة الغربية.
وقالت الناطقة باسم النادي، أماني سراحنة، لفرانس برس إن عدد المعتقلين “بلغ حوالى 470 أسيرا غالبيتهم من حركة حماس وتم تحويلهم للاعتقال الإداري”.
والاعتقال الإداري، وهو إجراء مثير للجدل، موروث من الانتداب البريطاني، يتيح لإسرائيل سجن أشخاص بدون توجيه تهمة إليهم، بين ثلاثة إلى ستة أشهر، وفي كثير من الأحيان يتم تمديد الاعتقال على نحو مستمر.
ووفقا لسراحنة “لم تشهد الضفة الغربية مثل هذه الاعتقالات منذ سنوات طويلة”.
غزيون في الضفة
يسكن عدد من العائلات الفلسطينية المتحدرة من قطاع غزة في الضفة الغربية، وربما هم أكثر متابعة وتخوفا مما يجري في قطاع غزة حيث ذووهم.
ريما العجرمي المتزوجة في الضفة الغربية منذ سنوات، تتابع أخبار القصف على قطاع غزة وينتابها الخوف على والدتها وأقربائها.
وتقول: “لا أنام الليل ولا النهار وأنا أتابع الأخبار، وأتخوف على والدتي وأخي وكل عائلتي البالغ عدد أفرادها 70 شخصًا وهم يسكنون الآن في منزل واحد بعد أن دمر منزلنا”.
السبت، تلقت العجرمي خبر مقتل عمها وعائلته التي كانت مؤلفة من تسعة أفراد في قصف إسرائيلي، فيما فقدت الاتصال بوالدتها وشقيقها بسبب انقطاع التيار الكهربائي في غزة.
ويقول أحد المنسقين للقوى الوطنية والإسلامية، عصام بكر “ليس بالإمكان تقديم شيء عملي لمساندة قطاع غزة سوى تنظيم مسيرات تضامنية، إضافة إلى دعوات لتشكيل لجان حراسة ضد أي هجمات محتملة يشنها المستوطنون على القرى الفلسطينية”.
ويضيف بكر أن “سقوط هذا العدد من الشهداء في الضفة الغربية والجرحى هو مؤشر إلى تضامن ومحاولة لمساندة غزة من قبل الفصائل الفلسطينية، كما أنه مؤشر إلى أن قوات الاحتلال ومستوطنيه يطلقون النار بلا رادع”.