تعداد خال من القومية والمذهب.. كيف سيعالج العراق غياب أرقامهما خلال السنوات المقبلة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

رغم الإعلان عنه تعداداً عاما للسكان في العراق، الا أنه تفادى السؤال عن القومية والمذهب، اللذان يشكلان جزءً رئيسيا من التنوع السكاني في العراق.

وأعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في 25 نوفمبر الحالي عن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان والمساكن، وأشار السوداني في مؤتمر صحفي عقده في بغداد إلى أن عدد سكان العراق بلغ (45407895) نسمة من ضمنهم الأجانب واللاجئون.

وتؤكد الحكومة العراقية على أن التعداد كان لأغراض تنموية ولرسم السياسات الاقتصادية المستقبلية التي ستستند البلاد على التعداد في التخطيط لها.

وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط العراقية، عبدالزهرة الهنداوي، في تصريح سابق لـ”الحرة” نشر في 8 نوفمبر الحالي، أن غياب حقلي القومية والمذهب من استمارة التعداد السكاني جاء من منطلق أن الحكومة “تتعامل مع السكان بوصفهم عراقيين بغض النظر عن قوميتهم ومذهبهم.”

وتتباين آراء الخبراء والناشطين العراقيين حول غياب حقلي القومية والمذهب من استمارة التعداد، ففي وقت يعتبرها ناشطون وصحفيون مثيرة للشكوك وتهميش واضح للتنوع السكاني الذي يمتاز به العراق، يعتبر خبراء غيابهما خطوة من الحكومة لتجاوز التبعات التي قد تترتب على إعلان نتائج الخاصة بهذين السؤالين على الوضع السياسي في العراق.

ويعتبر الكاتب والصحفي، روند بولص، اهمال حقل القومية والمذهب في استمارة التعداد مفارقة غريبة على حد تعبيره.

ويشير بولص الى أن الدستور العراقي يقر بالوجود القومي ونسبه في المجتمع العراقي بما فيهم الاقليات، وأكثر هذه الاقليات هم السكان الاصليون للبلاد.

ويقول بولص لـ”الحرة”: “يبدو أن هذا التعداد السكاني تغافل عن اهمية معرفة عدد افراد هذه الأقليات المهددة بالزوال عن ارضها ووطنها التاريخي، في الوقت الذي لو توفر الحرص الوطني والشعور بالمسؤولية من قبل الحكومة تجاه الاقليات، لكان التركيز في فقرات التعداد السكاني على تفاصيل واقع الاقليات بشكل تفصيلي.”

الحكومة العراقية تكشف عن عدد سكان البلاد

أعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في مؤتمر صحفي، الاثنين، أن عدد سكان العراق بلغ 45 مليونا و407 آلاف و895 نسمة، وذلك وفقا للإحصاءات الرسمية التي تشمل المواطنين بالإضافة إلى الأجانب واللاجئين المقيمين في البلاد.

ويعرب بولص عن امله بأن تراجع الحكومة الخلل الاحصائي بخصوص الاقليات بطريقة او بأخرى كي تتوفر للجهات المختصة قاعدة بيانية سكانية دقيقة وواقعية، يضمن حقوق الجميع بما فيهم الأقليات، التي يعتبرها بأمس الحاجة الى خطة وطنية منصفة لهم.

ولفت إلى “اهمال فقرة تعداد الاقليات القومية في العراق فعل يدعو الى الشكوك والريبة من قبل الاكثرية المتنفذة بالمال والسلطة، التي تجعل من الوطن ساحة تخص فقط المكونات الكبيرة ومصالحها، دون اعتبار اي اهتمام للأقليات واوضاعهم ومستقبلهم في الوطن.”

ويعاني العراق منذ عام 2003 من نقص في الأرقام الرسمية لأعداد سكان البلاد وهوياتهم القومية والمذهبية وتوزيعهم على مدن البلاد، خاصة أن البلد شهد خلال السنوات العشرين الماضية عمليات تهجير للأقليات والمذاهب والديانات نفذتها الجماعات المسلحة، وتمخضت عنها عمليات تغيير ديمغرافي مازالت مستمرة واسفرت عن موجات هجرة الى خارج العراق.

ويرى الناشط السياسي، برهان النجرس، أن التعداد العام الذي نظمه العراق لم ينجح لغياب حقلي القومية والمذهب.

ويبين النجرس لـ”الحرة”، “هذا التعداد يعتبر غير شامل حاله حال تعداد عام 1997، الذي لم يشمل مدن إقليم كردستان التي كانت شبه مستقلة عن العراق في عهد النظام السابق، وهذا التعداد تنقصه اعداد ونسب القوميات والطوائف، لذلك بشكل عام هذا النقص مؤشر على أن النظام السياسي الحالي يعمل لطائفة معينه ولا يعمل لشعب بكامل طوائفه.”

ويعتمد النظام السياسي في العراق منذ عام 2003 على المحاصصة السياسية والقومية والطائفية في توزيع السلطات الرئيسية والمناصب، وتستحوذ الأطراف الشيعية على غالبية مقاعد البرلمان ومن ثم الكرد والسنة والأقليات حسب الترتيب.

ويعتقد الخبير القانوني وائل البياتي، ان السبب الأساسي لتجاهل اعتماد سؤالي القومية والمذهب في التعداد السكاني الحالي، هو الخوف من تبعات التي قد تترتب على إعلان نتائج الخاصة بهذين السؤالين على الوضع السياسي في العراق وتخوف من الآثار السلبية التي من الممكن التي ينتج عنها تحديد الأرقام الخاصة بهذا الجانب.

ويؤكد البياتي لـ”الحرة”، “التركيز الأساسي في هذا الإحصاء كان ببعد اقتصادي بشكل كبير رغبة في تحديد اعداد السكان بشكل اساسي المتواجدين داخل العراق، باعتبار ان هذا الإحصاء لم يشمل عراقيي الخارج أيضا، بالتالي هذا أيضا أحد الثغرات الموجودة في هذا الإحصاء السكاني.”

وأرجئت مرارا عمليات التعداد في العراق منذ عام 2003، وكان من المقرر تنظيم التعداد عام 2010، لكن خلافات سياسية حول المناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد والتركمان في شمال البلاد، الى جانب الصراعات المذهبية والتدهور الأمني في البلد حال دون تنظيمه.

ويلفت البياتي “الحكومات دائما لدينا تعمد إلى فكرة ترحيل الازمات الى فترات لاحقة، كانت هذه إحدى الخيارات التي اتيحت وهو ترحيل مسألة إحصاء القومية والمذهب إلى التعداد القادم، أي بعد عشر سنوات”، مشيرا الى أن التعداد السكاني الحالي كان بإمكانه أن يوفر فرصة لوضع معالجات فيما يتعلق بالمناطق المتنازع عليها من خلال وضع إحصاء دقيق لسكان هذه المناطق ووضع المعالجات الخاصة بتطبيق المادة 140 من الدستور.

وأعلنت المحكومة العراقية قبل تنظيم التعداد السكاني أنه مختلف عن الإحصاء السكاني الذي نصت عليه المادة 140 الدستورية كمرحلة من مراحل حل مشكلة المناطق المتنازع.

وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي في 5 نوفمبر الحالي، أنه ضمن متابعة المجلس للاستعدادات الخاصة بإجراء التعداد السكاني في عموم العراق أكد المجلس في مقدمة قراراته على الالتزام بقرار المحكمة الاتحادية رقم (73) الصادر عام 2010 الخاص بالتعداد العام للسكان، الذي فصل بين الإحصاء السكاني الوارد في المادة 140 وبين التعداد السكاني.

في غضون ذلك، أعرب مجلس وزراء إقليم كردستان العراق، الأربعاء الماضي، خلال جلسته الأسبوعية الاعتيادية، عن قلقه إزاء عدم احتساب مئات الآلاف من سكان المناطق الحدودية لإقليم كردستان، بما في ذلك شيخان، زلكان، كلكجي، ناحية فايدة، جزء من قضاء سيميل، وأقضية بردرش، خبات، ومخمور، ضمن سكان إقليم، داعياً الحكومة الاتحادية إلى تصحيح هذا الإجراء وضمان تسجيل هؤلاء الأفراد ضمن مناطقهم الصحيحة المتمثلة بالإقليم.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *