وسط التحذيرات من احتمال حدوث مجاعة في قطاع غزة، ورفض إسرائيل لعب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” أي دور في إيصال المساعدات الغذائية إلى شمالي غزة، ظهرت تقارير تتحدث عن دراسة إسرائيل تسليح العشائر الفلسطينية في القطاع، وتحميلها مسؤولية توزيع المساعدات.
وأكد محللون تواصل معهم موقع “الحرة”، أن هذه الفكرة “معقدة وبعيدة عن الواقع”، مشيرين إلى إمكانية استخدام هذا السلاح بالأساس ضد إسرائيل، في ظل “مشاعر الكراهية” الكبيرة التي خلفتها الحرب الدائرة حاليا في غزة.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية، الأحد، إن جهات أمنية في إسرائيل “تبحث مسألة توزيع الأسلحة على القادة المحليين والعشائر في قطاع غزة، من أجل الدفاع عن النفس، بعدما تعرضوا لتهديدات يومية، في أعقاب تواصل مسؤولين أمنيين إسرائيليين معهم من أجل تولي مسؤولية إدارة القطاع بدلا من حركة حماس”.
وأشارت الهيئة الرسمية إلى أن الهدف من الخطوة يأتي لأنه “دون جماعات مسلحة في قطاع غزة غير حماس، لن يكون من الممكن خلق بديل حاكم لتنظيم توزيع المساعدات الإنسانية”.
“محاولة لخلق فوضى”
المحلل الفلسطيني، أيمن الرقب، اعتبر في حديث لموقع “الحرة”، أن هذا المقترح هو محاولة لخلق “حالة من الفوضى في غزة”، مضيفًا: “الحديث عن توفير السلاح يهدف لخلق اشتباك بين حماس والعشائر، وهو أمر لن يحدث لأن المشكلة ليست في السلاح كونه موجود في غزة، بل في قبول الناس ذلك”.
وتابع: “إنها محاولة من إسرائيل لإظهار أن بإمكانها صناعة قوة ضد حماس والفصائل الفلسطينية، وأعتقد أنه أمر غير منطقي وغير واقعي”.
وأوضح تقرير هيئة البث أن مسألة تسليح سكان في غزة أو قادة محليين في القطاع، والجهة التي ستديره بعد الحرب، ستطرح خلال لقاء وزير الدفاع، يوآف غالانت، مع نظيره الأميركي لويد أوستن، خلال زيارته إلى الولايات المتحدة في الساعات المقبلة.
خطة إسرائيلية “سرية” بشأن توزيع المساعدات في غزة
يعكف مسؤولون أمنيون إسرائيليون على تطوير خطة لتوزيع المساعدات في قطاع غزة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى إنشاء سلطة حكم بقيادة فلسطينية هناك، مما أثار رد فعل عنيفا من حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، وخلق انقسامات في مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، حسب تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
وأضاف التقرير أنه “من الممكن أن يوافق الأميركيون على أن يقدموا هم الأسلحة لقادة العشائر في غزة.. بموافقة إسرائيل”.
من جانبها، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، الخميس، أن مسؤولين إسرائيليين “يعملون على تطوير خطة لتوزيع المساعدات في قطاع غزة، يمكن أن تؤدي في النهاية إلى إنشاء تصور لسلطة الحكم في غزة بقيادة فلسطينية”.
وتعليقا على هذه التقارير، قال المحلل الإسرائيلي، إيلي نيسان، إن مسألة تسليح العشائر “معقدة”، مشيرًا إلى أنه “كانت هناك محاولات من إسرائيل لمنح العشائر الكبيرة في غزة السيطرة، لكن حماس هددت الأخيرة”.
“شرطي يخدم” إسرائيل؟
وأجرى مسؤول دفاعي إسرائيلي كبير محادثات في مصر والإمارات والأردن، لحشد دعم إقليمي في إطار جهود لتجنيد مسؤولين ليس لهم صلات بحماس، لتوزيع مساعدات، حسب تقرير “وول ستريت جورنال”.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤولين إسرائيليين وعرب قولهم، إن “بعض المساعدات ستدخل برا وبحرا” بعد التفتيش الإسرائيلي، وستتوجه إلى مستودعات كبيرة في وسط غزة، حيث سيقوم فلسطينيون بعد ذلك بتوزيعها.
وأوضح مسؤولون أنه عندما تنتهي الحرب، “سيتولى هؤلاء مسؤولية سلطة الحكم، بدعم من قوات أمن تمولها حكومات عربية ثرية”.
سفينة أميركية تنقل معدات الميناء المؤقت إلى غزة.. ومسؤول يكشف موعد تشغيله
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن سفينة أميركية محملة بالمعدات الثقيلة ومستلزمات بناء الرصيف المؤقت لنقل المساعدات لقطاع غزة غادرت، الخميس، من ولاية فرجينيا باتجاه البحر الأبيض المتوسط.
من جانبه، أشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، جهاد الحرازين، إلى أن فكرة تسليح العشائر والعائلات الفلسطينية في غزة “غير قابلة للتحقيق، لأن العشائر لن تقبل بأن تكون شرطة تخدم جيش الاحتلال أو تكون تابعة له”.
لكنه لفت في حديثه للحرة، إلى أن الأمر سيكون مختلفا “لو جاء كتفويض من منظمة التحرير أو القيادة الفلسطينية، فحينها سيكون هناك قبول”، وشدد على أن تسليح إسرائيل لهم “أمر لا يمكن القبول به ولا أعتقد أن العائلات أو العشائر ستقبل به”.
سلاح ضد إسرائيل
أثارت الجهود الإسرائيلية تهديدات انتقامية من حماس، ووصفت الحركة أي شخص يعمل مع الإسرائيليين بـ”الخائن” وهددت بقتله.
وانسحبت في الأيام الأخيرة عدة عائلات فلسطينية كان يعتقد في السابق أنها منفتحة على الفكرة، بحسب وول ستريت جورنال.
وقال مسؤول أمني في حماس في بيان يوم 10 مارس، بعد وقت قصير من بدء الجهود الإسرائيلية: “إن قبول التواصل مع قوات الاحتلال من قبل رؤساء العائلات والقبائل للعمل في قطاع غزة، يعتبر خيانة وطنية، وهو أمر لن نسمح به”.
وتنظر حماس إلى الخطة الإسرائيلية الناشئة كوسيلة لإنشاء هيكل حكم مستقل.
وقال المسؤول الأمني في حماس: “سنضرب بيد من حديد كل من يعبث بالجبهة الداخلية في قطاع غزة، ولن نسمح بفرض قواعد جديدة”.
رأى الرقب من جانبه، أنه في حال توفير السلاح لفلسطينيين في غزة، فإنهم قد يستخدمونه ضد إسرائيل، “وذلك بعد صناعة الكراهية في غزة، حيث لا توجد أسرة في القطاع لم تفقد أحد أبنائها.. حجم الكراهية كبير جدا ويزداد يوما بعد يوم”.
وحول احتمال انقلاب الفكرة على إسرائيل وإمكانية استخدام السلاح ضدها، قال نيسان للحرة: “جميع الأمور محتملة، لكن لو فكرت تلك العائلات في مستقبلها ومصلحة الشعب في غزة بالفعل.. لن تفعل ذلك”.
كما أشار إلى أن هناك مساعٍ إسرائيلية لكسر قوة حماس، التي تحاول من حين لآخر إظهار أنها لا تزال موجودة، موضحا أنه حال نجاح إسرائيل في تلك المهمة، فإنها “ستشجع العائلات على تسلم إدارة الأمور في القطاع”.
لا بديل للأونروا
وجاء تعويض تعطل وصول المساعدات البرية، بإنزال المساعدات من الجو وبإرسال مساعدات في الآونة الأخيرة من قبرص عن طريق ممر بحري بدأ مؤخرا.
ومع عدم وجود بنية تحتية تُذكر، أنشأت مؤسسة خيرية في الآونة الأخيرة رصيفا مؤقتا على شاطئ غزة، للتعامل مع المساعدات الواردة. وتخطط الولايات المتحدة لإنشاء “ميناء مؤقت” لإدخال المساعدات إلى الشاطئ.
وقال كبير موظفي مجلس الأمن القومي الأميركي، كيرتس ريد، الأسبوع الماضي، إن “الجيش الأميركي يبذل كل ما بوسعه لتسريع (بناء) هذه القدرة، والعمل بها قبل تاريخ الأول من مايو المستهدف الذي حددناه”.
وأضاف للصحفيين على هامش مؤتمر في قبرص: “يعملون حثيثا لإحراز تقدم في ذلك، ونأمل في أن نتمكن من رؤيته في حالة تشغيل قبل ذلك بوقت”.
“أونروا”: إسرائيل أبلغتنا بمنع قوافلنا نهائيا من دخول شمالي غزة
أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إن إسرائيل أبلغتها بأنها لن توافق مجددا على إرسال الوكالة الأممية قوافل غذائية إلى شمالي قطاع غزة.
وذكر ريد أنه “ليست هناك خطط لإنزال أفراد عسكرين أميركيين على الشاطئ”، وذلك عند سؤاله عن كيفية سير العملية داخل غزة.
وأضاف أن إسرائيل ستؤدي دورا مهما في تأمين منطقة كبيرة، وأن الولايات المتحدة تتحدث مع “عدد من الدول” عن احتمال الاضطلاع بدور الشريك الأمني داخل حدود المجمع الذي سيؤمنه الإسرائيليون.
كما أوضح أنه من المرجح أن تقوم وكالة تابعة للأمم المتحدة بتوزيع المساعدات، وأنه “ستستمر الاستعانة بأونروا في المستقبل القريب”.
وتعليقا على تأمين المساعدات وتوزيعها، قال الرقب: “نحن بحاجة إلى شرطة للتأمين، لكن لا يوجد طرح حول كيفية توفير جهاز شرطي. حتى الآن ربما تؤمنها إسرائيل، التي تسعى في المستقبل لأن تستلم قوة مدنية المساعدات وتوزيعها، إلا أن ذلك قد يتم لاحقا في وجود ممثلين عن العائلات، لكن الحديث عن ذلك حاليا سابق لأوانه”.
وبدوره، أكد الحرازين أن “الجهة الوحيدة القادرة على ذلك هي الأونروا، فلديها طاقم من الموظفين الذين يستطيعون إيصال المساعدات، وهي وكالة تتمتع بحماية دولية وتفويض أممي بالعمل. لا يمكن لأية جهة أخرى أن تحل محل الأونروا”.
وكانت الأونروا قد أعلنت، الأحد، أن إسرائيل أبلغتها بأنها “لن توافق مجددا” على إرسال الوكالة الأممية قوافل غذائية إلى شمالي قطاع غزة.
وقال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني: “أبلغت السلطات الإسرائيلية الأمم المتحدة بأنها لن توافق بعد الآن على دخول أي قوافل أغذية تابعة للأونروا إلى الشمال”، مضيفًا في منشور عبر منصة إكس: “هذا أمر مشين ويشير إلى تعمد عرقلة المساعدات المنقذة للحياة وسط مجاعة من صنع الإنسان”.
وكانت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، قد أشارت في تقرير، الأحد، إلى أن إحدى نقاط الخلاف الرئيسية خلال مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية حاليا، هو أن حماس تطالب بأن تكون “أونروا” مسؤولة عن توزيع المساعدات.
وأوضح التقرير أن حماس تعتبر أن أونروا “الوحيدة القادرة على استلام المساعدات وتوزيعها على الفور”، لكن إسرائيل تعارض أن تكون أي منظمة “مرتبطة بحماس” مسؤولة عن المساعدات الإنسانية، وهو ما تنفيه أونروا.
واندلعت الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر، نتيجة هجوم غير مسبوق شنه مسلحو حماس من قطاع غزة على إسرائيل، أودى بحياة ما لا يقل عن 1160 شخصا، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، حسب أرقام إسرائيلية رسمية.
وردا على ذلك، تشن إسرائيل عمليات عسكرية متواصلة، أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 32 ألف شخص في قطاع غزة، معظمهم نساء وأطفال، وفقا لوزارة الصحة في القطاع.
ودفعت الحرب 2,2 مليون شخص إلى شفير المجاعة، وثلاثة أرباع السكان في القطاع المدمر إلى النزوح، حسب تقديرات الأمم المتحدة.