أظهر تحقيق لصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن منظمة يهودية تعمل في استرداد الرفات البشرية بعد الهجمات نشرت روايات كاذبة حول ما حدث يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي (معركة طوفان الأقصى) بهدف جمع تبرعات والتخلص من الديون المتراكمة عليها.
ووفقا للتحقيق فقد بدأت المنظمة عملها في جمع الجثث في المجتمعات المدمرة في جنوب إسرائيل مباشرة بعد هجوم أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في حين قام الجيش الإسرائيلي بتهميش الجنود المدربين على استرداد الرفات.
ووصفت هآرتس “زكا فرع القدس” بأنها منظمة دينية وأرثوذكسية متطرفة وأعضاؤها متطرفون.
وسرد التحقيق المطول الذي نشرته هآرتس -اليوم الجمعة- قصصا عن استغلال أعضاء المنظمة تواجدهم في مواقع الهجمات للتصوير والحصول على التبرعات.
ونقل التحقيق عن شهود عيان أن أعضاء من زكا كانوا يجرون مكالمات فيديو ويصورون جثثا موضوعة في أكياس بلاستيكية وأنه تم ترتيب المكان بشكل خاص لإثارة مشاعر المتبرعين.
وأشار التحقيق إلى إنه تم توجيه بعض أنشطة المنظمة -التي كانت، عشية الحرب، متورطة في ديون ملايين الشواكل- نحو جمع التبرعات والعلاقات العامة والمقابلات الإعلامية والجولات للجهات المانحة.
العلاقة مع الجيش
وكشف التحقيق أن جيش الاحتلال بدلا من نشر مئات الجنود المدربين على تحديد الهوية وجمع الرفات البشرية، اختارت قيادة الجبهة الداخلية استخدام “زكا”، وهي منظمة خاصة، إلى جانب الجنود في وحدة البحث في الحاخامية العسكرية، المعروفة بالاختصار ياسار.
ووفقا لما ور في التحقيق فإن حاييم أوتمزين، رئيس “القوات الخاصة” لزكا، يعمل ضابط احتياط في وحدة الإنقاذ التابعة لقيادة الجبهة الداخلية.
وفقا لبعض المصادر التي نقلت عنها هآرتس فقد لعب أوتمزين دورا مركزيا في الارتباط بين المنظمة والجيش وكان مسؤولا عن العديد من المواقع التي وقعت فيها الهجمات.
ومنعت زكا القدس منظمات منافسة من دخول المواقع التي تم تكليفهم للعمل بها.
وكشف التحقيق أن أوتمزين هو صلة الوصل بين زكا القدس ووحدة الإنقاذ التابعة لقيادة الجبهة الداخلية، وأنه لا يخدم في الوحدة كضابط احتياط فحسب بل يعتبر أيضا مقربا جدا من قادتها.
عمل غير متقن
وفقا للتحقيق فقد تصرفت زكا بشكل غير مهني، وفقا لمصادر التحقيق، وتنقل عن ضابط قوله “لقد تلقينا حقائبهم دون وثائق، وأحيانا مع أجزاء من الجثث لا علاقة لها ببعضها”، ويضيف إن مثل هذه المشاكل جعلت عملية تحديد الهوية صعبة للغاية، وإن بعض الحقائب جاءت بعد أيام عديدة من اندلاع الحرب.
كما ينقل عن أحد المتطوعين “كانت هناك حقائب بها جماجمتان، وحقائب بيدين، مع عدم وجود طريقة لمعرفة من كان”، ووفقا لأحد المتطوعين “أخذ زكا جزءا من جثة وترك الجزء الآخر في نفس المنزل”.
وقال شخص قام بجولة في الكيبوتسات في المنطقة مع زكا إنه زار المنازل التي تم تصنيفها بأنه تم تطهيرها من الرفات البشرية، ومع ذلك رأى رفاتا بشرية فيها.
تبرعات سخية
وأشارت هآرتس إلى وجود صراع بين المنظمات التي تعمل على جمع الرفات البشرية من مواقع الحوادث، وأرجعت السبب إلى “المال، والكثير منه” حسب وصفها.
وذكرت أنه يتم تخصيص عشرات الملايين من الشواكل لهذه المهمة من خلال التبرعات والدعم المالي من الدولة.
وكشف التحقيق أن زكا القدس كانت تواجه مشكلات مالية وديونا، وأنها تمكنت بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول من جمع أكثر من 50 مليون شيكل (13.7 مليون دولار).
علاقات عامة
في إطار حملة العلاقات العامة التي قادتها حكومة بنيامين نتنياهو ذكر التحقيق أن مديرية الإعلام الوطنية (في مكتب رئيس الوزراء) طلبت من منظمة زكا المشاركة في النشاط الإعلامي لكل من المانحين وقادة الرأي في جميع أنحاء العالم.
ورأت الحكومة هذه الجولات كجزء من جهود البلاد لتحقيق النصر في الرأي العام العالمي، كما رافقت المنظمة جولات المانحين لصالح الكيبوتسات وإعادة إعمارها.
وبدأ جمع التبرعات في اليوم التالي للهجمات، ووفقا للتحقيق فقد عمدت زكا إلى استخدم خدمات مكتب العلاقات العامة الذي رافق المتطوعين وصورهم بالفعل في الأسابيع الأولى من الحرب.
ومنذ الأسبوع الثاني من الحرب، بدأت وزارة الدفاع تضع اسم زكا، إلى جانب نداءات التبرعات العامة.
وحصلت زكا على 500 ألف شيكل بعد اتفاقها مع وزارة الدفاع الإسرائيلية لتنظيف 500 مبنى تضررت في الهجمات.
كما عمدت زكا إلى نسب عمل المتطوعين الآخرين لها. ففي بعض الحالات شوهد متطوعون من زكا يلفون الجثث ملفوفة بالفعل في أكياس الجيش الإسرائيلي وعرضت الحقيبة الجديدة بشكل بارز شعار زاكا.
وتنقل عن متطوع من منظمة أخرى “لقد لففنا الجثة في حقيبة جثة، وبعد بضع دقائق، وصل فريق زكا، وقام قائد الفريق، وهو عضو كبير في المنظمة، بتغليف الجثة في حقيبة زكا”.
قصص مفبركة
ذكر التحقيق عددا من القصص التي لم يكن لها أصل في الواقع واعتمدت عليها زكا وحكومة نتنياهو في تشويه صورة المقاومة الفلسطينية.
فقد نشر حساب منظمة زكا على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لأحد أفرادها وهو يبكي ويقول “رأينا امرأة تبلغ من العمر حوالي 30 عاما، وكانت مستلقية على الأرض في بركة كبيرة من الدماء، تواجه الأرض”، لقد قلبناها من أجل وضعها في الحقيبة.
وأضاف “كانت حاملا”، وتوقف لالتقاط أنفاسه، ويكمل حديثة بالقول كانت معدتها منتفخة، وكان الطفل لا يزال متصلا بالحبل السري عندما تم طعنه، وتم إطلاق النار عليها في مؤخرة الرأس، لا أعرف ما إذا كانت قد عانت ورأت طفلها يقتل أم لا”.
وذكر التحقيق أن هذا الحادث المروع لم يحدث وأنه كان واحدا من عدة قصص تم تعميمها دون أي أساس، مشيرا إلى عدم وجود دليل على هذا الحادث، ولم يسمع أحد في الكيبوتس عن هذه المرأة.
ونقل عن مسؤول كبير في منظمة زكا اعترافه لهآرتس بأن المنظمة تعرف أن الحادث لم يحدث.
في مقطع فيديو آخر، يظهر نفس المتطوع وهو يبكي، ويروي كيف وجد الجثث المحترقة والمشوهة لـ20 طفلا في أحد الكيبوتسات (والتي ثبت كذبها)، وقد أخبر ذلك المتطوع هآرتس أن هذا الحادث وقع خلف قاعة الطعام في كفار عزة، بينما في حالة أخرى، قال إنه كان في بيري.
وتشير الصحيفة إلى أن الأطفال الذين قتلوا في كفار عزة هم يفتاح كوتز، 14 عاما، وشقيقه يوناتان، 16 عاما.
وكشف التحقيق أن زكا اتهمت بنشر معلومات كاذبة في ديسمبر/كانون الأول 2022.
كما كشف أن زكا قد تضخم عدد المتطوعين المعلن لسنوات من أجل الحصول على المزيد من التمويل.