قررت محكمة فرنسية النظر في الاستئناف الذي قدمته شركة الإسمنت الفرنسية لافارج للطعن في تهمة تعريض الموظفين السوريين للخطر والتواطؤ في جرائم ضدّ الإنسانية خلال الثورة السورية بين عامي 2012 و2014.
وكان من المفترض أن تصدر محكمة النقض، أعلى سلطة قضائية، قرارها اليوم لكنها أجلت النظر في القضية حتى 12 نوفمبر/تشرين الثاني القادم. لدراسة الأدلة بعد أن أثار الدفاع نقطة قانونية تتعلق بتعريض حياة الآخرين للخطر.
ويُشتبه في أن الشركة -التي أصبحت الآن تابعة لمجموعة هولسيم- دفعت في عامي 2013 و2014 -عبر فرعها السوري “لافارج سيمنت سيريا”- ملايين اليوروهات لجماعات مسلحة، من بينها تنظيم الدولة الإسلامية، ولوسطاء، من أجل استمرار عمل مصنعها للإسمنت في سوريا بمنطقة الجلابية، في حين كانت البلاد غارقة في أتون الحرب.
وأبقت لافارج موظفيها السوريين يعملون في المصنع حتى سبتمبر/أيلول 2014، في الوقت الذي كانت أجلت فيه موظفيها الأجانب عام 2012.
وأخلي مصنع الإسمنت بشكل عاجل في سبتمبر/أيلول 2014، قبل وقت قصير من سيطرة تنظيم الدولة عليه. وفي وقت لاحق، تقدّمت منظمات غير حكومية والعديد من الموظفين السوريين بشكوى.
وكجزء من تحقيق قضائي بدأ عام 2017، اتُّهمت الشركة الأم “لافارج إس إيه” في عام 2018 بالتواطؤ في جرائم ضدّ الإنسانية وبتمويل “مشروع إرهابي” وتعريض حياة الآخرين للخطر.
ورغم أنّ محكمة النقض قد صدّقت بشكل نهائي في العام 2021 على لائحة الاتهام بتمويل “مشروع إرهابي”، فإنّه لا يزال بإمكان الدفاع عن المجموعة الفرنسية أن يأمل في الحصول على حكم مع وقف التنفيذ على الجريمتين الأخريين.
وفي السابق، اعترفت شركة صناعة الإسمنت بعد تحقيق داخلي بأن الشركة التابعة لها في سوريا دفعت أموالا لجماعات لتساعد في حماية العاملين بالمصنع، لكنها نفت الاتهامات بأنها تواطأت في جرائم ضد الإنسانية.
يذكر أن “لافارج” سددت غرامة قدرها 778 مليون دولار لوزارة العدل الأميركية لمساعدتها جماعات تصنفها الولايات المتحدة تنظيمات إرهابية، منها تنظيم الدولة، خلال الحرب في سوريا. وذلك خلال الفترة من أغسطس/آب 2013 حتى أكتوبر/تشرين الأول 2014″.
وقد سلط فيلم وثائقي تركي الضوء على علاقات مشبوهة لجهاز الاستخبارات الفرنسية وشركة “لافارج” بتنظيم الدولة في سوريا.
ومن خلال وثائق وشهود عيان كشف الفيلم الذي جاء بعنوان “المصنع”، في جزئه الأول، عن قيام عملاقة صناعة الإسمنت المقربة من الحكومة الفرنسية بدفع عشرات الملايين من الدولارات للتنظيم أثناء عملها في سوريا.
وأوضح أن دفع هذه المبالغ جاء نظير السماح باستمرار عمل الشركة الفرنسية التي كان مصنعها على بعد 50 كيلومترا جنوبي مدينة عين العرب (كوباني) في سوريا، لافتا إلى أن ذلك كان بعلم من الاستخبارات الفرنسية.