بينهم معتقلون سياسيون.. مئات السجناء يستفيدون من عفو ملكي “مفاجئ” بالبحرين

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

لم يقف أي عائق عثرة أمام الرحالة البحرينية، رشا يوسف، لتحقيق حلمها المتمثل بالسفر لجميع دول العالم، سواء كانت تلك العوائق حروبا تعيشها بعض البلدان، أو حتى المغامرة في الذهاب لدولة يقودها نظام يقمع النساء.

وعندما قررت الشابة السفر إلى أفغانستان والطوف في مدنها المختلفة خلال شهر رمضان، لم تكترث بوجود حركة طالبان في السلطة، رغم أنها تدرك خطورة هذه الخطوة بالنسبة لبلد يعيش أيضا وضعا أمنيا غير مستقر.

وقالت في مقابلة مع موقع “الحرة”، إن هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر كانت “تستحق”، مضيفة: “أدرك خطورة السفر كامرأة بمفردي لأفغانستان، وأنها بلد غير مستقر أصلا”.

وبعد عامين من التخطيط الطويل ودراسة الوضع في أفغانستان ورصد تجارب الآخرين، انطلقت الرحالة البحرينية من دبي إلى كابل في رحلة استغرت 10 أيام، طافت خلالها عدة مدن، بما في ذلك مزار شريف وقندهار، معقل حركة طالبان.

“بيروقراطية”

تروي يوسف قصتها قائلة: “قررت المضي قدما في هذه المغامرة بعد أن رأيت جميع تجارب الرُحال تسير بصورة سلسة دون مشاكل، رغم الوضع الأمني غير المستقر والقانون الصارم والقيود المفروضة على النساء المحليات”، مردفة: “لكن السائحات معفيات من بعض تلك القيود مثل دخول الحدائق أو الأماكن العامة الأخرى كالمتاحف والقلاع والمزارات السياحية”.

رشا تحلم بالسفر لجميع دول العالم

ومع ذلك، يبقى الحجاب أمرا أساسيا لا يعفى منه أحد، بما في ذلك السائحات والعاملات في المنظمات الدولية اللواتي يتواجدن في أفغانستان، حسبما ذكرت يوسف، التي سافرت إلى 157 دولة من أصل 197 من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة التي ترغب بإكمالها، وهو الحلم الذي تركت وظيفتها الرسمية في سبيل الوصول إليه.

ومنذ استيلاء حركة طالبان على السلطة في البلاد منتصف أغسطس عام 2021، فرضت تفسيرها المتشدد للدين ومنعت النساء من حقوقهن الأساسية، بما في ذلك التعليم وقيادة السيارة.

في مقابلتها، روت يوسف طريقة السفر إلى أفغانستان بعد حصولها على تأشيرة من مبنى قنصلي في دبي بواسطة وكيل محلي هناك، واصفة تلك الإجراءات بـ “البسيطة”.

لكن البيروقراطية، وفقا ليوسف، بدأت بعد وصولها إلى كابل، حيث اتجهت أولا لوزارة الإعلام للحصول على تصريح ورقي يشير إلى أنها جاءت البلاد كسائحة.

وقالت إنها قابلت مسؤولا في وزارة الإعلام، عرض عليها المساعدة وأنهى أوراقها اللازمة بالحصول على تصريح لكافة الولايات في البلاد، قبل اعتمادها من وزارة السياحة بالعاصمة أيضا، موضحة أن “كل ولاية أزورها، يجب أن أبدأ رحلتي فيها بمقر وزارة السياحة فيها للتوقيع على تلك الأوراق”.

تباين في الثقافات 

في رحلتها المثيرة للاهتمام، شعرت يوسف بالتباين في ثقافات المجتمعات المحلية من مدينة لأخرى، فالبعض متشدد دينيا كما هو الحال في بلخ وقندهار على سبيل المثال، فيما هناك انفتاح جزئي في هرات وأجزاء من كابل.

وقالت الرحالة البحرينية التي سبق لها زيارة أوكرانيا في زمن الحرب: “كنت متحمسة جدا لهذه الرحلة، وحاولت فيها مقابلة أكبر قدر ممكن من الناس، مما جعلني اختار مرشدين محليين مختلفين في كل مدينة مررت فيها”.

وتابعت: “وصلت كابل في المساء أثناء صلاة التراويح وكان كل شيء مغلقا والحياة شبه متوقفة حتى بعد الانتهاء من الصلاة. كنت صائمة ولم أتناول سوى بعض الفواكه التي وجدتها في بقالة قريبة مفتوحة، وكانت تلك وجبة الفطور والسحور في أول أيام الرحلة”.

الرحلة امتدت لـ 10 أيام خلال شهر رمضان

الرحلة امتدت لـ 10 أيام خلال شهر رمضان

وتستذكر بقولها: “انطلقت في اليوم الثاني لمزار شريف عبر الطيران الداخلي، وزرت أولا بلخ وهي مدينة محافظة جدا، لدرجة أن جميع النساء يغطين وجههن كاملا بالنقاب الأزرق.. شعرت وكأني الوحيدة التي تكشف وجهها هناك، وكانت تجربة فريدة”.

وتبعد مزار شريف 20 كيلومترا عن بلخ، وهي مدينة صغيرة تابعة لولاية تحمل الاسم ذاته.

لاحقا، انتقلت الرحالة البحرينية جوا من مزار شريف إلى ولاية هرات، التي قالت إنها مختلفة عن بقية المدن؛ نظرا لأن سكانها لديهم “انفتاح أكبر”.

وتصف تجربتها بالقول: “شعرت في هرات بشعور مختلف فيما يتعلق بأجواء الانفتاح. إنها أقرب لإيران في كثير من النواحي، بما في ذلك اللغة الفارسية. كانت هناك مرشدات معي وهي المدينة الوحيدة التي وجدت فيها مرشدات من النساء”.

ثم غادرت يوسف تلك الولاية متجهة إلى قندهار، في رحلة برية استمرت 9 ساعات، لكن الصدمة الأولى قبل المغادرة إلى هناك جاءت من سائق سيارة الأجرة، الذي رفض في البداية ركوبها كونها امرأة وحيدة.

وتحكي شعورها: “أدركت أني أغادر إلى المجهول عندما رفض سائق التاكسي في هرات هذه الرحلة خوفا على سلامته عند الوصول لقندهار، لكن بعد مشاورات تمت عبر المرشدات اللواتي يتحدثن الإنكليزية، قررنا المضي قدما ومعنا شخص ثالث في الرحلة، هو فتى صغير لا يزيد عمره عن 14 عاما، وهو من أقرباء السائق”.

رشا تعتقد أن هذه التجربة تستحق المغامرة

رشا تعتقد أن هذه التجربة تستحق المغامرة

وواصلت حديثها: “كان الطريق ممتعا بالحديث مع ذلك الفتى الذي يجيد الإنكليزية أيضا، وكان يترجم حديثي مع سائق التاكسي الذي طلب مني تغطية وجهي قبل الوصول لقندهار. ولأني لا أملك شيئا لتغطية وجهي، لجأت للكمام الجراحي وعندها أدركت أني وصلت إلى (طالبان لاند)”.

ومضت في قولها: “كنت خائفة هناك، لكن الأمور سارت على ما يرام قبل أن أعود لكابل، حيث شعرت بهزة أرضية عنيفة عندما كنت في غرفتي بالفندق خلال آخر يوم من رحلة أفغانستان، التي شهدت أثناء إقامتي فيها 3 تفجيرات”.

“مخجل إنسانيا”

ومع ذلك، ترى يوسف أن تجربتها “تستحق المغامرة وتستحق أيضا أن تكررها مستقبلا في وضع أفضل”، رغم أنها قالت إن الدولة “غير مهيأة للسياحة”، مع “تدهور البنية التحتية الأساسية، وتواضع الفنادق، والإجراءات الأمنية الصارمة في كل مكان”، على حد تعبيرها.

ووصفت شعورها بعد أن رأت الواقع المرير الذي تعيشه البلاد في ظل حكم طالبان بـ “المؤسف إنسانيا”، لا سيما النساء اللواتي يحرمن من التعليم.

وقالت إن النساء الكبيرات تعلمن ودرسن في ظل وجود الحكومة السابقة المدعومة من الولايات المتحدة، لكن أولئك الأمهات “يتحسرن” على بناتهن المحرومات من التعليم وبقية الحقوق الأساسية.

كذلك، لاحظت يوسف خلال الرحلة وجود عمالة من الأطفال “بأعداد مهولة ممن هم تحت سن السادسة أو السابعة من العمر، مما لا يبشر بالخير.. فهناك خسارة لمستقبل جيل كامل”، وفق تعبيرها.

وتابعت: “هذا مخجل إنسانيا؛ لأننا لا نستطيع أن نفعل لهم شيئا”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *