بيان للفاتيكان بشأن غزة يثير غضب إسرائيل

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 10 دقيقة للقراءة

أعادت تصريحات محمد دحلان (62 عاما)، المستشار السابق لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الحديث عن فكرة أن يتولى مسؤولية قطاع غزة زعيم فلسطيني، وأن تلعب دول عربية دورا في حفظ الأمن في القطاع.

وتشير مقابلة، أجرتها معه صحيفة نيويورك تايمز من مقر إقامته في الإمارات، التي انتقل إليها بعد خلافه مع عباس، إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه المسؤول الأول السابق عن الأمن في غزة، في أي مستقبل للقطاع الذي تحكمه حركة حماس.

وتحدث دحلان في المقابلة عن الخطط “السرية” التي يناقشها القادة العرب في ما يتعلق بغزة بعد الحرب في غزة، التي بموجبها، سيتولى زعيم فلسطيني جديد مسؤولية غزة، وأجزاء من الضفة الغربية التي تديرها حاليا السلطة الفلسطينية.

وقال دحلان إن هذا القائد الجديد سيحل محل عباس، الذي سيحتفظ بدور شرفي.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين فلسطينيين، تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما، أن مسؤولون من 6 حكومات عربية اجتمعوا في السعودية الأسبوع الماضي لمناقشة مستقبل غزة والحاجة إلى وقف إطلاق النار.

وقال دحلان، رئيس جهاز الأمن الوقائي السابق، الذي كان على خلاف مع عباس منذ فترة طويلة: “لا عباس، لا حماس… أشخاص جدد سيتولون في السلطة الفلسطينية”.

وأضاف أن الإدارة الفلسطينية الجديدة يمكن أن تدعو الدول العربية الصديقة لإرسال قوات للمساعدة في حفظ النظام في غزة، مشيرا إلى أن دولا مثل الإمارات والسعودية ستكون مستعدة للمساعدة وتمويل إعادة الإعمار.

وتابع: “إذا كان هناك حل الدولتين، فالإجابة هي نعم كبيرة” وأضاف أن “الدول العربية الرئيسية حريصة جدا على تسوية هذا الصراع.. ليست الحرب، بل الصراع بأكمله”.

ورفضت السعودية ومصر التعليق على الخطة التي وصفها دحلان.

ولم يتناول بيان إماراتي أرسل للصحيفة الخطة بشكل مباشر، لكنه قال إن “مساهمتنا في أي جهد لإعادة الإعمار في غزة ستكون مشروطة” بالالتزامات تجاه تحقيق “حل الدولتين”.

لكن هذه الخطة سوف تواجه تحديات كبير، فرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أكد على الاحتفاظ بالسيطرة “الأمنية الشاملة” على غزة والضفة الغربية، رافضا قيام دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة.

وسيتطلب أي اقتراح بشان مستقبل القطاع أيضا موافقة حماس، التي لا تزال تسيطر على جزء من جنوب غزة.

وكانت الولايات المتحدة أعلنت أكثر من مرة، خلال زيارات مسؤولين أميركيين للضفة الغربية، بعد اندلاع الحرب، عن رغبتها في أن تلعب السلطة الفلسطينية دورا في غزة بعد الحرب.

وتوجه مسؤولون أميركيون بارزون إلى الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة للقاء عباس على أمل أن يتمكن الرئيس البالغ من العمر 88 عاما من إصلاح سلطته الفلسطينية التي لا تحظى بشعبية كافية لإدارة غزة.

وعباس الذي كان مهندس اتفاقات أوسلو للسلام مع إسرائيل عام 1993، التي أنعشت الآمال في إقامة دولة فلسطينية، شهد شرعيته تتقوض بشكل مطرد بسبب بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وفق رويترز.

ويعتبر العديد من الفلسطينيين الآن إدارته فاسدة وغير ديمقراطية وبعيدة عن الواقع.

وقال ثلاثة فلسطينيين ومسؤول إقليمي كبير للوكالة، الشهر الماضي، أن مقترحات واشنطن، خلف الأبواب المغلقة، تشمل  تنازل عباس عن بعض سيطرته على السلطة، وإنه يمكن لعباس أن يعين نائبا له، ويسلم صلاحيات تنفيذية أوسع لرئيس وزرائه، ويدخل شخصيات جديدة في قيادة المنظمة.

وعن موقف الدول العربية، نقلت “سي أن أن”، الشهر الماضي، عن دبلوماسي غرب أن المسؤولين العرب أوضحوا في محادثات سابقة أنهم ليسوا متحمسين للمشاركة في قوة دولية لتوفير الأمن في غزة بعد الحرب.

وقال سفير عربي للشبكة الأميركية إن بلاده “لن تقوم على الإطلاق” بنشر أي من قواتها في غزة بعد الحرب.

في غضون ذلك، أوردت مجلة فورين بوليسي أن إدارة بايدن “تضع الأساس لصفقة كبيرة طموحة من شأنها أن تربط التقارب بين إسرائيل والسعودية بخطوات جوهرية نحو إقامة الدولة الفلسطينية”، وفقا لتسعة محللين ومسؤولين حكوميين أميركيين سابقين مطلعين على الخطط.

وتستند الخطة التي تعمل عليها الإدارة على فكرة إبرام اتفاق دفاعي أميركي سعودي في مقابل أن تطبع السعودية علاقتها مع إسرائيل، مع موافقة جميع الأطراف على صياغة خطوات نحو إقامة الدولة الفلسطينية.

هل يلعب دحلان دورا؟

ومع تزايد الدعوات لوقف إطلاق النار في غزة، زادت التساؤلات عن الشخص الذي يتمتع بالمصداقية للمساعدة في التوسط في اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وكان دحلان ينظر إليه ذات يوم من قبل واشنطن والعالم العربي على أنه الوسيط بين تل أبيب وغزة.

وأمضى دحلان الجزء الأكبر من العقد الماضي في الإمارات من دون منصب رسمي في الحكومة الفلسطينية.

وفي مقابلة أجريت معه في 15 نوفمبر الماضي في دبي، قال دحلان إنه بينما يعتقد أن الولايات المتحدة وحدها القادرة على التوصل إلى اتفاق سلام دائم، فإن دور الرئيس  بايدن في الصراع يخاطر بأن تستمر المقاومة الفلسطينية ” إلى ما لا نهاية”.

ونشأ دحلان في خان يونس، في جنوب غزة، المدينة ذاتها التي نشا فيها يحيى السنوار، زعيم حماس الذي أشرف على هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل.

وكان دحلان في الخارج حين سيطرت حماس على القطاع بالقوة عام 2007، وبعد انتقاله إلى الضفة الغربية تم طرده من حركة فتح عام 2011.

وتقول نيويورك تايمز إن شعبيته التي زادت والتكهنات بأنه سيكون خليفة عباس أدت إلى ظهور توترات مع الأخير.

وفي عام 2014، أدين دحلان غيابيا من قبل السلطة الفلسطينية بتهمة الاختلاس.

وفي الإمارات، التي انتقل إليها، عمل مستشارا لرئيس البلاد الحالي محمد بن زايد، وظل أيضا نشطا في السياسة الفلسطينية، فقد كان يشرف على حزب سياسي كان يُنظر إليه على أنه صانع ملوك محتمل خلال الحملة الانتخابية لعام 2021 في الضفة الغربية وقطاع غزة، قبل إلغاء التصويت.

وهو ينسق بانتظام مع زعماء المعارضة الفلسطينية الآخرين.

ويقول محللون إنه يمثل قوة كبيرة في السياسة الفلسطينية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى مساعدته في توجيه الأموال الإماراتية إلى غزة.

وقال معين رباني، خبير السياسة الفلسطينية، عن دحلان الذي يتمتع بعلاقات وثيقة بأفراد الأسرة الحاكمة في الإمارات: “إنه رجل الرئيس الإماراتي في السياسة الفلسطينية”، وفق تصريحاته للصحيفة الأميركية.

وبنى دحلان علاقات وثيقة مع كبار مسؤولي حماس في السنوات الأخيرة، وفقا لغيث العمري، محلل الشؤون الفلسطينية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

وقال جهاد حرب، المحلل المقيم في رام الله بالضفة الغربية: “إنه سياسي فلسطيني بارز يتمتع بشبكة واسعة من الدعم في غزة. إن الملايين التي حولتها الإمارات إلى غزة من خلاله لم تؤد إلا إلى تعزيز مكانته هناك”.

ورغم أن الإسرائيليين نظروا إلى دحلان على أنه شريك محتمل، فقد أظهر القليل من التعاطف مع المخاوف الإسرائيلية في المقابلة.

ورفض فكرة محاولته إقناع إسرائيل بالحاجة إلى إقامة دولة فلسطينية. وقال: “ليست وظيفتي إقناع الإسرائيليين”.

وتشير كتاباته على مواقع التواصل الاجتماعي إلى انتقادات لإسرائيل.

ورغم اعتباره خليفة محتملا لعباس. قال دحلان في المقابلة إنه غير مهتم بتولي دور قيادي رسمي.

ومن غير المرجح أن يكون دحلان في عجلة من أمره لمغادرة الإمارات، لكنه أنفق الكثير من الوقت والمال في إصلاح الشبكات التي على صلة بها في الضفة الغربية وقطاع غزة، مما يشير إلى أن لديه تطلعات سياسية طويلة المدى، وفق العمري.

ومثل غيره من كبار السياسيين الفلسطينيين، أحجم دحلان عن إدانة الهجوم الذي قادته حماس في السابع من أكتوبر، لكنه انتقد قادة الحركة قائلا إن سكان غزة يدفعون ثمن تصرفاتها.

وقال السياسي الفلسطيني: “الاعتماد على الأشخاص الذين يعانون ليس قيادة… الشعب الفلسطيني يريد أن يعيش”.

وتتجنب حركة فتح ومسؤولون في السلطة الفلسطينية الإعلان عن موقف مؤيد للهجوم الذي نفذته حركة حماس، أو التضامن العملي معها، رغم التنديد بسقوط المدنيين نتيجة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *