بوليفيا.. وزيرة الخارجية الجديدة تبين موقفها من القضية الفلسطينية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

تعترض هدف إسرائيل المعلن بـ”تدمير حركة حماس” في قطاع غزة شكوك لا تقتصر إثارتها على محللين ومراقبين فحسب، بل على مسؤولين كان آخرهم مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، ورئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

وبحسب تعبير بوريل، فإن “حماس هي أكثر من منظمة إرهابية”، وقال خلال مشاركته في منتدى الاتحاد من أجل المتوسط المنعقد في برشلونة، مضيفا أنها “فكرة، ولا يمكن القضاء عليها إلا عندما يوجد بديل يعطي للفلسطينيين أفقا واضحا”.

في المقابل، أضاف رئيس الوزراء القطري في تصريح منفصل لصحيفة “فاينانشال تايمز” أن “الهدف الإسرائيلي في القضاء على حماس في غزة ليس واقعيا”. واعتبر أن “تدميرها بمواصلة الحرب لن يحدث أبدا، ولن يؤدي إلا إلى تأجيج خطاب التطرف”.

وتطلق الشكوك تساؤلات حول مآلات الهدف الذي يضعه المسؤولون الإسرائيليون على رأسهم رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، وإن كان “مستحيلا بالفعل” والاعتبارات التي تحكم القضية.

كما تطلق، وقبلها تحليلات لباحثين في وسائل إعلام غربية، تساؤلات تتعلق بالبنية الخاصة بحماس في غزة، وما إذا كانت الأصوات الشعبية في القطاع المحاصر تؤيد ما أقدمت عليها في السابع من أكتوبر، وبالتالي الدور الذي تشكله المعارضة منها على مستقبلها سواء الآن أو في مرحلة “ما بعد الحرب”.

“نظرتان في إسرائيل”

وتعتقد داليا شيندلين، وهي خبيرة استطلاعات رأي ومحللة سياسية إسرائيلية أن “الرأي العام في إسرائيل يؤيد هدف تدمير حماس، خاصة أنه لا يوجد شيء لدى الشارع سوى الغضب” تجاه الحركة.

لكنها تشير في حديث لموقع “الحرة” إلى محليين سواء عسكريين أو سياسيين، وأن “هؤلاء يقومون بتحليل الصراع ولديهم شك كبير في إمكانية وجود أي إجراء موضوعي لتدمير حماس بالكامل من ناحية قدراتها العسكرية والحكومية”. 

وتضيف: “يمكن على الأقل أن تعتبر فكرة تدمير قدراتها العسكرية أكثر قابلية للقياس إلى حد ما من حيث أعداد المقاتلين الذين قتلوا، أو كبار القادة الذين تم تصفيتهم أو الأسلحة المستخدمة أو التي تم تدميرها”.

ومع ذلك توضح الخبيرة أن “فكرة تدميرها كقوة حاكمة هو أمر يشكك معظم الناس فيه باعتبار أنه لا يمكن تحقيقه بالكامل ونظرا لعمق ترسخ حماس في المجتمع الفلسطيني”.

ويعتبر أحمد رفيق عوض، رئيس “مركز القدس للدراسات”، أن “مراهنة إسرائيل على انقلاب المواطنين في غزة ضد حماس لا تبدو صحيحة، لأن الحركة لها جمهورها المخلص ولها مناصرون”.

كما أن الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على غزة والضحايا المدنيين بالآلاف “لا يجعل الناس معتدلين بل يقودهم إلى مزيد من التطرف وهو ما خسرته إسرائيل”، حسب تعبير عوض.

ويقول لموقع “الحرة”: “إسرائيل خسرت التسوية مع الفلسطينيين. هي اتهمت حماس بأنها هدمت فكرة الدولة الفلسطينية، لكن هي نفسها.. هدمت فكرة التسوية وربما إلى الأبد”.

ويشير الكاتب والمحلل السياسي، ماجد عزام، إلى أن “القضاء على حماس طرح في النقاش منذ اليوم الأول للحرب”، وأن “إيهود باراك (وزير الأمن الإسرائيلي السابق) سبق وأن أكد على صعوبته بقوله إن حماس تستوطن في العقل والقلب”.

على مدى الأيام الماضية، يوضح عزام لموقع “الحرة” أن “إسرائيل غيّرت من خطابها وباتت تتحدث عن “القضاء على حماس بالمعنى العسكري والسلطوي”.

ويضيف: “بمعنى تدمير المباني السلطوية واغتيال القادة”، وأن “تغير الخطاب جاء كتعبير واضح على استحالة القضاء على حماس كحركة”.

“الحكومة رهينة التزام”

وقبل الهدنة التي مر عليها ثلاثة أيام كان الجيش الإسرائيلي قد دخل إلى مدينة غزة ومناطق في شمال القطاع، وأعلن “السيطرة العملياتية” على عدة مواقع بينها مؤسسات حكومية لحماس.

ويواصل التهديد في الوقت الحالي رغم توقف القصف والعمليات العسكرية بالتوجه مناطق جنوبي القطاع، وهي مهمة سبق وأن اعتبرها مراقبون بأنها “ستمثل أصعب المراحل”.

ويريد الجمهور في إسرائيل في الوقت الحالي “عودة الأسرى وفي نفس الوقت الانتصار في الحرب”، ويقول عكيفا إلدار وهو كاتب عمود في صحيفة “هآرتس” إن “الحكومة وعدت بتدمير حماس وهي الآن رهينة التزاماتها”.

ولا يرى إلدار أي بوادر حل سياسي لتحقيق هذا الهدف، ويعتقد في حديث لموقع “الحرة” أن “هذا الخيار يجب أن يأتي من واشنطن”.

ويوضح الباحث الفلسطيني، عزام أن “الأصوات التي تؤكد أنه من المستحيل القضاء على حماس يتم استخدامها في الوقت الحالي كمدخل للذهاب إلى الحل السياسي”.

لكن الحكومة الإسرائيلية لا تريد المضي بالخيار السلمي.

ويضيف عزام: “نتانياهو يتباهى بأنه سينتصر في الحرب ويمنع الدولة الفلسطينية، لكن هناك ضغوط بأن النافذة الزمنية والسياسية للحرب مرتبطة بخيار اليوم التالي والعودة للعملية السياسية وحل الدولتين، باعتباره الحل الوحيد للصراع من جذوره، ولمنع أي محاولات انفجار في المستقبل”.

“صراع داخلي خطير”

وفي تقرير لها الأسبوع الماضي، رأت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية أن “عدم وجود خطة واضحة لكيفية إدارة غزة إذا تمت الإطاحة بحماس يعني أن القوات الإسرائيلية قد ينتهي بها الأمر إلى الانتشار في القطاع لفترة طويلة من انتهاء القتال”.

وطرحت الصحيفة “سؤالا أكبر” هو ما إذا كان من الممكن تدمير مجموعة ظلت متجذرة بعمق في نسيج الجيب لمدة 16 عاما، وتمثل أيديولوجية بقدر ما تمثل كيانا سياسيا وعسكريا، في إشارة إلى حماس.

وترى الخبيرة في استطلاعات الرأي، شيندلين، أن حماس تمثل بالفعل أيديولوجية لكن مع قدرة سياسية وعسكرية في آن معا، وتقول: “السكان الذين يدعمونها على مر السنين هم في أغلب الأحيان مسلمون أكثر تدينا”.

وفي الوقت نفسه، تعتقد الخبيرة أن “الكثير من الناس يدعمونها إلى حد كبير كمعارضة لفتح”، وبما أن “أيديولوجيتها لا تتعلق فقط بالإسلام السياسي، بل أيضا بفكرة أن أفضل استراتيجية فيما يتعلق بالتعامل مع إسرائيل هي الاستراتيجية العسكرية”، توضح شيندلين أن ذلك “أمر يؤيده العديد من الفلسطينيين”.

وتضيف: “..من خلال الروايات المتناقلة أسمع بطريقة واسعة النطاق إلى حد ما من الفلسطينيين، بما في ذلك من سكان غزة أنه كان هناك الكثير من الاستياء منها قبل الحرب وبعدها”. 

ومن الصعب للغاية تتبع عملية الاقتراع في ظل النزوح الشديد والقسري في قطاع غزة، ومع ذلك تتوقع شيندلين أن “تواجه حماس صراعا داخليا خطيرا في مرحلة ما”.

وتشير من جانب آخر إلى أنه “من غير المعروف كيف ستبدو قيادة حماس عندما تنخفض حدة الأعمال العدائية. ربما تكون عاجزة إلى حد كبير بحلول ذلك الوقت”، حسب تعبيرها.

“فكرة وليست بنية”

ومنذ ثلاثة أيام، تعمل حماس على تنفيذ بنود صفقة الهدنة التي توصلت إليها مع إسرائيل بوساطة قطرية، ومن المقرر أن يتم تمديد الأيام الأربعة إلى يومين إضافيين، بحسب ما أعلنت الدوحة، ليل الاثنين.

ولا يعرف ما إذا كانت عملية التمديد سيتم السير فيها خلال الأيام المقبلة، وخاصة أن لدى الحركة الكثير من الرهائن المدنيين، وآخرين من الأسرى العسكريين.

ويعتقد عوض، أن “حماس ستصبح لكثيرين من الشعب الفلسطيني أنها فعلت ما لم يفعله أحد”، وأنها “استطاعت أن تضع إسرائيل عند حدها”.

كأي شعب آخر يقول رئيس “مركز القدس للدراسات”، إن “الفلسطينيين منقسمون على أي فكرة”، وبينما يرى حماس كذلك يضيف أنها “لا تموت وقد تظهر في مكان آخر”.

ويعتبر عوض أن “الهدنة الجارية بمثابة الاعتراف عمليا بحماس، وتشكل تنازلا من جانب إسرائيل عن لائاتها التي بدأت بها الحرب”.

ورغم أن “الحركة قد تكون ضعيفة” في مرحلة لاحقة، يتابع عوض: “قد تطلب شراكة سياسية، وتندمج في البيت الفلسطيني كي تتخلص من تهمة الإرهاب. هي جزء من المشهد الفلسطيني الحالي والمستقبلي ولا أحد يستطيع أن يحذفها”.

وهناك أصوات إسرائيلية تؤكد وجود معارضة لحماس في قطاع غزة، وهو ما يراه الباحث عزام “صحيحا”، لكنه يوضح في المقابل أن ذات الأصوات “تقول إنه يجب العودة للعملية السياسية وأنه يجب إتاحة المجال للحل السياسي”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *