كشف تقرير نشرته صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية عن تراجع أحجام تجارة روسيا مع الشركاء الرئيسيين مثل تركيا والصين في الربع الأول من هذا العام، وذلك عقب استهداف واشنطن للمصارف الأجنبية التي تساعد روسيا في الحصول على منتجات مهمة لدعم جهودها الحربية.
وذكر مسؤولون غربيون و3 من كبار الممولين الروس أن الأمر التنفيذي الأميركي، الذي جرى تفعيله، أواخر العام الماضي، دفع المقرضين إلى التخلي عن نظرائهم الروس وتجنب المعاملات في مجموعة من العملات.
ونقلت الصحيفة اللندنية عن نائبة مساعد وزير الخارجية للشؤون العالمية في وزارة الخزانة الأميركية، آنا موريس، قولها إنه قد “أصبح من الصعب على روسيا الوصول إلى الخدمات المالية التي تحتاجها للحصول على هذه السلع”.
وتابعت: “ذلك يهدف بالتأكيد إلى جعل تدفق هذه الأموال أكثر صعوبة، بما يزيد زيادة التكلفة على الروس”.
وأوضح المسؤولون والممولون أن الالتفاف على القيود سوف يتطلب شبكة متنامية من الوسطاء لتجنب التدقيق التنظيمي حتى لو كانت المعاملات النقدية لا علاقة لها بآلة الحرب الروسية، مع زيادة تكاليف تحويل العملة والعمولات.
ولفت أحد المسؤولين الغربيين الذين تحدثوا إلى الصحيفة إلى أن “الأمر يزداد صعوبة كل شهر.. وفي غضون 6 أشهر لن تتمكن موسكو من فعل أي شيء”.
من جانبه، قال أحد كبار المستثمرين الروس إن: “نقطة النهاية المنطقية لهذا الأمر هي جعل روسيا مثل إيران”، في إشارة إلى تأثير العقوبات المالية الصارمة المفروضة على طهران.
تقرير يكشف بالأرقام حالة الاقتصاد الروسي الذي مزقته الحرب
يؤشر رفع البنك المركزي الروسي، لسعر الفائدة، هذا الأسبوع، على تراجع الاقتصاد في هذه الدولة التي أنهكتها الحرب التي أعلنها الرئيس فلاديمير بوتين ضد أوكرانيا منذ أكثر من عام.
ويعني الأمر التنفيذي الأميركي باستهداف البنوك في البلدان التي سجلت ارتفاعات حادة في التجارة مع روسيا بعد أن فرض الغرب عقوبات عقب الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في 24 فبراير من العام 2022.
وحسب التقرير، فقد ارتفعت صادرات تركيا من السلع “ذات الأولوية القصوى” – وهي مواد مخصصة للاستخدام المدني في الأساس لكنها تعتبر بالغة الأهمية للمجهود الحربي، مثل الرقائق الدقيقة – إلى روسيا وخمس دول سوفياتية سابقة بعد الحرب على أوكرانيا.
ووفقًا لمراقب بيانات التجارة، فقد وصل الحجم إلى 586 مليون دولار في العام 2023، أي بزيادة خمسة أضعاف عن أحجام ما قبل الحرب، بيد أنه وفي الربع الأول من هذا العام، انخفضت صادرات تركيا إلى موسكو على أساس سنوي إلى 2.1 مليار دولار.
وانخفضت قيمة صادرات أنقرة المعلنة من السلع ذات الأولوية العالية إلى روسيا والدول المجاورة لها بنسبة 40 في المئة، إلى 93 مليون دولار في الربع الأول من العام 2024 مقارنة بالربع السابق، مما يظهر تأثير الأمر التنفيذي.
كيف خنقت العقوبات مشروع بوتين الطامح لمنافسة قناة السويس؟
صمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير في وجه العقوبات الغربية المفروضة منذ الحرب التي شنتها موسكو ضد أوكرانيا، لكن تقرير لوكالة “بلومبيرغ” سلط الضوء على كيف خنقت تلك العقوبات طموحات الرئيس فلاديمير بوتين في مجال الغاز بمنطقة القطب الشمالي.
وقال مسؤولون وخبراء أميركيون إن الانخفاض الحاد في الصادرات المرتبطة بالحرب يُعزى إلى خوف البنوك من ردة فعل الولايات المتحدة، التي يمكن أن تتعقب أي معاملة بالدولار وتشل المقرضين من خلال استبعادهم من النظام المالي القائم على العملة الأميركية.
وكانت وكالة الجمارك الروسية أعلنت في وقت سابق أن صادرات موسكو إلى أوروبا انخفضت بأكثر من الثلثين في عام 2023، إذ خفض الاتحاد الأوروبي بشكل كبير مشترياته من النفط والغاز الروسي، حسب وكالة “تاس”.
وانخفضت صادرات روسيا إلى أوروبا بنسبة 68 في المائة في عام 2023 إلى 84.9 مليار دولار، وفقا لبيانات هيئة الجمارك.
وذكرت وكالة “تاس” أن الصادرات إلى آسيا، التي حلت محل أوروبا كأهم سوق للطاقة الروسية، ارتفعت بنسبة 5.6 في المائة إلى 306.6 مليار دولار.