نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، التقارير التي أفادت بموافقة البلاد على إطار عمل طُرح خلال مباحثات جرت في باريس للتوصل إلى اتفاق جديد مع حماس، فيما جددت الأخيرة تمسكها بشرط “وقف شامل” للحرب، قبل إبرام أي اتفاقات.
وجاء تعليق رئاسة الوزراء الإسرائيلية، ردا على تقارير إعلامية غربية، أوردت أن إسرائيل اتفقت مع الولايات المتحدة ومصر وقطر على إطار عمل يفضي إلى صفقة تشمل الإفراج عن الرهائن المحتجزين بقطاع غزة على مراحل، مقابل إطلاق سراح الآلاف من السجناء الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وأكد مكتب نتانياهو، بحسب ما نقله موقع هيئة البث الإسرائيلي (مكان)، أن إسرائيل “لن توقف القتال حتى تحقيق النصر التام”.
وكانت شبكة “إن بي سي نيوز” الأميركية قد قالت، إن “المفاوضين في محادثات باريس، توصلوا إلى اتفاق بشأن إطار عمل يمهد لصفقة جديدة للرهائن”.
وبموجب هذا الاتفاق، وفق الشبكة، “سيتم إطلاق سراح الرهائن الأميركيين والإسرائيليين المتبقين على مراحل؛ تبدأ أولاها بالنساء والأطفال، موازاة مع وقف تدريجي للقتال وتوصيل المساعدات إلى غزة، إلى جانب إطلاق سراح سجناء فلسطينيين.
وعلى الجهة المقابلة، قالت حركة حماس، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، الإثنين، إنها وما يعرف بـ”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، تصران على أن إسرائيل “لا بد أن توقف هجومها على غزة، وتسحب قواتها من القطاع، قبل إبرام أي اتفاق لتبادل الرهائن والسجناء”.
والجبهة هي ثاني الفصائل الرئيسية في منظمة التحرير الفلسطينية، بعد حركة فتح التي ينتمي إليها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس. وانضمت إلى قتال إسرائيل بعد هجوم السابع من أكتوبر، وفقا لرويترز.
وشددت حماس في بيانها، على أنها لن تطلق سراح أكثر من 100 رهينة ما زالوا في غزة، “حتى تسحب إسرائيل قواتها من القطاع وتوافق على وقف كامل لإطلاق النار”.
وقال المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس، طاهر النونو، لوكالة فرانس برس: “نتحدث أولا عن وقف إطلاق نار شامل وكامل، وليس عن هدنة مؤقتة”، معتبرا أنه حينها “يمكن بحث باقي التفاصيل”.
“أمل حقيقي”
وفي سياق متصل، أوضح البيت الأبيض، الإثنين، أن المفاوضات الرامية إلى التوصل لاتفاق جديد بين إسرائيل وحماس بشأن الرهائن “بناءة، لكن لا يزال يوجد الكثير من العمل الذي يتعين القيام به”.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، للصحفيين، إن واشنطن تسعى إلى التوصل لهدنة إنسانية، بمدة كافية تسمح بالإفراج عن عدد كبير من الرهائن.
والأحد، عقد في باريس، اجتماع ضم مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز، ومسؤولي الاستخبارات المصرية والإسرائيلية، ورئيس الوزراء القطري.
والإثنين، أعلن رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال لقاء استضافه مركز “أتلانتيك كاونسل” للبحوث في واشنطن، أنه سيتم عرض مقترح على حماس لوقف القتال في غزة وإطلاق سراح الرهائن.
وقال إنه، جرى إحراز “تقدم جيد” خلال المحادثات هذا الأسبوع في باريس، حسبما نقلته “فرانس برس.
وأضاف أن الأطراف “تأمل في نقل هذا الاقتراح إلى حماس وإقناعها بالمشاركة في العملية بشكل إيجابي وبناء”، مشيرا إلى أن حماس قدمت “مطلبا واضحا” بـ”وقف دائم لإطلاق النار قبل المفاوضات”، وأن المقترح الحالي “قد يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار في المستقبل”.
بدوره، عبر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، عن أمله بالتوصل لاتفاق يقضي بوقف القتال في غزة، مقابل الإفراج عن رهائن.
وقال إثر لقائه برئيس الوزراء القطري، في واشنطن: “أنجز عمل مهم جدا وبناء. وهناك بعض الأمل الحقيقي بينما نمضي قدما”.
وسبق أن توسطت قطر ومصر والولايات المتحدة، في اتفاق هدنة، أواخر نوفمبر الماضي، أفرج بموجبه عن أكثر من 100 من بين حوالي 250 رهينة خطفوا من إسرائيل خلال هجوم 7 أكتوبر، وعن معتقلين فلسطينيين من النساء والقصر من السجون الإسرائيلية. كما تم تعليق القتال لأسبوع وأُدخلت مساعدات إلى غزة.
ووفق السلطات الإسرائيلية، لا يزال 132 رهينة محتجزين في قطاع غزة، يعتقد أن 28 منهم لقوا حتفهم.
تفاصيل الإطار المقترح
وذكر مسؤولون لصحيفة “وول ستريت جورنال”، أن الخطوط العريضة للصفقة التي تمت مناقشتها في باريس، تشمل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين في غزة على مراحل، مع وقف إطلاق النار لمدة شهرين تقريبا، وخلال هذه الفترة سيتم إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب.
من جانبها، نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، عن مسؤولين، أن الخطة المقترحة تنص على وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، يتم خلالها تبادل رهائن بسجناء فلسطينيين.
وأضاف المسؤولون، أن المحادثات لا تزال في مرحلة مبكرة، وسيكون هناك حاجة إلى وضع الكثير من التفاصيل، إذا وافقت حماس على البدء في البناء على إطار العمل المقدم.
ووفقا لـ”نيويورك تايمز”، ستقدم قطر الاقتراح إلى القادة السياسيين لحماس، الذين سينقلونه للقادة العسكريين للحركة في غزة، مشيرة إلى أن هذه العملية قد تستغرق “أياما أو حتى أكثر، لكون قادة حماس العسكريين يختبئون في أنفاق عميقة تحت القطاع”.
وقال المسؤولون الذين وافقوا على التحدث بشرط عدم الكشف عن هويتهم، إنه بموجب الإطار المقترح، ستطلق حماس أولا سراح الرهائن المسنين والنساء والأطفال، خلال فترة توقف مدتها 6 أسابيع.
وستكون هذه مرحلة أولى من ضمن 3 أخرى.
وقدر مسؤولون إسرائيليون، أن عدد الرهائن الذين سيفرج عنهم، خلال هذه المرحلة، يتراوح بين 30 إلى 35، لكن الصحيفة تذكر أن الرقم الفعلي لا يزال غير معروف لدى المفاوضين.
وقال المسؤولون المطلعون على المحادثات، إنه إذا تم تنفيذ المرحلة الأولى من المقترح بتبادل الرهائن بالمسجونين خلال فترة توقف مدتها 6 أسابيع في الحرب، فمن الممكن تفعيل المرحلتين الأخريين بشروط مماثلة، بعد الانتهاء من تفاصيلها.
وأضافوا أن حماس “قد تقوم في نهاية المطاف بتحرير جميع الرهائن، بمن فيهم الجنود الذكور، وجثث المتوفين”.
وأوضح مسؤولون، أن بعض ممثلي الدول المشاركة في المحادثات، يأملون في أن يؤدي الالتزام بالمراحل المقترحة إلى وقف دائم لإطلاق النار.
من جانبها، ذكرت “القناة 12” الإسرائيلية، أن الاتفاق يتمحور حول وقف القتال لمدة 45 يوما، مقابل إطلاق سراح 35-40 رهينة في المرحلة الأولى.
في المقابل، سيتم إطلاق سراح ما بين 100 إلى 250 سجينا فلسطينيا مقابل كل رهينة. وسيعقب ذلك إطلاق سراح المزيد من السجناء مقابل تمديد الهدنة، ونسبة أكبر من السجناء الفلسطينيين المفرج عنهم لكل رهينة.
بدورها، ذكرت صحيفة “إسرائيل هيوم”، أن رؤساء جهازي الموساد والشاباك، أبلغوا محاوريهم القطريين والمصريين والأميركيين، بأن إسرائيل “مستعدة للتحلي بالمرونة بشأن طول فترة وقف القتال، وعدد السجناء المفرج عنهم، وحجم المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها، لكنها لن توافق تحت أي ظرف من الظروف على إنهاء الحرب”.
وأشارت هيئة البث الإسرائيلية، إلى أنه من المرتقب أن يناقش مجلس الحرب، مساء الثلاثاء، تفاصيل الصفقة المطروحة.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الإثنين، ارتفاع حصيلة العملية العسكرية الإسرائيلية منذ بدء الحرب، إلى 26637 قتيلا، غالبيتهم من النساء والأطفال.
وأدى الهجومغير المسبوق الذي شنّته حماس على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر، إلى مقتل نحو 1140 شخصاً، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيليّة رسميّة.