بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الثلاثاء، محادثات في إسرائيل تركز على مستقبل الحرب على غزة ومنع توسع الصراع بالمنطقة، في وقت تحدثت فيه إسرائيل عن مرحلة جديدة تكون فيها العمليات العسكرية بالقطاع أقل كثافة.
والتقى بلينكن اليوم نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس والرئيس إسحاق هرتسوغ، وسيلتقي لاحقا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومجلس الحرب، وكان قد وصل مساء أمس إلى تل أبيب في زيارة هي الخامسة منذ اندلاع الحرب أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي ضمن جولة تشمل أيضا تركيا واليونان وقطر والسعودية والإمارات والضفة الغربية المحتلة ومصر.
وبالتزامن مع بدء المحادثات، أوردت وكالة “أسوشيتد برس” تصريحات لوزير الخارجية الأميركي -أدلى بها لصحفيين برافقونه في جولته- إن قادة تركيا والأردن وقطر والإمارات والسعودية اتفقوا على مساعدة غزة في الاستقرار والتعافي ورسم مسار سياسي مستقبلي، وأن هذه الدول ستبحث المشاركة في “اليوم التالي” للحرب في غزة.
وأضاف بلينكن أن هؤلاء القادة مستعدون لتقديم الالتزامات اللازمة لاتخاذ القرارات الصعبة وتحقيق كل هذه الأهداف، مشيرا إلى أنه سيعرض ما سماها “الالتزامات العربية” على نتنياهو ومجلس حربه والرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل تقديمها للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتابع أنه في كل مكان ذهب إليه وجد قادة مصممين على منع اتساع دائرة الصراع بالمنطقة.
وكان الوزير الأميركي قد قال قبل وصوله إنه “سينقل ما سمعه من قادة الدول التي زارها إلى المسؤولين الإسرائيليين”، وإنه “سيتحدث مع قادة إسرائيل بشأن الاتجاه المستقبلي لحملتهم العسكرية في غزة وعن رؤيته لمستقبل المنطقة وإسرائيل”.
وأضاف بلينكن قبيل مغادرته السعودية أنه وجد قادة المنطقة في الدول التي زارها عازمين على منع اتساع نطاق الصراع بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، موضحا أن جميع من تحدث إليهم يدركون حجم التحديات، ولا أحد يعتقد أن شيئا سيحدث بين عشية وضحاها.
في المقابل، قال مسؤولون إسرائيليون إنهم سيبلغون وزير الخارجية الأميركي بأن الفلسطينيين لن يعودوا إلى شمالي قطاع غزة ما لم تفرج حركة حماس عن مزيد من المحتجزين لديها.
وكانت قناة “إن بي سي” نقلت عن مسؤول أميركي رفيع أن “بلينكن سيبلغ إسرائيل بضرورة إنهاء الحملة العسكرية على غزة في أقرب وقت ممكن”، مضيفا أنه “سيطلب منها اللجوء لعمليات عسكرية مركزة لتقليل الضحايا من المدنيين”.
قوات سلام عربية؟
وفي الإطار نفسه، أعرب مسؤولون إسرائيليون لنظرائهم الأميركيين عن أملهم في أن توافق الدول العربية على إرسال قوة لحفظ السلام إلى غزة، لكنهم لم يطلبوا من واشنطن رسميا متابعة فكرة تشكيل قوة دولية متعددة الجنسيات في القطاع، لأنهم يعلمون أن ذلك من غير المرجح أن يحدث.
واقترح المسؤولون الأميركيون إعادة تدريب أفراد قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية من أجل توفير الأمن في قطاع غزة على المدى المتوسط والطويل.
مرحلة جديدة
وقبيل وصول الوزير الأميركي إلى تل أبيب، تواترت التصريحات الإسرائيلية عن استمرار الحرب لأشهر أخرى، ولكن بوتيرة أقل.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري أن “الجيش بدأ مرحلة جديدة وأقل كثافة في القتال بقطاع غزة”، مضيفا أن “المرحلة الجديدة ستشمل قوات برية وهجمات جوية أقل”.
وأضاف هاغاري أن إسرائيل ستواصل تقليل عدد القوات في غزة، وهي عملية بدأت في وقت سابق من يناير/كانون الثاني الجاري، بحسب قوله.
وزعم هاغاري أن شدة العمليات في شمالي قطاع غزة قد بدأت بالفعل في الانحسار، وقال إن “الجيش الإسرائيلي سيركز الآن على معاقل حركة حماس في وسط وجنوبي القطاع، وخاصة حول خان يونس ودير البلح”، مشيرا إلى أن القتال في هذه المناطق معقد، وسيستمر طوال العام الجاري.
ونقلت “نيويورك تايمز” عن مسؤولين أمريكيين أن إسرائيل بدأت في التحول من حملة برية وجوية واسعة النطاق في قطاع غزة إلى مرحلة أكثر استهدافا، مشيرة إلى أنّ مسؤولين إسرائيليين أبلغوا نظراءهم الأمريكيين أنهم يأملون في استكمال المرحلة الانتقالية بنهاية يناير/كانون الثاني الجاري، لكنهم أشاروا إلى أن الجدول الزمني ليس ثابتا.
وتوقع مسؤولون أميركيون أن تعتمد العملية الانتقالية الإسرائيلية في القطاع بشكل أكبر على ما وصفوه بـ”المهام الجراحية” التي تقوم بها مجموعات أصغر من قوات النخبة الإسرائيلية تتحرك داخل وخارج المراكز السكانية في غزة للعثور على قادة حركة حماس وقتلهم وإنقاذ “الرهائن” وتدمير الأنفاق.
وأشاروا إلى أن عدد القوات الإسرائيلية في شمالي قطاع غزة انخفض إلى أقل من نصف عدد الجنود البالغ عددهم نحو 50 ألف جندي كانوا موجودين حتى ديسمبر/كانون الأول الماضي خلال ذروة الحملة.